الأخبارتقاريرليبيا

حرائق الأصابعة الغامضة.. بين العلم والخرافة والصراع السياسي

الميثان أم السحر؟ لغز النيران التي التهمت عشرات المنازل

أخبار ليبيا 24

  • لجنة “حصين” تفشل في إيقاف الحرائق وسط انتقادات واسعة
  • وزير التعليم العالي: غاز الميثان وراء النيران والدبيبة يعنفه
  • “المركز الوطني لإدارة الطوارئ” يواصل التحقيقات دون كشف الحقيقة
  • 70 مليون دينار لتعويض المتضررين وسط شح إمكانيات الإطفاء

حرائق الأصابعة.. لغز يحترق بين التفسيرات العلمية والتوظيف السياسي

على مدى أسابيع، باتت مدينة الأصابعة مسرحاً لمشهد ملتبس بين الخرافة والعلم، حيث اجتاحت الحرائق عشرات المنازل وسط عجز واضح عن كشف الأسباب الحقيقية. بين روايات تلامس عالم الماورائيات وأخرى تستند إلى الأدلة العلمية، تنشطر الآراء كما تتصاعد ألسنة اللهب، بينما تتداخل السياسة في فصول الحريق، ليصبح السؤال: من المستفيد؟

من الجن إلى العلم.. رحلة البحث عن السبب

منذ اندلاع أول حريق في 19 فبراير، بدت التفسيرات الأولية مرتبكة، تراوحت بين اتهامات للجن والشياطين وأخرى لجماعات مشعوذة تسعى لإثارة الرعب. لكن تزامن الظاهرة مع اقتراب شهر رمضان دفع العديد للتشكيك في هذه الفرضيات، خاصة مع الاعتقاد الديني بأن “الشياطين تصفد في رمضان”.

مع استمرار الأزمة، دخل العلم على الخط، حيث خرج عمران القيب وزير التعليم العالي بـ حكومة الدبيبة، منتهية الولاية بتفسير أكثر واقعية، مؤكداً أن هزة أرضية بقوة 3.5 ريختر قرب الرحيبات تسببت في تصدعات أرضية أطلقت غاز الميثان القابل للاشتعال، ما أدى إلى اندلاع النيران تلقائياً.

لكن هذا التفسير لم يرق لـ عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، الذي هاجم الوزير، معتبراً تصريحاته “متسرعة وغير قائمة على تحقيق نهائي”، مهدداً بمساءلة من يطلق تصريحات غير دقيقة.

«متسرع وسيخضع للمساءلة».. الدبيبة يهاجم القيب بسبب تصريحات حرائق الأصابعة

لجنة “حصين” والرهان الخاسر

مع تصاعد الأحداث، دخلت لجنة “حصين” التابعة لهيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الخط، محاولةً فرض تفسير “روحاني” للأحداث، عبر ما وصفته بـ”مكافحة أعمال السحر والمشعوذين”. ومع ذلك، لم تقدم اللجنة أي دليل ملموس على ارتباط الحرائق بظواهر غيبية، ما جعلها موضع انتقاد شديد، خاصة من قبل شخصيات مثل الشيخ علي أبو سبيحة الذي وصف تحركاتها بـ”الدجل”.

فريق من برنامج «حصين لمكافحة أعمال السحرة والمُشعوذين» يصل للأصابعة
فريق من برنامج «حصين لمكافحة أعمال السحرة والمُشعوذين» يصل للأصابعة

السياسة تحترق مع المنازل

لم يكن المشهد في الأصابعة مجرد كارثة طبيعية أو حادث عرضي، بل تداخلت فيه السياسة بوضوح. فتعنيف الدبيبة لوزير التعليم العالي لم يكن مجرد رد فعل على تصريح علمي، بل بدا امتداداً لحسابات سياسية داخل الحكومة، حيث يسعى كل طرف للسيطرة على الخطاب الرسمي بشأن الأزمة.

وفي ظل غياب تحقيقات شفافة، لم يكن مستغرباً أن تطفو على السطح فرضية “الفاعل البشري”، حيث اعتبر البعض أن هذه الحرائق قد تكون عملاً متعمداً يستهدف خلق فوضى أمنية أو توجيه الأنظار عن أزمات أخرى أكثر تعقيداً.

الضحايا في مواجهة العجز

فيما تتبادل الأطراف الاتهامات، يبقى المواطنون في الأصابعة هم الضحايا الحقيقيون. فبين منزل تحول إلى رماد وآخر ينتظر دوره، تتبدى هشاشة البنية التحتية لمواجهة الأزمات، حيث لا تمتلك البلدية سوى سيارة إطفاء واحدة في مواجهة عشرات الحرائق المتنقلة.

وفي محاولة لتخفيف الأضرار، أعلنت الحكومة تخصيص 70 مليون دينار لتعويض المتضررين، لكن هذا القرار لم يكن كافياً لطمأنة السكان الذين ما زالوا يتساءلون عن مصير مدينتهم في الأيام المقبلة.

بين العلم واليقين.. من يحترق بالنهاية؟

لا تزال الأصابعة تحترق، ولا تزال الأسباب غامضة. وبين من يرى في النيران شبحاً خفياً ومن يفسرها علمياً، يبقى العجز الحكومي هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة. فهل ستتمكن السلطات من كشف السر، أم أن المدينة ستظل رهينة النيران التي تبتلعها ببطء؟

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى