أخبار ليبيا 24
-
موظفو المصارف.. هل يستحقون مكافآت التميز؟
-
سعر الدولار.. مضاربات أم واقع اقتصادي لا مفر منه؟
-
قروض بالملايين وعلاوات للأبناء.. أين العدالة؟
-
عشرون مليار دينار ضائعة.. فهل هناك أمل في الاسترداد؟
بين المكافآت والعدالة الاقتصادية.. هل يتحقق التوازن المفقود؟
في بلدٍ يموج بالأزمات الاقتصادية، تصبح التفاصيل الصغيرة ذات دلالات كبرى. قضيةٌ قد تبدو في ظاهرها عادية، لكنها تحمل بين طياتها ملامح التباين العميق في المشهد الاقتصادي الليبي. حديث الخبير الاقتصادي، مختار الجديد عن ضرورة منح مكافآت لموظفي الفروع المصرفية التي تفوقت في تقديم خدمات نقاط البيع يفتح باب التساؤل: هل يمكن لمثل هذه الخطوة أن تسهم في تحفيز القطاع المصرفي نحو مزيد من الفاعلية، أم أنها مجرد حلقة أخرى من حلقات الجدل التي لا تنتهي؟

بين فروع تكافح وأخرى تكتفي بالانتظار
إن تقديم الخدمات المصرفية ليس مجرد وظيفة، بل هو سباق يومي بين الفروع والموظفين. البعض يجتهد، يطرق أبواب التجار، يقنعهم بأهمية استخدام نقاط البيع، فيما يجلس آخرون في مكاتبهم، ينتظرون أن يأتي العميل بحثًا عن الخدمة. وهنا يأتي السؤال الحاسم: هل من العدل مساواة الفريقين؟
مختار الجديد يرى خلال عدة منشورات له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ورصدتها “أخبار ليبيا 24“ أن التمييز بين الفروع ضرورةٌ لا رفاهية، وأن تحفيز المتميزين بمكافآت ملموسة يمكن أن يحدث فارقًا حقيقيًا في أداء المصارف. فحين يشعر الموظف بأن جهده مقدّر، فإنه سيضاعف عطاءه، في حين أن إهمال هذا الجانب قد يرسّخ ثقافة الاتكالية، حيث لا فرق بين المجتهد والمتكاسل.
لكن، هل المصرف المركزي على استعداد لاتخاذ مثل هذه الخطوة؟ أم أن البيروقراطية الثقيلة ستجعل هذا المقترح مجرد فكرة طموحة لا تجد طريقها إلى التنفيذ؟

سعر الدولار.. الحقيقة وراء الأرقام
إن الحديث عن سعر الصرف في ليبيا ليس مجرد أرقام تتغير على شاشات التداول، بل هو مرآةٌ تعكس حالة الاقتصاد برمّته. فبينما يسجل الدولار الكاش 6.49 دينارًا، ويقترب سعر حوالة دبي وتركيا من 6.40 دينار، يظل السؤال الأهم: أيٌّ من هذه الأسعار يعبر عن القيمة الحقيقية للعملة؟
يؤكد الجديد أن السعر الذي يتداوله التجار في السوق الموازي هو المؤشر الحقيقي للطلب على الدولار، حتى وإن بدا أن سعر الكاش يعكس مضاربات غير منطقية. فمن يتحكم في عقول المتداولين ليس السياسات الرسمية، بل قوى السوق الخفية، تلك التي تجعل من الورقة الخضراء كابوسًا للمستهلك البسيط، وحلمًا للمضاربين الباحثين عن الربح السريع.
لكن، أليس من الممكن كسر هذه الحلقة؟ أليس هناك حل يعيد التوازن بين العرض والطلب؟ الجديد يرى أن الحل قد يكمن في سياسة تقليل المعروض النقدي، تمامًا كما يقول المثل الليبي القديم: “ما يطيح القنطار إلا القنطار ونص”.
قروض بالملايين وعلاوات مجانية؟
حين يتعلق الأمر بالعدالة الاقتصادية، تصبح بعض المشاهد صادمة إلى حد العبثية. تخيلوا شخصًا حصل على قروض بملايين الدينارات، لكنه يماطل في سدادها، وفي الوقت ذاته، يجد أن الدولة تمنحه علاوة الأبناء كأي مواطن آخر!
يبدو الأمر وكأن الاقتصاد الليبي أصبح مرآةً تعكس حالة اللاعدالة، حيث يستطيع البعض الإفلات من التزاماته المالية، بينما يتحمل المواطن البسيط أعباء ارتفاع الأسعار وتقلبات السوق. الجديد يشير إلى أن إجمالي القروض المتعثرة في المصارف التجارية يتجاوز 20 مليار دينار، ولو تم تحصيل جزء منها فقط، فإن ذلك سيخفّض من حجم السيولة المتداولة، مما قد يسهم في استقرار سعر الصرف تدريجيًا.
لكن هنا يبرز التحدي الأكبر: كيف يمكن فرض الانضباط المالي في بيئة يغيب عنها مفهوم المحاسبة الحقيقية؟

ما الحل؟ هل من أمل؟
لا شك أن الأزمة الاقتصادية في ليبيا مركبة، متشابكة، تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية، لكن الحلول ليست مستحيلة. فبينما تظل السياسة النقدية في يد المصرف المركزي، يظل الدور الأكبر على الدولة في فرض العدالة الاقتصادية، ومنع التهرب من السداد، وتحفيز النشاط المصرفي الحقيقي، بدلًا من السماح للمضاربين بالتحكم في السوق.
ربما يكون مختار الجديد قد ألقى حجرًا في مياه راكدة، وربما تثير أفكاره جدلًا كبيرًا، لكن المؤكد أن ليبيا تحتاج اليوم إلى قرارات جريئة تعيد التوازن إلى اقتصادها المترنح، قبل أن تصبح الأزمة خارج نطاق السيطرة.