الأخبارليبيا

أزمة الأدوية تهدد حياة المرضى في ليبيا

نقص الأدوية الضرورية يضع الحكومة أمام المساءلة

أخبار ليبيا 24

  • “مدير الصيدلة: أدوية السكري والأورام غائبة عن المشهد”
  • “عجز العطاء العام يُفاقم أزمة نقص الأدوية”
  • “مناشدات عاجلة لإنقاذ حياة المرضى من كارثة محققة”
  • “الصحة: تأخر الإجراءات يزيد معاناة المرضى”

معاناة المريض.. أزمة الأدوية بين الإهمال والفساد

في بلد تتزاحم فيه الأزمات على أبواب كل بيت، تتصدر أزمة نقص الأدوية المشهد كأحد أخطر التحديات التي تهدد حياة المواطنين يومًا بعد يوم. معاناة لم تعد تخفى على أحد، فكل مريض يحمل قصته في طوابير المستشفيات التي أصبحت أشبه بمحطات انتظار للمجهول، وسط صرخات الاستغاثة التي لا تجد من يُصغي إليها.

أزمة مُتجددة تُفقد الأمل
مدير إدارة الصيدلة بوزارة الصحة بـ حكومة الدبيبة منتهية الولاية، نادية أبوصبع، وصفت في تصريحات تلفزيونية تابعتها “أخبار ليبيا 24” الحال بكلمات تلخص المأساة. نقص حاد يطال أهم الأدوية التخصصية والعامة، مثل أدوية الأنسولين الخاصة بالسكري وأدوية الأورام والهرمونات والأعصاب، والتي أصبحت شبه معدومة في المرافق الصحية، مما يُلقي بظلاله الكئيبة على المرضى الذين أصبحوا بين مطرقة المرض وسندان الإهمال.

ورغم أن العطاء العام الذي كان يُفترض أن يكون حبل الإنقاذ في أزمة نقص الأدوية قد أتى بجرعات محدودة من الحلول، فإن تلك الأدوية استُهلكت بالكامل دون أن تُسد الفجوة. الطلبات الجديدة التي قدّمتها وزارة الصحة للحصول على أصناف حيوية مثل أدوية الروماتيزم و”حقنة الخدج” لا تزال عالقة في دهاليز البيروقراطية التي تُثقل كاهل القطاع الصحي.

تقصير إداري أم فساد ممنهج؟
التأخر في البتّ بطلبات الأدوية الضرورية يفتح أبواب التساؤلات على مصراعيها. كيف يُعقل أن أدوية تمثل الفارق بين الحياة والموت للعديد من المرضى تنتظر قرار لجنة العطاءات لأشهر؟ هل هذا مجرد سوء إدارة أم أن هناك خيوطًا خفية للفساد تُحكم قبضتها على العملية؟

الأمر لا يقتصر على العجز في تلبية احتياجات السوق المحلية فقط، بل يتعدى ذلك إلى فشل في توفير الأدوية الطارئة، مثل “حقنة الفصيلة”، التي يحتاجها الأطفال حديثو الولادة لإنقاذ حياتهم. تأخر إجراءات التوريد يُضاف إلى سلسلة طويلة من الأزمات التي تثقل كاهل المواطن الليبي وتُفقده ثقته في المؤسسات المسؤولة.

أرواح على المحك
ما يثير القلق هو أن استمرار هذا الوضع الكارثي يجعل المرضى، وخاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة، في مواجهة حتمية مع الموت. هؤلاء المرضى يعتمدون بشكل كامل على أدوية لا غنى عنها مثل الأنسولين وأدوية الأعصاب، التي أصبح الحصول عليها أقرب إلى المستحيل.

في ظل هذه الأوضاع، تُصبح المستشفيات والمرافق الصحية أماكن تعجّ بالخوف والارتباك، حيث الأطباء يقفون مكتوفي الأيدي أمام نقص الموارد، والمرضى وعائلاتهم يواجهون المجهول.

مناشدات بلا صدى
رغم المناشدات المتكررة التي أطلقتها أبوصبع، فإن الجهات المختصة لم تحرك ساكنًا بعد. التصريحات التي تدعو إلى “الإجراءات العاجلة” و”توفير الأدوية الضرورية” ما زالت حبرًا على ورق. وفي الوقت نفسه، تستمر معاناة المرضى في الصعود نحو قمة مأساة إنسانية لم تكن لتحدث لو توفرت الإرادة السياسية والإدارية لمعالجتها.

تداعيات أكبر من الصحة
أزمة نقص الأدوية لا تهدد الصحة العامة فقط، بل تمتد لتلقي بظلالها على الاقتصاد والمجتمع ككل. ارتفاع أسعار الأدوية في السوق السوداء بسبب النقص الرسمي يجعلها بعيدة عن متناول المواطن العادي، مما يزيد من أعباء الفقر ويُفاقم التفاوت الاجتماعي. كما أن هذه الأزمة تزيد من شعور المواطنين بالإحباط وعدم الثقة في الحكومة ومؤسسات الدولة.

الحكومة في مرمى الانتقاد
لا يمكن فصل هذه الأزمة عن الوضع السياسي العام في البلاد. حكومة الدبيبة، التي أصبحت متهمة بالإهمال والتقصير، تجد نفسها أمام موجة من الانتقادات المتصاعدة. كيف يمكن لحكومة تدعي السعي إلى تحسين الخدمات الصحية أن تسمح بحدوث كارثة بهذا الحجم؟

المسؤولية لا تقع فقط على عاتق وزارة الصحة، بل تمتد لتشمل كل الجهات الرقابية والتنفيذية التي كان من المفترض أن تضمن توفير الأدوية بكميات كافية وبأسعار معقولة.

الطريق إلى الحل
المشهد الحالي، رغم سواده، لا يخلو من بصيص أمل. معالجة أزمة نقص الأدوية تبدأ بإصلاح جذري في آليات التوريد والتوزيع، مع التركيز على الشفافية والمساءلة في اتخاذ القرارات. كما يجب أن تتبنى الحكومة خطة طوارئ شاملة تضمن توفير الأدوية الأساسية بشكل فوري، مع وضع آليات رقابية صارمة تمنع تكرار هذه الأزمة في المستقبل.

الأمر يتطلب أيضًا دعمًا دوليًا، سواء عبر برامج المساعدات الإنسانية أو عبر تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المختصة في مجال الصحة.

الحياة ليست خيارًا
في بلد يتوق مواطنوه إلى الأمان والاستقرار، يجب أن تكون الصحة أولوية لا يمكن المساومة عليها. أرواح المرضى ليست أرقامًا في تقارير أو عناوين في نشرات الأخبار، بل هي حياة تتعلق بقرارات كان يمكن أن تُتخذ في الوقت المناسب. اليوم، تقف ليبيا أمام تحدٍ أخلاقي وإنساني يتطلب إرادة حقيقية للتغيير.


المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى