
أخبار ليبيا 24
-
محمد عون: لن أتراجع وسأتبع كل الإجراءات القانونية
-
تسعة أشهر من التجاهل.. الأحكام القضائية في مهب الريح
-
مؤسسات النفط الأجنبية في دائرة الخطر بسبب قرارات الدبيبة
-
هل تواجه ليبيا سابقة قانونية غير مسبوقة في تاريخها؟
عون في مواجهة الدبيبة: صراع القانون والسياسة على النفط الليبي
منذ الأزل، كانت السلطة والقانون في صراع أبدي، لكن حين يكون النفط هو الرهان، يصبح هذا الصراع أكثر تعقيدًا. وفي ليبيا، حيث تتقاطع المصالح السياسية مع التشريعات القانونية، يقف محمد عون، وزير النفط والغاز الموقوف بحكومة الدبيبة، في قلب العاصفة، محذرًا من تجاوزات وصفها بأنها “غير مسبوقة” في تاريخ البلاد.
لقد تحولت وزارة النفط، وهي العصب الحيوي للاقتصاد، إلى ساحة مواجهة حادة بين الشرعية القانونية والسلطة التنفيذية، حيث يؤكد عون أنه لا يزال الوزير الشرعي، بينما تجاهل عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية الأحكام القضائية التي تؤيد موقفه. ومع مرور الأشهر دون تنفيذ هذه الأحكام، تتزايد التساؤلات: هل أصبح القانون وجهة نظر في ليبيا؟ أم أن السياسة باتت أقوى من أحكام القضاء؟
الأحكام القضائية.. في مهب الريح!
يؤكد عون أن هناك ثلاثة أحكام صادرة عن محكمة استئناف طرابلس، الدائرة الثالثة، بالإضافة إلى قرار من المحكمة العليا ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، كلها تصب في صالحه، ومع ذلك لم تنفذ منذ حوالي تسعة أشهر. الأمر لا يتعلق بمجرد تأخير بيروقراطي، بل بتجاهل صارخ للقوانين، قد يفتح الباب أمام فوضى دستورية قد تمتد إلى مؤسسات أخرى.
يقول عون في تصريحاته: “ما يحدث اليوم سابقة لم تشهدها ليبيا من قبل. اختراق القوانين بهذه الطريقة والاستهانة بأحكام القضاء هو أمر لا يمكن السكوت عنه.”
وهنا يكمن جوهر الأزمة: إذا لم تُحترم قرارات القضاء، فكيف يمكن الحديث عن دولة مؤسسات؟ وإذا كان من يملك السلطة التنفيذية قادرًا على تجاهل الأحكام القضائية، فما هو مصير العدالة في البلاد؟
تحذيرات عون.. لمن تُقرع الأجراس؟
لا يكتفي وزير النفط الموقوف بتوجيه انتقاداته لحكومة الدبيبة، بل يذهب أبعد من ذلك، محذرًا الشركات الأجنبية الشريكة للمؤسسة الوطنية للنفط من التعامل مع الوزير المكلف، مؤكدًا أن هذه الشراكات قد تواجه تداعيات قانونية خطيرة.
“التعامل مع الوزير غير الشرعي يعني أن هذه الشركات ستتحمل المسؤولية كاملة، وستكون عواقب ذلك وخيمة”، بهذه العبارات القوية، أطلق عون تحذيرًا مباشرًا لكل من تسوّل له نفسه تجاوز القوانين الليبية.
وفي هذا السياق، يصبح التساؤل مشروعًا: كيف ستتعامل الشركات الأجنبية مع هذا الوضع؟ هل ستخاطر بخرق القوانين المحلية لمجرد البقاء على وفاق مع الحكومة؟ أم ستأخذ تحذيرات عون على محمل الجد وتتريث قبل اتخاذ أي قرارات قد تورطها قانونيًا؟
العودة المستحيلة.. لماذا لا يستطيع عون استئناف عمله؟
رغم تمسكه بموقفه القانوني، يعترف عون بأنه غير قادر على العودة لممارسة عمله، والسبب ببساطة أن رئيس مجلس الوزراء لم يُلغ قرار تكليف الوكيل المكلف بأداء مهماته. وهنا تظهر المفارقة الكبرى: القانون يقف في صف عون، لكن السلطة التنفيذية تضع أمامه جدارًا يصعب اختراقه.
يؤكد الوزير الموقوف: “كل قرارات الوزير غير الشرعي منذ 12 مايو 2024 باطلة تمامًا، وهو من سيتحمل المسؤولية، وكذلك كل من يتعامل معه.”
وبينما يستمر هذا الجمود السياسي، تتعطل ملفات حيوية تتعلق بإدارة قطاع النفط، ما ينعكس على الاقتصاد الليبي ككل. فمن المستفيد من هذه العرقلة؟ ومن يدفع الثمن؟
الاستثمار الأجنبي.. بين الحاجة والمخاوف القانونية
ليس سرًا أن ليبيا تحتاج إلى الاستثمارات الأجنبية لتنمية قطاع النفط، لكن عون يشدد على أن ذلك يجب أن يتم وفق إطار قانوني واضح، بعيدًا عن أي تجاوزات. “نحن لسنا ضد الشركات الأجنبية أو الاستثمار، لكننا نريد ضمانات بعدم وجود خروقات قانونية”، بهذه الكلمات، يضع عون الخط الفاصل بين القبول والرفض.
لكن في ظل هذا المشهد المضطرب، قد تتردد بعض الشركات الأجنبية في الدخول إلى السوق الليبي، خوفًا من التورط في نزاع قانوني قد يكلّفها الكثير. فهل يؤثر ذلك على مستقبل النفط في ليبيا؟ أم أن السياسة ستجد مخرجًا لهذا المأزق؟
ختامًا.. إلى أين تتجه الأزمة؟
مع استمرار تجاهل الحكومة لأحكام القضاء، ورفض عون التراجع عن موقفه، تبدو الأزمة بعيدة عن الحل. فإما أن تنصاع الحكومة لقرارات المحاكم، أو أن يستمر التصعيد القانوني والسياسي، مما قد يزيد من تعقيد المشهد الليبي المضطرب أصلًا.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال الأهم: هل سينتصر القانون في هذه المواجهة، أم أن السياسة ستفرض كلمتها كما فعلت مرات عديدة من قبل؟ الأيام وحدها تحمل الإجابة، لكن ما هو مؤكد أن النفط الليبي، كالعادة، يظل مركز الصراع الأكبر في البلاد.