
أخبار ليبيا 24
-
لجنة استشارية بمهام محددة.. هل تحمل الحل للأزمة السياسية
-
ستيفاني خوري: لا قرارات هنا، بل مقترحات سياسية قابلة للتنفيذ
-
انتخابات ليبيا.. دروس الماضي وعقبات الحاضر وفرص المستقبل
-
البعثة الأممية: الحلول الوسط مفتاح النجاح في ليبيا
ليبيا بين العثرات والفرص.. هل تحمل اللجنة الاستشارية مفتاح الحل؟
في قلب المشهد السياسي المتأزم، حيث تشابكت الخلافات وتعقدت المسارات، انطلقت اليوم في طرابلس أعمال اللجنة الاستشارية، وسط ترقب محلي ودولي لما ستؤول إليه مداولاتها. فبينما تبدو ليبيا عالقة في حلقة مفرغة من الانقسامات، يبقى السؤال الأهم: هل تكون هذه اللجنة بارقة الأمل التي ستكسر الجمود السياسي، أم ستظل حبيسة النظريات كسابقاتها؟
بين الأمل والريبة.. خطوة أخرى نحو الانتخابات
منذ 2011، وليبيا تسير على حبل مشدود بين آمال التحول الديمقراطي وكوابيس الفوضى. الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر 2021 تعثرت بسبب خلافات قانونية ودستورية، والآن، تأتي اللجنة الاستشارية كمحاولة جديدة لرأب الصدع وخلق أرضية مشتركة تمكن البلاد من المضي قدمًا.
ستيفاني خوري، نائبة الممثل الخاص للأمم المتحدة، لم تتردد في توضيح طبيعة هذه اللجنة خلال كلمتها الافتتاحية: “لسنا هنا لاتخاذ قرارات، بل لوضع مقترحات تقنية قابلة للتطبيق سياسيًا”، وهي رسالة واضحة بأن اللجنة ليست سلطة تنفيذية، بل جسر عبور بين الفرقاء السياسيين، يحاول إيجاد حلول وسطية تعالج القضايا الشائكة التي أعاقت العملية الانتخابية سابقًا.

تحديات الماضي.. هل نتعلم من الأخطاء؟
إذا أردنا فهم أهمية اللجنة، فلا بد من العودة إلى أسباب تعثر انتخابات 2021. حينها، اصطدمت العملية الانتخابية بجدار من الخلافات حول شروط الترشح، وقوانين الانتخابات، وصلاحيات الفائز المحتمل. ومع غياب التوافق، فشلت البلاد في تحقيق ما كان يمكن أن يكون نقطة تحول نحو الاستقرار.
خوري أشارت إلى هذه النقطة بوضوح: “لا يمكننا تجاهل الماضي، علينا استخلاص العِبر لتجنب الأخطاء نفسها”. فاللجنة الاستشارية، إن أُحسن استغلالها، يمكن أن تكون فرصة لتجاوز تلك العراقيل عبر تقديم مقترحات تستند إلى الأطر القانونية الليبية، ولكن مع مرونة تتيح توافقًا سياسيًا واسع النطاق.

ليبيا بين الحاجة إلى الانتخابات والواقع السياسي المعقد
لكن، هل المشكلة تقنية فقط؟ بالطبع لا. فليبيا تعاني من انقسام سياسي عميق، حيث تتنازع القوى المختلفة على الشرعية، وتبقى المصالح الفئوية عقبة أمام أي اتفاق شامل. ومع ذلك، فإن العامل المشترك بين الجميع هو إدراكهم أن المماطلة السياسية ليست حلًا، بل وصفة لاستمرار الفوضى.
خوري شددت على هذه النقطة قائلة: “الشرعية الديمقراطية التي اكتُسبت بعد الثورة تتلاشى سريعًا، والمؤسسات الانتقالية تنهار تحت وطأة الاستقطاب”. بمعنى آخر، لا بديل عن الانتخابات، لكن السؤال هو: كيف؟ وهنا تأتي مهمة اللجنة الاستشارية، التي تهدف إلى وضع إطار توافقي يمهد الطريق لصناديق الاقتراع دون أن يكون هناك رابح وخاسر بشكل مطلق.
اللجنة الاستشارية.. هل تستطيع تحقيق التوازن؟
ما يميز اللجنة الحالية أنها تضم خبراء قانونيين ودستوريين وممثلين لديهم خبرة في القضايا الانتخابية. ورغم أن تشكيلها جاء بقرار أممي، إلا أن الأمم المتحدة أكدت أن عملها يتم في إطار “ملكية وقيادة ليبية”، في محاولة لطمأنة الأطراف المختلفة بأن اللجنة ليست تدخلاً خارجيًا، بل أداة دعم للمسار السياسي الليبي.
لكن التحدي الحقيقي أمامها هو عامل الوقت. خوري أكدت أن اللجنة محددة المدة، ما يعني أنها ليست مفتوحة بلا سقف زمني، بل عليها الإسراع في تقديم مقترحات عملية. هذا يضعها أمام تحدٍ مزدوج: السرعة في الإنجاز، مع ضمان تقديم حلول متماسكة وقابلة للتطبيق.

مستقبل ليبيا.. هل يكون 2024 عامًا مفصليًا؟
ليبيا الآن أمام مفترق طرق: إما أن تنجح اللجنة في اقتراح حلول تُرضي الأطراف المختلفة، مما يفتح الباب أمام انتخابات نزيهة، أو أن تضاف هذه المحاولة إلى سجل طويل من المبادرات التي لم تحقق اختراقًا حقيقيًا.
لكن التفاؤل يبقى حاضرًا، خاصة مع وجود إرادة دولية داعمة لأي حل يخرج ليبيا من حالة المراوحة. وكما قالت خوري: “هدفنا هو الوصول إلى انتخابات وطنية شاملة وذات مصداقية، مع الحفاظ على الاستقرار الهش في ليبيا”، وهو هدف قد يبدو صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا إذا وُجدت الإرادة السياسية اللازمة.
خلاصة القول
– اللجنة الاستشارية ليست سلطة تنفيذية، بل هيئة تقدم مقترحات لحل الخلافات السياسية المتعلقة بالانتخابات.
– تعثر انتخابات 2021 كان بسبب خلافات قانونية وسياسية عميقة، واللجنة تحاول تفادي تكرار الأخطاء.
– نجاح اللجنة يعتمد على قدرتها على تقديم حلول وسطية تحظى بقبول الأطراف المختلفة.
– ليبيا بحاجة إلى انتخابات، ولكن بشرط أن تكون مبنية على أسس متينة تضمن انتقالًا سلسًا نحو الاستقرار.
الأيام المقبلة ستكون حاسمة، فإما أن نشهد تقدمًا نحو انتخابات وطنية طال انتظارها، أو أن تستمر ليبيا في دورانها داخل متاهة الأزمات السياسية.