
أخبار ليبيا 24
- الدبيبة يثير الجدل مجددًا بمبادرة الزواج المثيرة للانتقاد
- منحة الزواج: جدل حول الأهداف والتأثيرات المجتمعية
- تراجع حكومي وشروط مستحدثة تعرقل نجاح المبادرة
- ارتفاع حالات الطلاق: آثار جانبية لمنحة بلا دراسة؟
مبادرة الدبيبة للزواج: أزمات تلبس ثوب الحلول
منذ أكثر من عام ونصف، خرج عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، بمبادرة لدعم الزواج في ليبيا، روج لها كخطوة لحل أزمة عزوف الشباب عن الزواج. ولكن ما كان يُفترض أن يكون بادرة أمل، سرعان ما تحول إلى مثار جدل واسع، يعكس تناقضات في التخطيط والتنفيذ.
الإعلان الأول.. بداية جدل مجتمعي
في سبتمبر 2021، أعلن الدبيبة عن تخصيص ميزانية لدعم 50 ألف شاب وشابة للزواج عبر منح مالية بقيمة 40 ألف دينار لكل ثنائي. كان الهدف المعلن هو تسهيل الزواج في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة. لكن سرعان ما ظهرت قيود وشروط على المستفيدين، مثل تحديد سنّ 25 للزوج و18 للزوجة، في خطوة أثارت انتقادات حادة.
غياب الدراسة ونتائج عكسية
لم تبن الحكومة قرارها على إحصاءات دقيقة للشباب المقبلين على الزواج أو قدرتهم على الاستمرار فيه. باحث مجتمعي أشار إلى أن عدم وجود دراسة واضحة أدى إلى فشل المبادرة في تحقيق أهدافها. وتابع قائلاً: “منح المال وحده لا يحل مشكلة تحتاج إلى معالجة أعمق تشمل توفير فرص عمل، وحلولًا لأزمة السكن”.
أرقام صادمة وزيجات مشبوهة
بحسب تقارير مصلحة الأحوال المدنية، تم تسجيل زيجات لقاصرات في سن 14 عامًا خلال الأشهر الأولى من المبادرة، ما أثار استياء واسعاً من غياب الرقابة الحكومية. ورغم إعلان الحكومة صرف أموال للمشروع، فإنها لم تقدم أي إحصاءات تثبت زيادة ملحوظة في عدد الزيجات.
الطلاق.. قنبلة موقوتة
مع ازدياد حالات الزواج، لاحظت المحاكم تزايداً غير مسبوق في حالات الطلاق، حيث سجلت محكمة سبها 15 حالة طلاق في يوم واحد، بعضها قبل الدخول. وأكد مراقبون أن السبب يعود إلى غياب التأهيل المجتمعي للزيجات الجديدة، إضافة إلى الظروف الاقتصادية المتردية.
بين الاستغلال والدعاية السياسية
على الرغم من ضخامة المبالغ المعلنة، يرى كثيرون أن مبادرة الدبيبة جاءت في سياق حملة شعبوية، تهدف إلى كسب تعاطف الشباب أكثر من حل أزماتهم. المحامية هنية الوافي علقت بأن المبادرة افتقرت إلى التخطيط، وأظهرت الحكومة وكأنها تسعى لحصد مكاسب سياسية على حساب استقرار المجتمع.
مستقبل غامض ومراجعة ضرورية
مع مرور الوقت، يتضح أن المبادرة لم تحقق أهدافها المرجوة. فلم يطرأ أي تحسن على أوضاع الشباب، واستمرت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في خنق آمالهم. يشير الأوجلي إلى ضرورة مراجعة المبادرة وإيقافها إلى حين توفير بيئة اجتماعية واقتصادية مناسبة تدعم الزيجات الجديدة.
انتقادات واسعة
غياب رؤية شاملة
الباحثون في الشأن الاجتماعي والقانوني أكدوا أن المبادرة تعكس غياب رؤية متكاملة للتعامل مع التحديات الحقيقية التي تواجه الشباب الليبي. فالمشكلة، وفقاً للخبراء، لا تقتصر على تقديم أموال للتشجيع على الزواج، بل تتعداها إلى مشكلات أعمق تشمل البطالة، غلاء المهور، وارتفاع تكاليف المعيشة.
لغة سوقية
تسببت بعض التصريحات المرتبطة بالمبادرة، خاصة تلك التي ربطت الدعم بتحريك سوق الزواج، في إشعال موجة من الغضب بين أوساط المجتمع. واعتبر العديد أن هذه اللغة تفتقر إلى الاحترام وتضعف من مكانة المرأة، مما أدى إلى تنديد واسع على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الحقوقية.
فشل التنفيذ
رغم مرور فترة طويلة على إطلاق المبادرة، إلا أن النتائج على أرض الواقع لا تزال مخيبة للآمال. فقد شكا العديد من الشباب من تعقيد الإجراءات البيروقراطية للحصول على الدعم، إضافة إلى ضعف المتابعة الحكومية لتطبيق المبادرة في كافة المناطق الليبية. ونتيجة لذلك، لم يستفد سوى عدد محدود من الشباب، بينما ظلت الأغلبية تعاني من التحديات ذاتها.
آراء الشارع
في أحاديث متفرقة مع المواطنين، عبّر العديد عن استيائهم من عدم جدوى المبادرة. أحد الشباب قال: “المبادرة قد تبدو جيدة على الورق، لكنها لا تعالج مشكلاتنا الحقيقية. نحن بحاجة إلى وظائف واستقرار اقتصادي قبل التفكير في الزواج”.
البدائل المطلوبة
دعم اقتصادي شامل
يشير الباحثون إلى أن الحلول الفعالة تتطلب تقديم دعم اقتصادي شامل للشباب، مثل خلق فرص عمل، تخفيض أسعار السلع الأساسية، وتوفير مساكن بأسعار معقولة.
إصلاحات اجتماعية
كما طالب الخبراء بضرورة معالجة المشكلات الاجتماعية المرتبطة بثقافة المهور العالية والتكاليف الباهظة للحفلات، التي أصبحت عبئاً على الشباب وأسرهم.
ختاماً
مبادرة الدبيبة للزواج كشفت عن عمق الأزمات التي تعاني منها ليبيا. فما بين سوء التخطيط وغياب الرقابة، أصبح الشباب في مواجهة تداعيات قرارات غير مدروسة. إن بناء مجتمع مستقر يحتاج إلى رؤية واضحة واستراتيجيات شاملة، لا إلى مبادرات عشوائية هدفها كسب رضا الشارع دون دراسة عواقبها، ويبقى السؤال: هل ستتجه الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية؟ أم أن هذه المبادرة ستظل مثالاً آخر على سياسات غير فعالة تزيد من الإحباط الشعبي؟