
أخبار ليبيا 24
-
الدستور.. أداة للمناورة أم حل للأزمة؟
-
عراقيل مشروع الدستور.. نظرة سريعة على الرفض المجتمعي
-
حكومة الدبيبة وصراع البقاء.. قراءة في المعادلة السياسية
-
ليبيا بين التوافق الوطني والصراعات الدولية.. هل من مخرج؟
في زوايا الأزمة الليبية المتشابكة، يبدو أن مشروع الدستور تحول إلى لعبة سياسية خطرة، يلوّح بها عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، كلما لاح في الأفق بصيص أمل لحل الأزمة. فالحديث عن مشروع الدستور بات أقرب إلى الحجاب الذي تُغطي به الحكومة ضعفها، مستغلةً تعقيدات المشهد السياسي والاجتماعي لليبيا.
مشروع الدستور.. عراقيل على الطريق
يتحدث السنوسي إسماعيل، المتحدث السابق باسم مجلس الدولة، عن واقع مشروع الدستور الليبي. يرى إسماعيل أن هذا المشروع يعاني من عراقيل جوهرية تمنع الاستفتاء عليه، منها رفض فئات واسعة من المجتمع الليبي لصياغته الحالية. هذا الرفض ليس وليد اللحظة، بل هو انعكاس لانقسامات أعمق تُجسدها التيارات المتصارعة داخل البلاد.
مشروع الدستور، رغم كونه وثيقة يفترض أن تحمل رؤية الدولة، أصبح في يد الحكومة الحالية أداة سياسية تُستخدم لعرقلة أي خطوات نحو التوافق الوطني. فكلما طُرحت مبادرة سياسية جديدة، يُعاد طرح مشروع الدستور وكأنه الحل السحري، بينما الحقيقة أن الدستور بصيغته الحالية يعكس تناقضات المجتمع أكثر مما يُقدم حلولًا.
حكومة الدبيبة.. البقاء فوق حافة التوازن
لا يخفي إسماعيل في مداخلة تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24″ أن حكومة الدبيبة تدرك تمامًا أن رحيلها مرهون بتوافق داخلي مدعوم بضوء أخضر دولي. ومن هذا المنطلق، تلجأ الحكومة إلى كل ما في جعبتها من وسائل لإطالة أمد بقائها، بما في ذلك التلويح بالدستور كعامل تأزيم أكثر منه بوابة حل.
هذه الحكومة، التي نشأت في ظروف استثنائية بعد سنوات من الانقسام، وجدت نفسها في مواجهة خيارات محدودة. فمن جهة، هناك شعب أنهكته الأزمات ويتوق إلى الاستقرار، ومن جهة أخرى، هناك أطراف دولية تتصارع على النفوذ في ليبيا. بين هذين القطبين، تسير حكومة الدبيبة بحذر، مدركة أن سقوطها لن يكون إلا نتيجة توافق داخلي غير موجود حتى الآن.
الصراع الدولي.. ليبيا تحت المجهر
لكن الأزمة الليبية لم تعد مجرد شؤون داخلية، بل أصبحت مرآة للصراعات الدولية. فكما يقول إسماعيل، ليبيا اليوم هي ساحة صراع دولي بكل ما للكلمة من معنى. القوى الكبرى، من شرق العالم إلى غربه، تضع أنظارها على ليبيا، ليس بحثًا عن حلول، بل من أجل تعزيز نفوذها.
هذا الصراع الدولي يزيد من تعقيد الأزمة، حيث تتحول ليبيا تدريجيًا إلى دولة فاشلة وفاقدة للسيادة. التدخلات الأجنبية تُعمق الانقسامات الداخلية وتُبقي ليبيا عالقة في دوامة لا مخرج منها.
المخرج من النفق المظلم
أما عن الحل، فيؤكد إسماعيل أن تجاوز الأزمة لن يكون بإقحام مشروع الدستور بصورته الحالية، بل بخلق توافق ليبي حقيقي، مدعوم بجهد دولي صادق. لا يمكن لأي طرف أن يفرض حلاً منفردًا، كما أن استمرار الاعتماد على المناورات السياسية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام.
إن ليبيا اليوم بحاجة إلى قيادة تُدرك أهمية جمع الأطراف حول رؤية مشتركة، بعيدًا عن لغة التصعيد والمكاسب الآنية. فالتاريخ أثبت أن الأزمات الكبرى لا تُحل إلا عبر التفاهم والشراكة، وليس عبر التعنت والمراوغة.
ختامًا
يبقى المشهد الليبي معقدًا، حيث تختلط فيه السياسة بالمصالح الدولية، وتتباين فيه رؤى الحل. وفي وسط هذا المشهد، يبرز مشروع الدستور كعنصر جدلي يزيد من الانقسامات بدلًا من رأب الصدع. الطريق طويل، لكنه يبدأ بخطوة شجاعة نحو التوافق، بعيدًا عن المناورات السياسية التي تضع ليبيا على شفا الفشل الكامل.