
أخبار ليبيا 24
- الاقتصاد الليبي.. رهينة النفط والانقسامات السياسية
- أزمة السيولة: لماذا يحتفظ الليبيون بأموالهم خارج المصارف؟
- غياب التنويع الاقتصادي… الحلقة الأضعف في ليبيا
- استقرار الدولار في السوق السوداء: غياب الحلول الجذرية؟
الرهان على التغيير.. هل يمكن أن تنجو ليبيا من أزماتها الاقتصادية؟
في بلدٍ يئن تحت وطأة أزمات متشابكة تتجاوز حدود الاقتصاد إلى صراعات سياسية وانقسامات اجتماعية، جاءت إقالة الصديق الكبير من منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي كحدث يثير جدلًا واسعًا. البعض رأى فيها بارقة أمل لتصحيح المسار الاقتصادي، بينما شكك آخرون في جدوى تغيير الأشخاص دون تغيير السياسات والجذور الهيكلية للمشكلات.
اقتصاد النفط.. نعمة أم نقمة؟
الاقتصاد الليبي لا يزال كالبحّار الذي فقد بوصلته في عاصفة هوجاء. لعقود، ظل النفط هو العمود الفقري لهذا الاقتصاد، مصدرًا لنحو 95% من الإيرادات الحكومية. ورغم أن هذه الثروة الطبيعية وفّرت في أوقاتٍ ما فائضًا ماليًا كبيرًا، إلا أن الاعتماد المفرط عليها جعل ليبيا عرضةً لكل تقلبات السوق الدولية.
اليوم، ومع تذبذب أسعار النفط عالميًا، يظهر الوجه الآخر لهذه النعمة، حيث تتحول إلى نقمة تكشف هشاشة الاقتصاد المحلي. غياب التنويع الاقتصادي أشبه ببيتٍ بنيّ على الرمال، فلا صناعة محلية قوية، ولا زراعة متطورة، ولا حتى قطاع خدمات يوازن بين العائدات.
الانقسام السياسي.. مفتاح للأزمة أم قفل للحل؟
لا يخفى على أحد أن الانقسام السياسي في ليبيا هو الجرح الغائر الذي يعيق كل محاولات الإصلاح. وجود حكومتين متنافستين ومصرفين مركزيين كان أشبه بحالة من الفوضى المؤسساتية التي جعلت من المستحيل تطبيق سياسات اقتصادية موحدة. وفي هذا السياق، تتداخل المصالح السياسية مع الاقتصادية، مما يعزز الفساد المالي والإداري.
أزمة السيولة التي يعاني منها المواطن الليبي ليست سوى تجلٍ لهذه الانقسامات. المواطن الذي كان يثق في النظام المصرفي أصبح اليوم يفضل الاحتفاظ بأمواله “تحت البلاطة”، كما يُقال شعبيًا. مشهد الطوابير الطويلة أمام البنوك بات صورة يومية تعكس حالة القلق التي تسيطر على الجميع.
سياسات نقدية متخبطة.. ثبات الدولار مثال صارخ
رغم التغييرات القيادية في المصرف المركزي، لم يطرأ تغيير حقيقي على سياسات النقد. استقرار سعر الدولار في السوق السوداء عند مستوى مرتفع يعكس غياب آليات مؤثرة للسيطرة على الطلب. هنا يتضح ضعف الرقابة على عمليات الاستيراد، واستمرار تهريب العملة عبر قنوات ملتوية. وبدون تطبيق سياسات نقدية فعالة وتنفيذها بشكل حازم، سيبقى الوضع على ما هو عليه. المشكلة ليست فقط في القيادات، بل في المنظومة بأكملها.
الفساد.. السرطان الذي ينخر الاقتصاد
الحديث عن الإصلاح في ليبيا لا يمكن أن يتجاهل الفساد، الذي بات كالسرطان المتغلغل في جميع المستويات. الأموال تُهدر، والموارد تُنهب، والمشاريع التنموية تُترك بين الأوراق. كل ذلك في ظل غياب المحاسبة والشفافية.
ما العمل؟ رؤى للإصلاح الشامل
إقالة الصديق الكبير قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لن تكون كافية دون رؤية شاملة للإصلاح. الحل يبدأ من توحيد المؤسسات المالية ووضع خطط تنموية واقعية تهدف إلى:
- تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط.
- مكافحة الفساد بكل صرامة.
- تعزيز الشفافية والمساءلة في الإنفاق العام.
- تحسين السياسات النقدية لخفض التضخم وضمان استقرار السيولة.
ختامًا، الاقتصاد الليبي يشبه سفينة تواجه عاصفة، لكن النجاة ليست مستحيلة. هي بحاجة إلى قبطانٍ ماهر، ورؤية واضحة، وأطقم تعمل بيد واحدة لتجاوز المحنة.