
أخبار ليبيا 24
-
عبد العاطي يهنئ تيتيه ويؤكد دعم مصر لحل ليبي-ليبي
-
الانتخابات والوحدة الوطنية.. محاور لقاء الخارجية المصرية والمبعوثة الأممية
-
مطالبات مصرية بخروج القوات الأجنبية وضمان استقرار ليبيا
-
تيتيه تشدد على تنسيق إقليمي لحل الأزمة الليبية
لقاء عبد العاطي وتيته.. مصر ترسخ دورها في حل الأزمة الليبية
في ظل استمرار التوتر السياسي والميداني في ليبيا، وتعدد المبادرات الدولية لحلحلة الأزمة، برز لقاء وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي،المبعوثة الأممية لدى ليبيا، ”حنا سيروا تيتيه“، كحدث دبلوماسي يحمل أبعادًا استراتيجية ورسائل واضحة تعكس رؤية مصر الثابتة تجاه الملف الليبي. اللقاء الذي عقد في القاهرة، لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل جاء ليؤكد على الدور المصري المحوري في حل الأزمة الليبية، ويبرز التحديات التي تواجه أي محاولة دولية للوصول إلى تسوية مستدامة.
رؤية مصرية ثابتة
منذ اندلاع الأزمة الليبية، حرصت القاهرة على تبني موقف ثابت يقوم على دعم الحل السياسي الليبي-الليبي، بعيدًا عن التدخلات الخارجية التي أثبتت على مدار السنوات الماضية أنها لم تؤدِ إلا إلى تعقيد المشهد. في لقائه مع تيتيه، شدد عبد العاطي على ضرورة الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة كخطوة جوهرية لإنهاء حالة الانقسام السياسي، مؤكدًا أن مصر لن تدخر جهدًا في مساعدة الأطراف الليبية على تحقيق هذا الهدف وفق الإطار الذي تضعه القرارات الدولية.

إصرار القاهرة على احترام المؤسسات الليبية يعكس التزامها بمبادئ السيادة الوطنية، وهو ما أكده عبد العاطي بقوله: “لا يمكن لأي حل أن ينجح دون توافق ليبي داخلي يحترم مؤسسات الدولة، ويضمن استقلالية قراراتها بعيدًا عن أي ضغوط خارجية.” من هنا، فإن التنسيق بين مصر وبعثة الأمم المتحدة يظل ركيزة أساسية لدفع المسار السياسي إلى الأمام.
ملفات شائكة على الطاولة
خلال اللقاء، تطرقت المناقشات إلى الملفات الأكثر تعقيدًا في الأزمة الليبية، وعلى رأسها مسألة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، والتي كانت محورًا أساسيًا في حديث عبد العاطي. فمصر ترى أن بقاء أي قوات أجنبية على الأراضي الليبية يمثل عقبة كبرى أمام تحقيق الاستقرار، ويفتح المجال لمزيد من الصراعات المسلحة والانقسامات.
من جانبها، أبدت تيتيه تفهمًا للمخاوف المصرية، مؤكدة أن الأمم المتحدة تدرك أهمية هذه المسألة، لكنها شددت على أن تحقيق هذا الهدف يتطلب تعاونًا إقليميًا ودوليًا، قائلة: “انسجام الدعم الدولي لحل الأزمة الليبية هو المفتاح الأساسي لتحقيق الاستقرار وإجراء انتخابات عادلة في أقرب وقت ممكن.”
دور الأمم المتحدة وتحديات المرحلة
المبعوثة الأممية الجديدة، التي تخوض غمار المشهد الليبي لأول مرة، تواجه تحديات عدة، أبرزها إعادة إحياء العملية السياسية المتعثرة، وإعادة ثقة الليبيين في المؤسسات الدولية. لذلك، سعت خلال لقائها مع عبد العاطي إلى التأكيد على أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ملتزمة بتقديم كل ما يلزم لضمان انتقال سياسي سلس، مشيرة إلى أن العمل المشترك مع الدول الإقليمية الفاعلة، وعلى رأسها مصر، سيكون مفتاح النجاح.
لكن التحدي الأبرز يظل كيفية التعامل مع الانقسامات الداخلية الليبية، حيث لا تزال الفجوة بين القوى السياسية والعسكرية في ليبيا واسعة، في ظل تضارب المصالح والاصطفافات الإقليمية. من هنا، فإن مهمة تيتيه لن تكون سهلة، بل ستتطلب جهودًا حثيثة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين.

مصر.. وسيط موثوق
لم يكن اختيار القاهرة كمحطة أولى لتيتيه مجرد صدفة، بل هو انعكاس لدور مصر كأحد اللاعبين الأساسيين في الملف الليبي. فمنذ سنوات، تبنت مصر موقفًا واضحًا يقوم على دعم المؤسسات الليبية الشرعية، وتعزيز الحوار بين الفرقاء الليبيين، مع رفض أي حلول تفرض من الخارج.
الدور المصري لم يقتصر على التحركات الدبلوماسية فقط، بل شمل أيضًا دعم المسارات الاقتصادية والأمنية، حيث عملت القاهرة على استضافة لقاءات بين شخصيات ليبية مؤثرة، كما قدمت الدعم الفني والتقني لتعزيز استقرار المؤسسات الليبية. لذلك، فإن لقاء عبد العاطي وتيته يأتي في سياق تأكيد مصر على مواصلة جهودها في تحقيق تسوية شاملة تضمن استقرار ليبيا والمنطقة بأكملها.
الانتخابات.. الأمل والتحديات
إحدى القضايا التي حظيت بنقاش مستفيض خلال اللقاء كانت مسألة إجراء الانتخابات العامة، حيث يرى كثيرون أن هذه الخطوة تمثل الأمل الوحيد للخروج من المأزق الحالي. لكن في الوقت نفسه، تظل هناك عقبات عدة، أبرزها انعدام الثقة بين الأطراف المتنافسة، وعدم وجود أرضية قانونية متفق عليها تنظم العملية الانتخابية.
عبد العاطي أكد على أهمية وضع إطار زمني واضح للانتخابات، مشيرًا إلى أن تأجيل هذا الاستحقاق أكثر من مرة أدى إلى مزيد من التعقيد في المشهد السياسي. كما شدد على ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات وشفافيتها، بحيث لا تكون مجرد خطوة شكلية تعيد إنتاج الأزمة بأوجه مختلفة.
من جانبها، أكدت تيتيه أن الأمم المتحدة تعمل على ضمان توافق الليبيين حول القوانين الانتخابية، مشيرة إلى أن الدعم الإقليمي والدولي ضروري لإنجاح هذه العملية.

أفق مفتوح وتحديات مستمرة
لقاء عبد العاطي وتيته لم يكن مجرد اجتماع دبلوماسي عابر، بل حمل في طياته رسائل سياسية واضحة تعكس مدى التداخل بين الملف الليبي والدور المصري. وبينما تتجه الأنظار إلى التحركات القادمة للمبعوثة الأممية الجديدة، يظل التساؤل الأهم: هل ستنجح هذه الجهود في تقريب الفرقاء الليبيين، أم أن المشهد سيبقى رهن الحسابات الإقليمية والدولية؟
الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال، لكن الثابت حتى الآن أن القاهرة ستظل لاعبًا محوريًا في أي حل يهدف إلى استعادة الاستقرار في ليبيا، وأن التنسيق بين مصر والأمم المتحدة قد يكون أحد العوامل الحاسمة في رسم ملامح المستقبل الليبي.