
أخبار ليبيا 24
-
حكم استئناف طرابلس يُلغى.. والدبيبة يتجاهل
-
عميد مصراتة يفرض رئيسًا لتاورغاء دون سند قانوني
-
الشيباني: القرار جريمة جنائية تستوجب العقاب
-
هيئة الرقابة الإدارية أمام اختبار تنفيذ أحكام القضاء
في مشهد يعكس استخفاف حكومة الدبيبة بالمؤسسات القضائية، أقدم عميد بلدية مصراتة، وبتنسيق مباشر مع عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، على إصدار قرار تعيين رئيس للفرع البلدي تاورغاء، متجاهلًا بشكل فج حكم محكمة استئناف طرابلس الذي ألغى قرار ضم المدينة إلى بلدية مصراتة. هذا التحرك لا يعبر فقط عن تجاوز واضح للسلطة، بل يكشف عن إصرار مريب على فرض الوصاية بالقوة، رغم كل الاعتبارات القانونية والحقوقية.
القانون تحت أقدام السلطة
منذ تسلُّمه مقاليد الحكومة، لم يكن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية يومًا مهتمًا بمفهوم الدولة القانونية والمؤسساتية، بل جعل من قراراته الشخصية مرجعًا أعلى من أحكام القضاء. حكم استئناف طرابلس الذي ألغى قراره بضم تاورغاء كان يفترض أن يكون نهاية لهذه المهزلة، لكن حكومة الدبيبة قررت، وكعادتها، أن تسير عكس القانون.
حكومة الدبيبة تتجاهل القضاء، وبلدية مصراتة تفرض رئيسًا على تاورغاء، وسط انتقادات من الشيباني الذي يعتبره تعديًا قانونيًا يُهدد سيادة المؤسسات.
جاب الله الشيباني، عضو مجلس النواب، عن تاورغاء، لم يتردد في وصف هذا الإجراء بالجريمة القانونية، معتبرًا أنه يعكس استمرارًا لنهج فرض الهيمنة من قبل حكومة لا تعبأ بأحكام القضاء. بل ذهب أبعد من ذلك ليؤكد في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن هذا القرار يستوجب الطعن القانوني واتخاذ إجراءات عقابية ضد المسؤولين عن تنفيذه.
وصاية مصراتة على تاورغاء.. منطق القوة لا العدالة
تاريخ العلاقة بين مصراتة وتاورغاء ليس وليد اليوم، فالحرب التي دارت بين المدينتين خلال 2011 خلّفت جراحًا لم تندمل حتى الآن، لكن محاولة فرض إدارة بلدية مصراتة لوصايتها على تاورغاء يعيد فتح ملف الصراع مجددًا، وكأن حكومة الدبيبة تعيد إنتاج المأساة، بدلًا من البحث عن حلول عادلة تحفظ حق أهالي تاورغاء في إدارة شؤونهم.
إن تعيين رئيس للفرع البلدي تاورغاء بقرار صادر من عميد بلدية مصراتة، وبتنسيق مباشر مع حكومة الدبيبة، يمثل اعتداءً صريحًا على استقلالية البلديات، وانتهاكًا صارخًا لمبادئ الحوكمة الرشيدة التي يُفترض أن تقوم على احترام سيادة القضاء والقرارات الصادرة عنه.
دولة بلا مؤسسات.. سلطة بلا مسؤولية
ما يحدث اليوم ليس مجرد قرار إداري يمكن الطعن فيه، بل هو تكريس لسياسة تجاوز القانون والتعامل مع القضاء كمجرد عقبة شكلية يمكن القفز فوقها. حكومة الدبيبة جعلت من ليبيا مسرحًا للفوضى الإدارية والقانونية، حيث تصدر قراراتها بلا رقيب أو حسيب، ضاربة عرض الحائط بمبدأ الفصل بين السلطات.
في ظل هذا العبث، لا يمكن النظر إلى ما جرى إلا كدليل جديد على استهتار الدبيبة ومجموعته بمؤسسات الدولة، وتحويلهم السلطة إلى أداة تخدم مصالح ضيقة بدلًا من حماية سيادة القانون. فإذا لم تكن أحكام القضاء ملزمة لهم، فأي شرعية يتحدثون عنها؟ وإذا لم يكن لقرارات المحاكم احترام في دوائر السلطة، فما الفرق بين هذه الحكومة وبين حكم الميليشيات؟
هيئة الرقابة الإدارية.. أمام اختبار حقيقي
التحدي الأكبر الآن يقع على عاتق هيئة الرقابة الإدارية، فهل ستقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الانتهاك الصارخ لحكم قضائي؟ أم أنها ستتحرك لمحاسبة المتورطين في هذه الجريمة القانونية؟ الشيباني أكد أن الهيئة مطالَبة بمراقبة تنفيذ أحكام القضاء، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذا القرار غير القانوني.
لكن التجارب السابقة تشير إلى أن هيئة الرقابة الإدارية، مثلها مثل غيرها من المؤسسات، ليست سوى ظلٍّ باهت في مشهد سياسي يسيطر عليه الدبيبة ومنظومته. فكم من انتهاكات قانونية مرّت دون أي محاسبة؟ وكم من قرارات حكومية تخالف القوانين جرى التغاضي عنها وكأنها لم تكن؟
إلى أين يسير المشهد؟
ما يحدث اليوم في تاورغاء ليس مجرد خطأ إداري، بل هو جزء من نمط مستمر لإدارة البلاد بشكل فوضوي، حيث تتحول الحكومة إلى كيان خارج عن السيطرة، يمارس الحكم وكأنه امتياز شخصي وليس مسؤولية تخضع للقوانين والمؤسسات.
الواقع الليبي اليوم هو نتاج سنوات من العبث السياسي، وحكومة الدبيبة ليست إلا امتدادًا لهذا النهج الذي يقوم على تقويض المؤسسات، وتجاوز القوانين، وتكريس سلطة الفرد على حساب الدولة. وإذا استمر هذا المسار، فإن ليبيا لن تجد نفسها فقط في أزمة سياسية، بل أمام انهيار شامل يجعل من سلطة القانون مجرد حبر على ورق.
في النهاية، قد تكون هذه الواقعة مجرد حلقة أخرى في مسلسل الفوضى، لكن الأكيد أن تجاوز أحكام القضاء بهذه الطريقة يجعل من استمرار الدبيبة وحكومته خطرًا حقيقيًا على مستقبل الدولة الليبية.