
أخبار ليبيا 24
-
بين الصمت الرسمي والحقوق المسلوبة.. من يوقف دوامة الانتهاكات؟
-
مطالبات بالتحقيق والمحاسبة.. هل تتحقق العدالة أم يبقى الإفلات من العقاب؟
-
الداخلية تحت المجهر.. من يتحمل المسؤولية عن ممارسات عناصرها؟
-
التعذيب والقتل العمد.. جرائم موثقة تُهدد حقوق الإنسان في ليبيا
صرخة من خلف القضبان.. أيّ عدالة تُرتجى في دولة يُقتل فيها الموقوفون؟
في بلد تتقاذفه رياح الفوضى وانفلات القانون، حيث لا صوت يعلو فوق صوت القوة، خرجت صرخة جديدة من ظلمات مراكز الاحتجاز، صرخة لم يعد صاحبها قادرًا على ترديدها، فقد أسكته التعذيب إلى الأبد. لم يكن مجرد موقوف، بل كان إنسانًا تُرك جسده ينزف في زنزانة ضيقة، بعيدًا عن أعين القانون، لكنه تحت أنظار الجلادين الذين لم يترددوا لحظة في إنهاء حياته، كأنه لا قيمة له.
بين الصمت والرصاص.. هل لا تزال الإنسانية حيّة؟
ليست هذه الجريمة الأولى، ولن تكون الأخيرة إن لم يُحاسب مرتكبوها. ما حدث في قسم النجدة بمصراتة لم يكن سوى فصل جديد من فصول الانتهاكات التي باتت روتينًا يوميًا في مراكز الاحتجاز، حيث يختفي مفهوم العدالة، ليحل مكانه جبروت السلاح. التهمة غير واضحة، الاعتقال عشوائي، والمحاكمة—إن وجدت—صورية، لكن التعذيب حاضر دومًا، كأنه لغة تفاهم بين السلطة والموقوفين.
رغم الإدانات الحقوقية، والمناشدات المستمرة، لا تزال هذه الجرائم ترتكب بدم بارد، وكأن أرواح البشر سلعة رخيصة في سوق الموت. فإلى متى سيظل الصمت سيد المشهد؟ وإلى متى ستبقى الدولة عاجزة عن حماية أبسط حقوق مواطنيها؟
التعذيب.. وحش ينهش جسد العدالة
لطالما كان التعذيب سلاحًا للقمع، لكنه في ليبيا اليوم لم يعد مجرد أداة للضغط أو التحقيق، بل تحول إلى ممارسة منهجية تُستخدم بلا خوف من العقاب. فمن يُفترض بهم حماية الأمن باتوا هم الخطر الحقيقي على حياة الأبرياء، يحكمون بالهراوات والكابلات الكهربائية، ويعتبرون صرخات المعذبين مجرد ضجيج عابر لا يستدعي التوقف.
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أصدرت بيانًا صارخًا، تدين فيه الحادثة وتصفها بأنها جريمة قتل عمد تستوجب المحاسبة، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات ليست حوادث فردية، بل نمط متكرر ومتزايد نتيجة غياب الردع القانوني والتغاضي المستمر عن معاقبة الجناة.
الحكومة في قفص الاتهام.. فأين الدبيبة؟
لم يكن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، بعيدًا عن هذه الجريمة، حتى وإن لم يكن متورطًا بشكل مباشر. فحين يكون القائد مسؤولًا عن دولة تنهشها الفوضى، يصبح هو أيضًا مسؤولًا عن الجرائم التي تُرتكب تحت إدارته. هل يعلم الدبيبة أن وزارته التي من المفترض أن تحمي المواطنين تحولت إلى مقصلة لحصد أرواحهم؟ هل يدرك أن الإفلات من العقاب هو الذي غذّى هذه الوحشية؟
وزارة الداخلية، برغم كل تقارير الإدانة، لا تزال صامتة، وكأن شيئًا لم يكن. وإذا كان التاريخ قد علمنا شيئًا، فهو أن الصمت في مثل هذه الجرائم لا يعني إلا شيئًا واحدًا: التواطؤ.
الإفلات من العقاب.. تذكرة مجانية للقتل
لماذا يجرؤ عناصر الأمن على تعذيب الموقوفين حتى الموت؟ الجواب بسيط: لأنهم يعلمون أنهم لن يُحاسبوا. الإفلات من العقاب ليس مجرد ثغرة في النظام، بل هو قاعدة راسخة اليوم. يمكن أن يُقتل الموقوف، يُخفى قسريًا، يُعذب حتى الموت، ولا أحد سيجرؤ على مساءلة الجناة.
المسؤولية هنا لا تقع فقط على من نفذ الجريمة، بل تمتد إلى كل مسؤول أغمض عينيه، وكل جهة تواطأت، وكل قاضٍ تجاهل، وكل وزير لم يُحرك ساكنًا.
المطالبات بالعدالة.. صرخة في وادٍ مظلم؟
تطالب المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق شامل ومعاقبة الجناة، لكن من يضمن أن هذه المطالبات لن تنتهي في الأدراج كما حدث مع مئات القضايا السابقة؟ من سيجرؤ على كسر حلقة الفساد؟
النائب العام مطالب اليوم بإنصاف الضحية، لا بالكلمات والبيانات، بل بالأفعال. على وزارة الداخلية أن تتوقف عن لعب دور المتفرج، فإما أن تكون حاميًا للحقوق، أو شريكًا في الجرائم.
هل نشهد العدالة أم ننتظر جريمة جديدة؟
ما حدث في مصراتة ليس مجرد حادثة معزولة، بل هو انعكاس لواقع مرير يُحتم على الجميع التحرك لإنهائه. فلا دولة تُبنى فوق أشلاء الضحايا، ولا أمن يُحقق بالقمع والتعذيب. على الدولة الليبية أن تختار: إما أن تكون دولة قانون، أو أن تستمر في الغرق في مستنقع الدماء.
لكن الأهم من كل ذلك، هو السؤال الذي يجب أن يلاحق المسؤولين كل يوم: متى تتوقف آلة القتل التي تعمل باسم الأمن؟