العرفي: قرار وقف التعيينات يتجاهل الفساد والازدواجيات

انتقادات حادة لهيئة الرقابة: إهمال للعدالة والإصلاح

أخبار ليبيا 24

العرفي يفتح النار.. التوظيف في ليبيا بين الفساد وازدواجية المعايير

في مشهد يعكس تحديات هيكلية عميقة في الاقتصاد الليبي، وجه عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي انتقادات لاذعة لقرار رئيس هيئة الرقابة الإدارية بوقف جميع إجراءات التعيين والتعاقد للوظائف العامة. القرار الذي أُعلن بدعوى مكافحة الفساد وترشيد النفقات لم يسلم من وابل الانتقادات، حيث رأى فيه العرفي غيابًا للعدالة وإهمالًا لأولويات أكثر إلحاحًا.

ازدواج الرواتب.. صورة مصغرة للأزمة

“كيف يمكن الحديث عن ترشيد النفقات في بلد يعاني فيه القطاع العام من ازدواج الرواتب؟” بهذا التساؤل الاستنكاري بدأ العرفي حديثه في تصريحات تلفزيونية رصدتها “أخبار ليبيا 24″،  مشيرًا إلى أن رواتب ليبيا لا تتجاوز 40 مليار دينار سنويًا، في حين يظل البعض يتقاضى 4 أو 5 مرتبات في الوقت ذاته. ازدواج الرواتب هذا ليس مجرد خلل إداري، بل يعكس أزمة بنيوية تضرب جذور النظام المالي والإداري للدولة.

الأزمة هنا ليست فقط في الأرقام بل في تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية. فالازدواجية في الرواتب تسهم في تفاقم شعور المواطنين بالظلم، خاصة بين الشباب الخريجين الذين يجدون أنفسهم محرومين من فرص العمل في حين تُهدر أموال الدولة في رواتب مكررة لعدد قليل من المستفيدين.

إهمال الخريجين الجدد.. قنبلة موقوتة

يتحدث العرفي بنبرة مليئة بالقلق عن مصير الخريجين الجدد الذين ينتظرون دورهم في التوظيف وسط تراكم الأزمات. “كل عام هناك عدد كبير من المتقاعدين، فمن المنطقي أن يتم استيعاب خريجي الجامعات لتعويض هذا الفراغ”، يقول العرفي، مستنكرًا السياسات التي تتجاهل هذه الحقائق البسيطة.

الإهمال المستمر لهذه الشريحة يُنذر بعواقب وخيمة، ليس فقط على المستوى الاجتماعي، بل أيضًا على استقرار الدولة بأسرها. فالبطالة بين الشباب تعتبر بيئة خصبة لنمو التطرف والجريمة المنظمة، وهو ما يعزز الحاجة إلى سياسات أكثر إنصافًا وفعالية.

فساد هيئة الرقابة الإدارية: عندما يصبح الإصلاح انتقائيًا

انتقاد العرفي لم يكن موجهًا فقط للقرار بحد ذاته، بل تجاوز ذلك ليصل إلى شخصية رئيس هيئة الرقابة الإدارية قادربوه. واصفًا إياه بأنه “تجاهل الفساد الحقيقي ونهب المال العام، وبدلاً من ذلك ركز على تعطيل حياة البسطاء”.

الإشارة هنا ليست مجرد اتهام عابر، بل تعكس أزمة ثقة عميقة بين المواطن الليبي والهيئات الرقابية. يرى العرفي أن هيئة الرقابة لم تقدم أي حلول حقيقية لمعالجة المشكلات البنيوية مثل الفساد والازدواجية، وبدلاً من ذلك اتجهت نحو قرارات تزيد من معاناة المواطن البسيط.

إلزامية القرار.. مسرحية جديدة في المشهد الليبي

أما عن مدى إلزامية القرار، فيؤكد العرفي أن الأمر يعتمد بشكل كبير على موقف أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، ومدى التزامه بتنفيذ هذا القرار. يشير العرفي أيضًا إلى وعود قُطعت للخريجين في مدينة درنة بإيجاد فرص عمل، وهو ما يجعل القرار يبدو وكأنه محاولة لإلقاء مزيد من الغموض على المشهد.

الأبعاد السياسية للقرار

القرار الذي أُعلن عنه من قبل هيئة الرقابة الإدارية لم يكن قرارًا إداريًا بحتًا، بل يحمل أبعادًا سياسية لا تخفى على أحد. فتوقيت القرار يأتي في ظل ضغوط متزايدة على حكومة أسامة حماد لإثبات كفاءتها وسط انقسامات سياسية ومؤسسية عميقة.

ويرى محللون أن مثل هذه القرارات تُستخدم في كثير من الأحيان كأدوات ضغط سياسي بين الأطراف المتصارعة، حيث تتحول الهيئات الرقابية إلى ساحات لتصفية الحسابات بدلاً من أن تكون أدوات للإصلاح.

ما بين الإصلاح والشعبوية

في ختام حديثه، وجه العرفي رسالة تحمل بين طياتها تساؤلاً كبيرًا: “هل نحن أمام قرار إصلاحي حقيقي، أم مجرد مسرحية جديدة لتلميع صورة الهيئات الحكومية؟”

الواقع يشير إلى أن القرار يفتقد إلى الرؤية الشاملة لمعالجة قضايا الفساد والازدواجية، ويبدو وكأنه محاولة للتغطية على إخفاقات أعمق. وبينما يبقى المواطن البسيط هو الضحية الأولى لهذه القرارات، فإن مستقبل الإصلاح في ليبيا لا يزال يواجه تحديات جسيمة تتطلب إرادة سياسية حقيقية للخروج من هذا النفق المظلم.

Exit mobile version