إقتصادالأخبارتقارير

الدفع الإلكتروني في ليبيا.. فرصة لتجاوز شح السيولة

هل تعيق البنية التحتية مساعي التحول الرقمي بليبيا

أخبار ليبيا 24

  • البطاقات الإلكترونية.. أداة حل أم عبء إضافي؟
  • نقص السيولة في ليبيا.. بين الحلول التقنية والواقع المرير.
  • تحديات الدفع الإلكتروني.. الثقافة، الأمن، والبنية التحتية.
  • مبادرات المركزي الليبي.. خطوة إلى الأمام أم تكرار للفشل؟

الدفع الإلكتروني في ليبيا.. بين الآمال والتحديات

منذ تفاقم أزمة السيولة النقدية في ليبيا، أصبح البحث عن حلول بديلة لتسهيل المعاملات المالية حاجة ملحة. وفي ظل هذا الوضع، ظهر الدفع الإلكتروني كأحد الخيارات التي يُعوَّل عليها للتخفيف من الأعباء المعيشية اليومية. لكن، كما هو الحال مع العديد من المبادرات الأخرى، يواجه الدفع الإلكتروني في ليبيا حواجز شتى تجعل من تنفيذه رحلة محفوفة بالمخاطر.

الأزمة المستمرة.. الجذور والمسببات

منذ اندلاع الأزمة في 2014، أصبحت السيولة النقدية في ليبيا شحيحة بشكل غير مسبوق. الانقسام السياسي، انهيار سعر صرف الدينار، وتراجع عائدات النفط؛ جميعها عوامل أدت إلى تشكل بيئة اقتصادية غير مستقرة. في خضم هذه الأزمات، يعاني المواطن الليبي من نقص في الخدمات الأساسية، ويواجه تحديات يومية في الوصول إلى أمواله.

مع تولي ناجي عيسى منصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، بدت بوادر أمل في اتخاذ خطوات جريئة لمعالجة الأزمة. من بين هذه الخطوات، إعلان المصرف المركزي عن تطوير خدمات الدفع الإلكتروني كجزء من خطته لتجاوز الأزمة. ولكن، هل يمكن أن يكون الدفع الإلكتروني فعلاً الحل المنتظر؟

مزايا الدفع الإلكتروني.. نظرة تفاؤلية

من الناحية النظرية، يقدم الدفع الإلكتروني حلاً عملياً لتقليل الاعتماد على السيولة النقدية. باستخدام بطاقات الشراء أو التطبيقات المصرفية، يمكن للمواطنين إجراء المعاملات بسهولة وسرعة. علاوة على ذلك، فإن هذه التقنية تقلل من مخاطر السرقة المرتبطة بحمل الأموال النقدية وتوفر فرصة لتوثيق المعاملات بشكل أكثر دقة.

في الدول التي نجحت في تطبيق الدفع الإلكتروني، كانت النتائج إيجابية على مستويات عدة، بدءاً من تعزيز الشفافية وانتهاءً بتحفيز الاقتصاد الرقمي. ومع ذلك، فإن النجاح يتطلب بيئة داعمة لا تبدو متوفرة في الحالة الليبية.

التحديات التقنية.. ضعف البنية التحتية

البنية التحتية التقنية هي التحدي الأبرز أمام الدفع الإلكتروني في ليبيا. فبينما تعاني البلاد من انقطاعات متكررة في الكهرباء وخدمات الإنترنت، يصبح تشغيل نقاط البيع الرقمية أو تفعيل التطبيقات المصرفية أمراً صعباً. في المناطق النائية، يكاد يكون غياب الاتصال بالإنترنت عائقاً قاتلاً أمام أي تطور في هذا المجال.

كما أن أعطال الشبكات وعدم استقرار الأنظمة المصرفية يزيدان من إحباط المستخدمين. دون استثمارات حقيقية لتحسين هذه البنية التحتية، سيظل الدفع الإلكتروني خياراً بعيد المنال.

العوائق الثقافية والاجتماعية

ثقافة الدفع الإلكتروني حديثة نسبياً في ليبيا، مما يجعل تقبلها أمراً غير مضمون. كبار السن، الذين يفضلون التعامل بالنقد، وأصحاب الأعمال الصغيرة الذين يفتقرون إلى رأس المال الكافي للاستثمار في الأجهزة الحديثة، يشكلون شريحة كبيرة من السكان غير المستعدين لهذه النقلة.

إضافة إلى ذلك، فإن انتشار الأمية الرقمية بين فئات واسعة من الشعب الليبي يزيد من صعوبة اعتماد الدفع الإلكتروني كوسيلة رئيسية للتعاملات.

مخاطر الأمن السيبراني

تعتبر المخاطر المرتبطة بالأمن السيبراني من بين التحديات الكبرى. فبدون توعية كافية للمستخدمين، تبقى البطاقات الإلكترونية عرضة للتزوير والاختراق. القوانين الرادعة لحماية بيانات المستخدمين لا تزال غائبة، مما يفتح الباب أمام عمليات احتيال قد تزيد من فقدان الثقة في هذه الوسائل.

هل يمكن أن تنجح المبادرات الحالية؟

رغم التحديات، أطلق مصرف ليبيا المركزي مبادرات لتحفيز الدفع الإلكتروني. ولكن هذه الجهود بحاجة إلى استكمال شامل يتضمن تحسين البنية التحتية، تطوير التشريعات، وتعزيز الوعي الثقافي بأهمية الدفع الإلكتروني.

الاعتماد على الدفع الإلكتروني قد يكون خطوة نحو بناء اقتصاد أكثر شفافية واستقراراً، ولكنه يتطلب رؤية واضحة وإرادة سياسية تتجاوز الخلافات والصراعات الحالية.

بين النجاح والفشل.. الطريق إلى الأمام

قد تكون تجربة الدفع الإلكتروني في ليبيا درساً مهماً حول أهمية التخطيط والتنفيذ المتكامل. النجاح في هذا المجال لن يتحقق عبر إجراءات سطحية، بل يحتاج إلى استثمار مستدام ودعم شامل يشمل جميع شرائح المجتمع.

ختاماً، يبقى الدفع الإلكتروني أداة قد تسهم في حل أزمة السيولة، لكنه ليس حلاً سحرياً. في ظل الظروف الحالية، يبدو أن هذا الخيار يحتاج إلى إعادة تقييم جذرية تأخذ في الحسبان التحديات الواقعية والاحتياجات المحلية.

 

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى