
أخبار ليبيا 24
-
المنتصر: جميع المترشحين وقعوا على تعهد بعدم الترشح
-
شهادات عن رشاوى ضخمة.. لماذا صمتت البعثة الأممية؟
-
عضوة مؤيدة للمنتصر عُرضت عليها أموال للبقاء بغرفتها
-
زياد دغيم طالب الدبيبة بالوفاء بوعوده مقابل الأصوات
في مشهد يختزل تعقيدات المشهد السياسي، خرج المرشح الرئاسي محمد عبداللطيف المنتصر ليكشف كواليس ما دار في أروقة ملتقى الحوار السياسي بجنيف، حيث رسم صورة قاتمة عن عمليات التصويت التي شابها الجدل، وعن تعهدات نُقضت، وسط صمت دولي مريب.
وعد سياسي أم خديعة ممنهجة؟
كانت النقطة المحورية التي أثارها المنتصر تتعلق بتعهد وقّعه جميع المرشحين للسلطة التنفيذية آنذاك، ينص بوضوح على عدم الترشح للانتخابات الرئاسية. هذا التعهد، الذي لم يكن مجرد التزام أخلاقي، بل شرط أساسي للمشاركة في العملية السياسية حينها، كان من المفترض أن يكون صمام أمان يمنع أي تجاوزات في المستقبل، لكن سرعان ما اتضح أن هذا الوعد لم يكن سوى حبر على ورق، بعدما أقدم عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، أحد المستفيدين من نتائج هذا الحوار، على الترشح للرئاسة، متجاهلاً الاتفاق الذي وقّع عليه، ومكرّسًا بذلك نهجًا سياسياً يقوم على نكث الوعود والانقلاب على التوافقات.
رشاوى وشراء ذمم.. شهادات صادمة
لكن ما هو أخطر مما وصفه المنتصر في مقابلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24“، بـ “نكث العهد”، كان ما جرى أثناء التصويت داخل قاعة الملتقى. بحسب إفادات المنتصر، لم يكن الأمر مجرد خلافات سياسية أو تباينات في وجهات النظر، بل تجاوز ذلك ليصل إلى حد توزيع الرشاوى على نطاق واسع. ذهب بعض أعضاء الملتقى إلى البعثة الأممية للإبلاغ عن عروض مالية تلقوها بهدف تغيير موقفهم أو الامتناع عن تقديم تزكيات لمنافسين معينين.
في هذا السياق، كشف المنتصر عن حادثة صادمة تتعلق بعضوة في الملتقى كانت من مؤيديه، حيث عرض عليها مبالغ مالية ضخمة فقط كي تبقى داخل الغرفة ولا تقدم تزكيتها له. هذه الواقعة وحدها، إن صحت، تعد دليلاً دامغًا على أن العملية لم تجرِ بشفافية، بل كانت تخضع لمساومات مريبة تجعل من الانتخابات مجرد صفقة سياسية يُدفع فيها لمن يلتزم بمصالح أطراف معينة.
زياد دغيم وشهادته العلنية
ولم يكن المنتصر الوحيد الذي تحدّث عن هذه التجاوزات، فبحسب ما ذكره، كان هناك اعتراف صريح من السياسي زياد دغيم، الذي تحدث علنًا عن هذه الممارسات أثناء لقائه مع الدبيبة. دغيم، وفقاً لرواية المنتصر، أشار بوضوح إلى أن دعم بعض الأعضاء للدبيبة كان مشروطًا بوفائه بوعود محددة، وهو ما يؤكد أن اللعبة لم تسر وفقًا لقواعد المنافسة الشريفة، بل كانت عملية حسابات سياسية تُدار بأدوات المال والتعهدات غير المعلنة.
أين تقرير البعثة الأممية؟
أمام هذه الشهادات والوقائع التي رآها بعض أعضاء الملتقى بأعينهم، يطرح المنتصر سؤالًا جوهريًا: لماذا لم تُنشر نتائج التحقيق الذي قامت به البعثة الأممية بشأن ما جرى؟ لماذا تم التعتيم على هذه الملفات، رغم أنها تمس مصداقية العملية السياسية بأكملها؟
هذا السؤال لا يزال معلّقًا في الهواء، دون إجابة واضحة، لكنه يعيد إلى الأذهان مشاهد أخرى من التاريخ السياسي الليبي، حيث غالبًا ما يتم إخفاء الحقائق أو تجاهلها تحت ذرائع مختلفة، سواء تحت ضغط المصالح الدولية، أو بدعوى عدم الرغبة في تعقيد المشهد أكثر.
انعكاسات على مستقبل العملية السياسية
تكشف هذه الشهادات عن أزمة ثقة حقيقية في العملية السياسية الليبية، فإذا كان مسار اختيار السلطة التنفيذية قد جرى في ظل أجواء غير نزيهة، فكيف يمكن بناء دولة ديمقراطية تستند إلى انتخابات حرة ونزيهة؟ إن إصرار البعثة الأممية على الصمت وعدم نشر نتائج التحقيق يترك المجال مفتوحًا للتكهنات، ويعمّق الإحساس بأن هناك قوى داخلية وخارجية تستفيد من استمرار الوضع القائم.
أما على المستوى الداخلي، فإن هذه المعطيات تعزز حالة الاحتقان الشعبي، وتزيد من قناعة كثيرين بأن الحلول السياسية المطروحة ليست سوى تدوير للأزمة، وليس محاولة حقيقية لمعالجتها.
هل سيفتح هذا الملف من جديد؟
يبدو أن الأسئلة التي طرحها المنتصر لن تتلاشى بسهولة، بل ستظل عالقة في ذاكرة المشهد السياسي الليبي. فبين تعهدات نُكثت، ورشاوى وُزّعت، وملف تحقيق طُمس، يظل التساؤل الأكبر: هل ستحظى هذه القضية بمساءلة حقيقية، أم أنها ستضاف إلى سجل القضايا المنسية التي تراكمت عبر السنوات؟