أخبار ليبيا 24
-
كارلوس غصن: منقذ نيسان وضحية قرارات خاطئة
-
ما وراء العبارة: عندما تُخفي الحقيقة المؤلمة
-
إدارة الأزمات: بين الإبداع والمجازفة بتجاهل القادة
-
القادة المبدعون: هل يمكن للمؤسسة أن تستغني عنهم؟
خداع العبارة: هل المؤسسات تستمر بلا قادتها المؤثرين؟
في عالم الإدارة والأعمال، تتردد عبارة شهيرة كثيرًا ما تُستدعى لتبرير قرارات جريئة وغير مدروسة: “المكان لن يقف على أحد.” تبدو العبارة ظاهريًا منطقية، إذ توحي بأن المؤسسة كيان مستقل قادر على الصمود والاستمرار دون الاعتماد على الأفراد. لكن، كما تثبت التجارب المتكررة، فإن وراء هذه العبارة يكمن خداع كبير قد يُكلّف المؤسسات أثمانًا باهظة لا يمكن تداركها.
قصة كارلوس غصن وشركة نيسان: دروس من النجاح والسقوط
في أواخر التسعينيات، كانت شركة نيسان اليابانية تواجه شبح الإفلاس، وسط ديون متراكمة وخسائر فادحة تكاد تُجهز على مستقبلها. في خضم هذا الظلام، ظهر كارلوس غصن، الذي تولى القيادة برؤية جريئة وروح مبتكرة. استطاع غصن، بفضل استراتيجياته الذكية وإصلاحاته الحاسمة، أن يُحوّل الشركة من حالة الانهيار إلى واحدة من أبرز شركات السيارات عالميًا.
لكن المفارقة الكبرى حدثت حين قرر ملاك نيسان الاستغناء عنه، ليس لفشله، بل لرغبتهم في تقليل النفقات والحد من السياسات التي رأوا أنها مكلفة رغم نجاحها. عند سماعه الخبر، قال غصن عبارته الشهيرة:
“سيكلفهم هذا القرار إفلاس الشركة ومحو ذكرها.”
وكما توقع، لم تلبث الشركة طويلًا قبل أن تدخل في دوامة أزمات مالية حادة. اضطرت إلى بيع أصول مهمة، بل وطرحت نفسها للاندماج مع شركات أخرى، محاولةً تفادي السقوط المدوي. ولكن، رغم كل تلك الجهود، لم تستعد نيسان بريقها السابق، وبرزت القصة كدرس عالمي عن أهمية القادة المؤثرين في تشكيل مصير المؤسسات.
العبارة المضللة: “المكان لن يقف على أحد”
تتردد هذه العبارة كثيرًا لتبرير قرارات الاستغناء عن موظفين مؤثرين أو قادة مبدعين، وغالبًا ما تكون انعكاسًا لنقص في التخطيط أو خوف من مواجهة التحديات الإدارية. لكن الواقع يثبت أن المؤسسات ليست مجرد جدران وأرقام في دفاتر المحاسبة؛ بل هي نبض حياة يتشكّل من إبداع وعزيمة العاملين بها.
حين يُقال إن “المكان لا يقف على شخص واحد”، يُغفل القائل حقيقة أن الشخص المناسب قد يكون المحرك الرئيس الذي يجعل المكان ينبض بالحياة، وبدونه قد تتحول المؤسسة إلى كيان جامد فاقد للرؤية والابتكار.
كيف تتعامل المؤسسات مع القيادة؟
هناك فرق كبير بين إدارة الأزمات بإبداع، وبين اتخاذ قرارات قصيرة النظر تهدف إلى معالجة مشاكل سطحية. إن القادة المؤثرين ليسوا مجرد أسماء في الهيكل الإداري، بل هم عقول تقدم الرؤية وتصنع الفارق.
الشركات الكبرى كأمثلة ناجحة
لنأخذ مثالًا على ذلك من شركات كبرى مثل آبل، التي عاشت صدمة كبيرة حين فقدت قائدها الملهم ستيف جوبز، لكنه كان قد وضع بصمة استراتيجية جعلت الشركة تستمر في الابتكار حتى بعد رحيله. كذلك، نجد تسلا التي يديرها إيلون ماسك، الرجل الذي يُعد العقل المدبر وراء نجاح الشركة وإبداعها.
الثمن الباهظ للاستغناء
إن القرارات التي تهدف إلى خفض النفقات على حساب القادة المؤثرين قد تُحقق توفيرًا ماديًا مؤقتًا، لكنها تُكلّف المؤسسات خسائر إبداعية ومعنوية لا تُقدّر بثمن. المؤسسات التي تتبنى فلسفة “الجميع يمكن استبدالهم” تجد نفسها بعد سنوات تبحث عما أضاعته من إبداع وروح قيادية لا يمكن تعويضها بسهولة.
الحكمة المستخلصة: القيادة ليست خيارًا إضافيًا
العبارة الصحيحة التي يجب أن تُستبدل بـ “المكان لن يقف على أحد” هي:
“الأماكن العظيمة تُبنى بالعقول العظيمة، ولا تُزدهر إلا بها.”
إدراك أهمية القادة والحفاظ عليهم ليس رفاهية، بل ضرورة استراتيجية. فالقادة المؤثرون هم الذين يُحدثون الفارق بين مؤسسة عادية وأخرى عظيمة.