
أخبار ليبيا 24
-
جمود سياسي وانقسام حكومي يُعقّد المشهد
-
قوانين الانتخابات.. توافق أم خلاف مستمر؟
-
قلمة: الحل في يد الليبيين وليس في مبادرات الخارج
-
قلمة: مبادرة خوري وُلدت ميتة لأنها لم تأتِ بجديد.
في متاهة السياسة الليبية: مبادرة خوري بين الواقع والطموح
تبدو ليبيا اليوم أشبه بلوحة شطرنج معقدة، تتشابك فيها التحالفات، وتتقاطع فيها الخطوط. أزمة سياسية طويلة الأمد، وانقسام حكومي حاد، يضع البلاد في مأزق يصعب الفكاك منه. ومن بين هذه التعقيدات، جاءت مبادرة القائمة بأعمال المبعوثة الأممية ستيفاني خوري كضوء خافت في نفق مظلم، محاولةً تقديم صيغة جديدة للخروج من هذا المأزق.
مبادرة على المحك
أعلنت خوري عن مبادرتها قبل أسابيع، مشيرةً إلى تشكيل لجنة تهدف إلى دفع البلاد نحو انتخابات عامة، خطوة اعتبرها البعض نقطة تحول محتملة. لكن سرعان ما بدأت التساؤلات تحوم حول المبادرة. فلماذا لم يتم تشكيل اللجنة حتى الآن؟ ولماذا لم تلقَ المبادرة دعمًا محليًا كافيًا؟
مبادرة ستيفاني خوري لحل الأزمة الليبية تُثير الجدل؛ لجنة الانتخابات لم تُشكَّل بعد، والانقسام بين الحكومتين يعيق الحل. هل وُلدت ميتة؟
عضو مجلس النواب ومقرر عام المجلس، صالح قلمة، كان صريحًا في وصفه للمبادرة. يرى قلمة في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“، أنها “وُلدت ميتة”، مشيرًا إلى أنها لم تقدم جديدًا يختلف عن المحاولات السابقة. وبرأيه، فإن خوري مضت في نفس الطريق الذي سلكه من سبقوها، لكنها لم تحقق أي اختراق يُذكر.
الأزمة في قلب الانقسام
لعل ما يجعل مبادرة خوري تبدو وكأنها تدور في حلقة مفرغة هو الانقسام الحاد بين حكومتين متنازعتين. من جهة، هناك حكومة في الشرق برئاسة أسامة حماد مدعومة من البرلمان. ومن جهة أخرى، تقف حكومة عبد الحميد الدبيبة في الغرب، وهي الحكومة المعترف بها دوليًا.
هذا الانقسام لا يقتصر على الحكومات فقط، بل يمتد إلى الشارع الليبي الذي بات منقسمًا بين مؤيد ومعارض لهذه المبادرة أو تلك. يقول قلمة إن الحل الوحيد لأزمة ليبيا يكمن في أيدي الليبيين أنفسهم. مبادرات الخارج، وفقًا له، تظل محاولات عبثية طالما لم تحظَ بدعم داخلي شامل.
الانتخابات.. حجر الزاوية
تطرقت خوري في مبادرتها إلى قوانين الانتخابات، التي يعتبرها قلمة محسومة تمامًا. فقد تم التصديق عليها من البرلمان، ورحّب بها مجلس الأمن والمبعوث الأممي السابق. لكن المفارقة تكمن في أن هذه القوانين، رغم نشرها في الجريدة الرسمية، لم تُترجم إلى خطوات عملية على أرض الواقع.
يرى قلمة أن المشكلة الأساسية ليست في القوانين بل في الوضع السياسي الراهن. وجود حكومتين متنازعتين يجعل تنفيذ أي خطة أمرًا شبه مستحيل. ورغم ترحيب القوى الغربية والدولية بمبادرة خوري، إلا أن الأطراف الليبية ظلت منقسمة تجاهها، مما يعكس عمق الهوة السياسية في البلاد.
هل هناك بصيص أمل؟
رغم الانتقادات، لا يمكن إنكار أن مبادرة خوري تحمل بعض النقاط الإيجابية. فهي، على الأقل، أعادت الحديث عن الانتخابات إلى الواجهة، وأثارت نقاشًا حول ضرورة تجاوز مرحلة الجمود السياسي. لكن هذه المبادرة، كما يشير قلمة، تظل مبهمة في العديد من جوانبها.
محاولات خوري لإرضاء جميع الأطراف قد تكون سيفًا ذا حدين. فمن جهة، قد تساعد في بناء توافق دولي ومحلي. لكن من جهة أخرى، قد تجعل المبادرة تفقد فعاليتها إذا ما استمرت في محاولة تلبية مصالح متضاربة.
ما وراء الموقف الدولي
مجلس الأمن الدولي يترقب الجلسة المرتقبة في الخامس عشر من يناير الحالي، حيث ستُطرح مبادرة خوري للنقاش. هذا الترقب يعكس الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي للأزمة الليبية. لكن السؤال الذي يظل معلقًا هو: هل ستتمكن هذه الجلسة من تقديم دفعة حقيقية نحو الحل، أم أنها ستكون مجرد حلقة جديدة في سلسلة من الاجتماعات غير المثمرة؟
طريق طويل وشاق
بين مبادرة خوري والمشهد السياسي الراهن، تظل ليبيا عالقة في دوامة من التحديات. الحلول تبدو بعيدة المنال، لكن الأمل لا يزال قائمًا. في نهاية المطاف، يبقى الليبيون هم من يمتلكون مفتاح الخروج من أزمتهم. وكما قال قلمة، فإن الحل لا يمكن أن يأتي إلا من الداخل، لأن من يسعى لإرضاء الجميع قد يجد نفسه عاجزًا عن إرضاء أي طرف.