
أخبار ليبيا 24
-
280 مليون دولار بلا مستندات.. فضيحة تهز القطاع الصحي
-
مسؤولون خلف القضبان.. فساد هيئة الجرحى الليبية بالأردن
-
ديون بلا حلول.. مستشفيات الأردن تطالب ليبيا بـ150 مليون دولار
-
صراع سياسي وفساد.. العلاج بالخارج يتحول إلى أزمة وطنية
ملف الفساد الصحي.. بين استغلال سياسي وإهدار مالي غير مسبوق
لطالما شكّل ملف العلاج بالخارج في ليبيا نقطة ارتكاز حساسة تعكس مدى الفوضى الإدارية والمالية التي تعصف بالدولة. ومع الإعلان الأخير عن تحقيق النيابة العامة في قضايا فساد تتعلق بهيئة شؤون الجرحى، أُعيد تسليط الضوء على واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا وإثارة للجدل.
280 مليون دولار، هو الرقم الذي طفا على السطح كإشارة واضحة إلى حجم الإهدار المالي الذي لم تتضح ملامح استثماره بشكل حقيقي في علاج المرضى. ولعل الفضيحة الأخيرة التي طالت مسؤولي الهيئة العاملين في الأردن، تعكس أبعادًا أعمق لهذه الأزمة، التي تفاقمت تحت وطأة الانقسامات السياسية وتراكم ديون لا تُعرف مصيرها.
جذور المشكلة:
تأسست هيئة شؤون الجرحى عام 2011 كجهة مستقلة لمعالجة الجرحى الناتجين عن النزاع المسلح. لكن، مع غياب آليات الرقابة والمساءلة، بدأت هذه الهيئة تمثل بوابة لإهدار المال العام.
أحد أبرز المظاهر التي كشفتها التحقيقات الأخيرة هو عدم وجود مستندات تُثبت تلقي المرضى للعلاج مقابل الأموال الطائلة التي صُرفت. ويبدو أن 250 مليون دولار أُنفقت دون فواتير واضحة، فيما يُضاف 30 مليون دولار أخرى أُهدرت في 2012 وحدها.

تأثير الانقسام السياسي:
ساهمت الانقسامات بين الحكومات المتعاقبة في تعميق المشكلة، حيث أُرسلت أعداد كبيرة من المرضى للعلاج في الخارج دون ضوابط صارمة. وعوضًا عن التعاون بين المستشفيات المحلية والجهات الخارجية، ساد التسيب الإداري واستغلال المناصب.
حتى أن بعض المسؤولين لم يترددوا في تحويل فواتير لإجراءات تجميلية لأفراد أسرهم تحت مظلة العلاج بالخارج، ما يعكس انعدام الثقة في المنظومة بأكملها.
الجانب الأردني:
مع استقبال المستشفيات الأردنية لأكثر من 100 ألف جريح ليبي خلال السنة الأولى من النزاع، تراكمت الديون على الدولة الليبية لتصل إلى 150 مليون دولار. وبينما تستمر المفاوضات بين عمان وطرابلس، فإن المؤسسات الطبية الأردنية باتت تشكو من التأخر المستمر في السداد.
ردود الأفعال:
التحقيقات الأخيرة التي قادها النائب العام الصديق الصور أسفرت عن حبس عدد من المسؤولين المتورطين، مع الإشارة إلى وجود شخصيات أخرى قد تكون متورطة في هذا الملف.
لكن، يظل السؤال الأكبر حول مدى قدرة الجهات الرقابية والقضائية على استرجاع الأموال المهدرة ووضع ضوابط صارمة تحول دون تكرار هذه الكارثة.
المستقبل:
في عام 2021، أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، عن إنشاء هيئة جديدة لرعاية الجرحى، مع تخصيص مليار دينار ليبي لتطوير هذا القطاع. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في القضاء على الفساد المزمن وضمان وصول الأموال لمستحقيها.
ملف العلاج بالخارج يمثل انعكاسًا مصغرًا لواقع أكثر تعقيدًا تعيشه ليبيا اليوم. وإذا كانت الأزمة الحالية قد كشفت عن فساد في الماضي، فإن الحلول المستقبلية تتطلب شفافية، وإرادة سياسية حقيقية، ووضع مصلحة المواطنين فوق أي اعتبار.