أرشيفالأخبارتقاريرليبيا

فضيحة الإيفاد.. فساد حكومي يُشعل غضب الجامعيين

احتجاجات المعيدين تتصاعد ضد تلاعب الدبيبة ووزرائه

أخبار ليبيا 24

  • إيفاد عائلات بأكملها يكشف تلاعب حكومة الدبيبة
  • معيدون بلا مستقبل.. المحسوبية تحكم فرص الدراسة بالخارج
  • إيقاف الإيفاد الخارجي يعيد الجدل حول فساد التعليم
  • مظاهرات جديدة أمام حكومة الدبيبة بعد 17 فبراير

في مشهد يعكس تفاقم الأزمات في ليبيا، تتصاعد موجة الاحتجاجات في أوساط الأكاديميين والمعيدين وحملة الماجستير، إثر كشف النقاب عن فضيحة فساد مدوية مرتبطة بملف البعثات الدراسية الخارجية. ففي ظل استمرار حكومة عبد الحميد الدبيبة في تبديد المال العام وفق معايير المحسوبية والمحاباة، يشعر آلاف الشباب الليبيين بالإحباط أمام مستقبل مجهول، فيما يحكم الفساد قبضته على قطاع التعليم العالي.

فساد ممنهج.. عائلات بأكملها في الخارج والشباب في الداخل

لم يكن الإعلان عن وقف البعثات الدراسية الخارجية، منتصف يناير 2025، سوى قمة جبل الجليد الذي يخفي تحته ممارسات حكومية ممنهجة تقوم على إقصاء الكفاءات وإفساح المجال أمام أقارب المسؤولين، ليحصلوا على فرص الدراسة خارج البلاد بتمويل حكومي. فقد كشف رئيس هيئة الرقابة الإدارية، عبد الله قادربوه، عن أن التحقيقات أظهرت ابتعاث “7 أفراد من عائلة واحدة، ورجل وزوجاته الأربعة، ضمن قرارات حكومية تفتقر إلى أدنى مستويات الشفافية والعدالة”.

الأمر لم يمر مرور الكرام، حيث انطلقت أصوات جامحة من الأوائل والمعيدين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات الليبية، رفضاً لهذه التجاوزات، مطالبين بوقف سياسة تهميش الكفاءات لصالح أبناء النخبة السياسية الحاكمة.

جبريل أوحيدة.. “الإيفاد تحول إلى باب فساد مشرع”

على الجانب السياسي، وصف النائب جبريل أوحيدة ملف الإيفاد بـ”أحد أبواب الفساد المشرعة”، مؤكداً أن قرارات الابتعاث تحولت إلى وسيلة لتكديس الأموال والمنافع لصالح الفئة الحاكمة، دون أن يكون لها أي مردود حقيقي على العملية التعليمية في البلاد. وأضاف: “من يبحث عن تحصيل علمي حقيقي، فعليه أن يدرس على نفقته الخاصة، كما يفعل أبناء العائلات الكادحة الذين لا يملكون وساطة أو محسوبية تربطهم بالحكومة الفاسدة”.

انعدام الأمل لدى المعيدين.. مستقبل مجهول وأفق مسدود

بالنسبة للكثير من المعيدين، لم يعد مستقبلهم الدراسي سوى سراب. فمن بين هؤلاء، الصيد بن عياد، الذي بقي معيداً في قسم طب الأسنان بجامعة طرابلس لأكثر من 12 عاماً، دون أن يتمكن من الاستفادة من حقه في الابتعاث الخارجي، رغم صدور قرار رسمي بذلك منذ عام 2015. يقول بن عياد: “كلما طالبنا بحقوقنا، نجد أن ميزانية الدولة غير كافية، بينما تُصرف الملايين على أبناء الوزراء والمسؤولين دون حسيب أو رقيب”.

مظاهرات تتصاعد بعد 17 فبراير

وسط هذا الغليان، بدأت التجمعات الأكاديمية تنسق خطواتها نحو تصعيد الاحتجاجات. ووفقاً لعبد الرحمن الجروشي، عضو نقابة هيئة التدريس بجامعة بنغازي، فإن “التظاهرات القادمة ستكون رسالة واضحة بأننا لن نقبل الاستمرار في هذه السياسة الفاسدة، حيث يتم التضحية بمستقبل الأكاديميين لصالح عائلات المتنفذين”.

الفساد التعليمي في أرقام.. أموال طائلة تنفق بلا جدوى

وتشير تقارير مصرف ليبيا المركزي إلى أن حجم المنح الدراسية المقدمة للطلاب الموفدين للخارج بلغ 207 ملايين دولار حتى نهاية نوفمبر 2024، مقارنة بـ102 مليون دولار في عام 2023 بأكمله. هذه الأرقام تكشف كيف تضاعفت المصروفات على الابتعاث خلال عام واحد فقط، في وقت يعاني فيه المعيدون من عدم توفر أي دعم حكومي لدراساتهم العليا.

الدبيبة والقيب.. صمت أمام الكارثة

الغريب في الأمر أن حكومة الدبيبة التزمت الصمت تجاه هذه الفضائح، فيما لم يكتفِ وزير التعليم العالي عمران القيب إلا بإطلاق تصريحات عامة حول “ضرورة مراجعة قرارات الابتعاث لضمان الشفافية”، دون أي إجراءات حقيقية لمحاسبة المسؤولين عن هذا الفساد. أما هيئة الرقابة الإدارية، فقد شكلت لجنة لمراجعة قرارات الإيفاد السابقة، لكن هذه الخطوة وُصفت من قبل المحتجين بأنها مجرد محاولة لامتصاص الغضب دون أي نية فعلية للإصلاح.

إغلاق الملف هو الحل الوحيد؟

إزاء هذا الوضع المتردي، يرى النائب جبريل أوحيدة أن الحل الأمثل هو إغلاق ملف الإيفاد بالكامل في الوقت الحالي، لقطع الطريق أمام المزيد من الفساد، وحتى يتم وضع آلية واضحة وشفافة تضمن وصول الفرص التعليمية إلى مستحقيها.

هل تتحول التظاهرات إلى انتفاضة؟

مع احتدام الغضب، باتت هناك مخاوف من أن تتحول الاحتجاجات الأكاديمية إلى شرارة انتفاضة ضد حكومة الدبيبة، التي باتت تواجه اتهامات بالفساد في مختلف القطاعات، وليس فقط التعليم. فهل يستجيب الدبيبة لمطالب المحتجين؟ أم أن عناده المعتاد سيقود البلاد إلى مزيد من الاحتقان والانفجار؟

الأيام القادمة وحدها ستكشف عن مصير هذا الملف، ولكن المؤكد أن حكومة الدبيبة تواجه أزمة جديدة قد تعصف بها، إذا استمر الإصرار على سياسة التهميش والإقصاء، وسط تصاعد الدعوات لاحتجاجات واسعة تضع حداً لممارسات الفساد المستشري.

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى