ميلود الأسود: فتح قوانين الانتخابات يطيل الأزمة الليبية

الأسود يرفض تدخل البعثة الأممية في القوانين الانتخابية

أخبار ليبيا 24

الانتخابات الليبية بين الإرادة الوطنية والضغوط الخارجية: قراءة في موقف ميلود الأسود

يبدو أن مسار الانتخابات لا يزال حبيس الدوامة المعتادة من الجدل السياسي والتدخلات الدولية، حيث تتأرجح بين الإرادة الوطنية والمساعي الخارجية لفرض رؤى معينة على المشهد السياسي. في هذا السياق، جاء رد عضو لجنة 6+6 عن مجلس النواب، ميلود الأسود، على مطالبات نائبة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني خوري، ليعيد تسليط الضوء على معضلة التدخل الأممي في الاستحقاقات الليبية.

معركة الصلاحيات.. من يملك حق تعديل القوانين؟

أوضح الأسود في تصريحات صحفية رصدتها  “أخبار ليبيا 24″، أن القوانين الانتخابية، التي صدرت عن لجنة 6+6، جاءت نتيجة توافق داخلي ودعم شرعي، معتبرًا أن أي محاولات لإعادة فتحها تمثل خطوة إلى الوراء. فقد استنكر بشدة ما وصفه بـ”المناكفات” التي تهدف إلى عرقلة المسار الانتخابي، مشددًا على أن الليبيين قبلوا هذه القوانين باعتبارها حجر الأساس نحو الاستحقاق الديمقراطي.

ورغم أن اللجنة الاستشارية التي طالبت بها البعثة الأممية تتخذ طابعًا استشاريًا، إلا أن الأسود حذّر من تحولها إلى أداة لإعادة طرح نقاط خلافية لم تكن في الأصل عائقًا حقيقيًا أمام الانتخابات. فوفقًا له، فإن أي محاولة لتعديل القوانين ستقود إلى مأزق قانوني وسياسي يعيد البلاد إلى نقطة الصفر.

بين الشرعية والوصاية الدولية

في خضم هذا السجال، تبرز معضلة الشرعية التي طالما أرّقت المشهد الليبي. فالأسود لم يخفِ استغرابه من حديث البعثة الأممية عن “نقاط خلافية”، متسائلًا عن هوية الأطراف التي تدّعي معارضتها للقوانين الانتخابية. وقد تحدّى البعثة بأن تقدم قائمة مكتوبة بالملاحظات والأطراف التي قدمتها، معتبرًا أن هذه الادعاءات تفتقد للمصداقية.

هذه النقطة تحديدًا تفتح الباب أمام تساؤل جوهري: هل باتت الأمم المتحدة طرفًا في الأزمة أكثر من كونها وسيطًا نزيهًا؟ إن تكرار الحديث عن الحاجة إلى تعديل القوانين الانتخابية، رغم كونها وليدة توافق ليبي داخلي، يوحي بأن هناك رغبة دفينة في إطالة أمد المرحلة الانتقالية، بدلًا من الدفع نحو حل جذري يُنهي الانقسام السياسي.

شبح الأزمة المستمرة

يتخوف الأسود من أن فتح باب التعديلات على القوانين الانتخابية سيجعلها رهينة لمساومات سياسية لا تنتهي، وربما يؤدي ذلك إلى تأجيل الانتخابات إلى أجل غير مسمى. وبالنظر إلى التجارب السابقة، فإن أي محاولة لإعادة النقاش حول الإطار القانوني للانتخابات تنذر بمزيد من التعقيد، خاصة في ظل المشهد السياسي المنقسم.

فالمطالبات الأممية، رغم أنها تأتي تحت غطاء “تذليل العقبات”، قد تؤدي عمليًا إلى عكس ذلك تمامًا، عبر استحداث أزمات جديدة بدلًا من المساهمة في حل القائم منها. وهو ما يجعل التساؤل حول النوايا الحقيقية لهذه التحركات مشروعًا في نظر العديد من المراقبين.

ما وراء المشهد.. حسابات الداخل والخارج

ليس خافيًا أن الملف الانتخابي في ليبيا لم يعد مجرد استحقاق وطني، بل تحوّل إلى ساحة تجاذب إقليمي ودولي، حيث تتداخل المصالح وتتعارض الرؤى حول مستقبل السلطة في البلاد. فمن جهة، هناك أطراف داخلية ترى في الانتخابات مخرجًا من الأزمة الممتدة، ومن جهة أخرى، هناك قوى خارجية تحاول فرض شروطها وفقًا لأجنداتها الخاصة.

ويبدو أن موقف الأسود يعكس قناعة متزايدة لدى بعض الأوساط الليبية بأن البعثة الأممية قد تجاوزت دورها كوسيط محايد، وأصبحت تمارس ضغطًا غير مبرر لإعادة تشكيل القوانين وفق رؤية تتناسب مع مصالح فاعلين دوليين.

بين الموقف الوطني والتحديات القادمة

تصريحات الأسود تطرح تساؤلًا أعمق حول مدى قدرة الليبيين على حماية إرادتهم الوطنية في ظل التدخلات المستمرة. فبينما تسعى البعثة إلى إعادة فتح القوانين، فإن أصواتًا ليبية، مثل الأسود، تؤكد أن الحل يجب أن يكون ليبيًا خالصًا، دون أي وصاية خارجية.

ومع اقتراب المواعيد الحاسمة، سيبقى ملف الانتخابات مفتوحًا على احتمالات متعددة، فإما أن ينجح الليبيون في تجاوز الخلافات والمضي قدمًا نحو الاستحقاق الديمقراطي، أو تستمر المناورات السياسية التي قد تفضي إلى تمديد الأزمة لسنوات أخرى.

في كل الأحوال، فإن موقف الأسود يعكس جانبًا من الصراع المحتدم بين التمسك بالإطار الوطني، وبين الضغوط الخارجية التي تحاول إعادة رسم المشهد السياسي الليبي وفق أجندات لا تصب بالضرورة في صالح الاستقرار.

إلى أين يتجه المشهد؟

في ظل هذا التجاذب، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح الإرادة الوطنية في فرض مسارها، أم أن الضغوط الأممية ستعيد تشكيل القوانين وفق رؤى خارجية؟ الإجابة على هذا السؤال ستتحدد في الأشهر القادمة، حيث تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الأطراف الليبية على الصمود أمام الضغوط، وإثبات أن قرارها السيادي لا يزال بيدها.


Exit mobile version