الأخبارليبيا

شباب ليبيا يطالبون بالاستقرار والمساءلة والإصلاحات الاقتصادية

اقتصاد ليبيا بين تحديات الفساد وطموحات الشباب للتغيير

أخبار ليبيا 24

  • ورشة أممية تجمع الشباب الليبي لمناقشة الإصلاحات الاقتصادية
  • الحوكمة والمساءلة في قلب مطالب الشباب نحو مستقبل أكثر شفافية
  • التكنولوجيا وريادة الأعمال.. أمل الشباب لإنعاش الاقتصاد الليبي
  • إصلاحات هيكلية ومكافحة الفساد.. مطالب ملحّة لتحقيق الاستقرار

شباب ليبيا بين الأمل والضياع.. هل تنقذهم الإصلاحات؟

في قلب العاصمة طرابلس، حيث تختلط أصوات الحياة اليومية بصخب النقاشات الساخنة، اجتمع تسعة وعشرون شابًا وشابة ليبيين، بعضهم حضورياً وآخرون عبر الإنترنت، لمناقشة مصير ليبيا الاقتصادي. لم يكن اللقاء عاديًا، بل كان أشبه بجلسة عصف ذهني مكثفة مع خبراء اقتصاديين من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حيث طرح المشاركون أفكارهم بشجاعة، محاولين وضع أصابعهم على الجروح العميقة التي تعاني منها البلاد.

في أعين هؤلاء الشباب، تتلخص المعضلة في كلمة واحدة: الفساد. هذا السرطان الذي استشرى في أوصال الاقتصاد الليبي لم يعد مجرد همسٍ في الأروقة، بل بات صرخة تتردد بين الجدران، مطالبة بإصلاحات حقيقية تُعيد الثقة، ليس فقط في الاقتصاد، بل في مستقبل البلاد بأسره.

شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.
شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.

الاستقرار السياسي.. أساس أي اقتصاد ناجح

أجمع الشباب المشاركون، بمن فيهم عشر نساء وتسعة عشر رجلًا، على أن الاستقرار السياسي هو حجر الأساس لأي انتعاش اقتصادي. “لا يمكننا بناء اقتصاد مستدام على أرضية مهزوزة”، قالت إحدى المشاركات بحزم، مشددة على أن الاقتصاد والسياسة مترابطان كالسلسلة، إن انكسرت إحدى حلقاتها، انهارت المنظومة بأكملها.

لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة. فحتى لو تحقق الاستقرار، يبقى الفساد عقبة هائلة أمام أي تقدم. أحد المشاركين عبّر عن إحباطه قائلاً: “الثروة المسروقة عبر السنوات كان يمكن أن تعيد تأهيل نصف البلاد، لكننا ما زلنا نراوح مكاننا!”

بين فقدان الثقة والرغبة في التغيير

ما زاد الأمر تعقيدًا هو انعدام الثقة بين الشباب والمؤسسات الحكومية. “الكثير من الشباب لا يعتقدون أن مؤسسات الدولة خاضعة للمساءلة أو تعمل بفعالية”، علّق أحدهم. هذا الإحساس بالخذلان دفع الشباب إلى البحث عن حلول خارج النظام التقليدي، سواء من خلال ريادة الأعمال أو التكنولوجيا الرقمية، أملاً في بناء مستقبلهم بأيديهم، بعيدًا عن تعقيدات البيروقراطية الحكومية.

ريادة الأعمال والتكنولوجيا.. أمل في نفق مظلم

رغم التحديات، لم يخلُ النقاش من بعض التفاؤل. التكنولوجيا وريادة الأعمال ظهرتا كنقاط مضيئة في ظلام المشهد الاقتصادي. يعتقد العديد من المشاركين أن الحلول الرقمية قادرة على تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية، لكنهم شددوا على أن هذه الإمكانات تظل غير مستغلة بشكل كافٍ، في ظل غياب الدعم المالي والتدريب المناسب.

شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.
شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.

“لدينا شباب مبدعون، لكنهم بحاجة إلى بيئة تحتضنهم”، قالت إحدى المشاركات، مشيرة إلى ضرورة تبسيط عمليات إطلاق المشاريع، وتوفير حاضنات أعمال في كل البلديات، إضافة إلى توفير التدريب اللازم في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال.

إصلاحات هيكلية أم ترقيعات مؤقتة؟

من أبرز التوصيات التي خرج بها الشباب خلال الورشة كانت ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية هيكلية حقيقية، بدلاً من الحلول المؤقتة التي لم تؤدِ إلا إلى مزيد من التراجع. تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على النفط كانا في مقدمة المطالب، حيث يرى المشاركون أن ليبيا تمتلك إمكانيات هائلة في قطاعات مثل السياحة، والطاقة المتجددة، والزراعة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لاستغلالها.

شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.
شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.

إلى جانب ذلك، شدد الشباب على أهمية مكافحة التهرب الضريبي، وإصلاح السياسات التي تحكم الاستثمار والتعاقد، وتعزيز الشفافية في التعاملات الحكومية. “نحتاج إلى قوانين واضحة تمنع الفساد بدلاً من أن توفر له غطاءً قانونيًا”، قال أحد المشاركين بمرارة.

دعم الوقود.. هل آن الأوان لإنهائه؟

كان ملف دعم الوقود أحد أكثر المواضيع جدلاً. فبينما يرى البعض أنه يشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد الليبي، يؤكد آخرون أنه ضروري في ظل الظروف المعيشية الصعبة. لكن الجميع اتفق على أن النظام الحالي للدعم يستفيد منه الفاسدون والمجموعات المسلحة أكثر من المواطنين أنفسهم.

“أنا خريج بلا وظيفة، بلا سيارة، ومع ذلك لا أستفيد من دعم الوقود”، قال أحد المشاركين، مطالبًا بوضع سياسات جديدة تضمن وصول الدعم إلى مستحقيه، دون أن يكون وسيلة لتمويل أنشطة غير مشروعة.

المستقبل في يد الشباب، لكن من يسمع صوتهم؟

بينما كان النقاش يقترب من نهايته، طرح أحد المشاركين سؤالًا أثار صمتًا لوهلة: “هل يسمع أحد صوتنا؟”. ففي نهاية المطاف، يمكن للشباب تقديم آلاف الأفكار والتوصيات، لكن ما لم يكن هناك تجاوب حقيقي من صناع القرار، ستظل هذه الجهود مجرد صدى في الفراغ.

شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.
شباب ليبيا يطالبون بالإصلاحات الاقتصادية، ومكافحة الفساد، والاستقرار السياسي لضمان مستقبل مزدهر، مؤكدين أن الشفافية والمساءلة أساس التغيير.

“نحن بحاجة إلى دستور دائم، لا يتحدث فقط عن الاقتصاد، بل يشرّع التنويع الاقتصادي”، قالت إحدى المشاركات، مؤكدة أن الحلول المؤقتة لن تؤدي إلا إلى مزيد من التأجيل لمشكلات تحتاج إلى حلول جذرية.

هل يُمكن لليبيا أن تنطلق نحو المستقبل؟

الواقع الليبي اليوم أشبه بميزان حساس، حيث يتأرجح بين فرص الإصلاح وخطر الانهيار. الشباب الليبيون، رغم إحباطهم، ما زالوا متمسكين بالأمل، ولكنهم يطالبون بخطوات حقيقية ملموسة، لا وعود فارغة.

ليبيا تملك كل المقومات لتصبح اقتصادًا قويًا ومتنوعًا، لكن السؤال الكبير يظل: هل ستتمكن من كسر قيود الفساد وعدم الاستقرار السياسي، أم ستظل أسيرة الماضي؟

الأيام القادمة وحدها ستجيب عن هذا السؤال، لكن ما هو مؤكد أن الشباب الليبي لن يصمت بعد اليوم.

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى