
أخبار ليبيا 24
-
الأمم المتحدة: عدم الامتثال يقوض العقوبات المالية على ليبيا
-
المؤسسات المالية تتلاعب بالأصول الليبية المجمدة
-
تقرير الخبراء: انتهاكات في إدارة الأموال المجمدة
-
تقرير أممي يوصي بتعديلات لضمان استثمارات آمنة
في تقرير أممي صادم، كشف فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة عن انتهاكات جسيمة تتعلق بتجميد الأصول الليبية، مسلطًا الضوء على عدم امتثال عشر دول و16 مؤسسة مالية للعقوبات المالية المفروضة على ليبيا، الأمر الذي أدى إلى تآكل تلك الأصول المجمدة بفعل ممارسات مالية غير منضبطة. هذه الحقائق، التي حملها التقرير النهائي المؤرخ في 6 ديسمبر 2024، تُعيد إلى الواجهة التساؤلات حول فعالية آليات العقوبات الدولية ومدى قدرة المؤسسات الليبية على حماية أصولها من التلاعب الخارجي.
التجميد على الورق فقط.. خروقات تهدد الأموال الليبية
منذ فرض العقوبات المالية على الأصول الليبية عقب اندلاع الأزمة السياسية والأمنية في 2011، ظل هذا الملف محل جدل كبير. كان الهدف من التجميد حماية الأموال من العبث الداخلي أو التوظيف غير القانوني، إلا أن تقرير لجنة الخبراء الأممية كشف عن حقيقة معاكسة تمامًا. إذ أن عشر دول، رغم التزامها الرسمي بالعقوبات، لم تلتزم عمليًا بإجراءات التجميد، بينما انتهجت 16 مؤسسة مالية مسارات خطرة عبر فرض رسوم فائدة سلبية ورسوم إدارة على الأصول المجمدة، فضلاً عن تنفيذ استراتيجيات استثمارية غير معلنة أدت إلى تآكل القيمة الحقيقية للأصول.
الخرق الصامت.. كيف تآكلت الأصول المجمدة؟
تشير اللجنة إلى أن الخروقات لم تكن دائمًا مباشرة أو واضحة، بل جاءت من خلال آليات مالية مستترة. فرضت بعض المصارف رسوم فائدة سلبية على الحسابات المجمدة، ما أدى إلى استنزاف تدريجي للأموال. في الوقت ذاته، قامت مؤسسات مالية أخرى بإيداع الدخل المتولد عن الأموال المجمدة بدلًا من إضافته إلى الأصول المحفوظة، مما يُعد تجاوزًا صريحًا لقرارات مجلس الأمن. كما لجأت بعض البنوك إلى ممارسة إدارة الأصول النشطة دون الرجوع إلى السلطات المختصة، وهو ما أدى إلى خلق فجوات مالية تضر بالمصالح الليبية.
بين الاستنزاف والتضخيم.. التقديرات المتضاربة حول حجم الخسائر
رغم أن المؤسسة الليبية للاستثمار زعمت أن تجميد الأصول تسبب في استنزاف مواردها وأضاع عليها فرصًا استثمارية مهمة، فإن تقرير لجنة الخبراء رأى أن هذه الادعاءات مبالغ فيها. وأشار التقرير إلى أن الأصول المجمدة لم تشهد انخفاضًا بل على العكس، نمت قيمتها بفضل عائدات الفوائد والاستثمارات السلبية. هذه الفجوة في التقديرات تطرح تساؤلات حول شفافية الإدارة المالية للمؤسسة الليبية للاستثمار، ومدى قدرتها على تقديم بيانات موثوقة بشأن وضع الأصول.
ما الحل؟ توصيات لإصلاح منظومة التجميد
خلصت اللجنة إلى ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على آليات التجميد، مشيرة إلى أن السماح بإعادة استثمار الأصول المجمدة قد يكون حلاً عمليًا شريطة وضع ضمانات صارمة لضمان الشفافية. وأوصى التقرير بتعديل بنود التجميد وفقًا للقرار الأممي 2701 (2023)، مما يتيح للمؤسسة الليبية للاستثمار إعادة توظيف أصولها في بيئات استثمارية أكثر أمانًا. إلا أن التقرير لم يغفل الإشارة إلى أن الخطة الاستثمارية الحالية للمؤسسة تفتقر إلى الشمولية والوضوح، مما يفتح الباب أمام استمرار المخاطر المالية.
تداعيات تقرير الخبراء.. هل يتغير المشهد؟
مع نشر هذا التقرير، يصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف ستتعامل السلطات الليبية والمجتمع الدولي مع هذه الحقائق؟ إذا لم يتم اتخاذ خطوات فعلية لمعالجة هذه التجاوزات، فقد يستمر نزيف الأصول الليبية المجمدة، مما يزيد من تعقيد الأزمة الاقتصادية للبلاد. كما أن التجاهل الدولي لهذه القضية قد يشجع مزيدًا من المؤسسات المالية على التلاعب بالأموال الليبية، مستفيدة من غياب رقابة صارمة.
إن هذا التقرير يعيد إلى الأذهان حقيقة أن العقوبات المالية وحدها لا تكفي لحماية ثروات الدول التي تعاني من اضطرابات سياسية، بل لا بد من آليات متابعة دقيقة وإجراءات مساءلة صارمة لمنع استغلال الثغرات القانونية والمالية. في نهاية المطاف، فإن مصير الأصول المجمدة سيعتمد على مدى قدرة الليبيين أنفسهم على التحرك بجدية لحماية مواردهم، وإجبار المجتمع الدولي على الالتزام بالقوانين التي فرضها بنفسه.