
أخبار ليبيا 24
-
وزير التعليم: تصريحات الكركوبة تثير جدلًا حول القيادة
-
إقالات واستقالات بالجملة: كيف تساقط وزراء حكومة الدبيبة؟
-
من “وزراء الشعب” إلى “وزراء العائلة”: تحول خطير
-
فساد وتطبيع واستقالات: الصورة الكاملة لحكومة الوحدة الوطنية
حكومة الوحدة الوطنية.. من الأمل إلى الانهيار تحت قبضة الميليشيات والفساد
عندما منح مجلس النواب في مارس 2021 الثقة لعبد الحميد الدبيبة وحكومته، كانت التوقعات عالية نحو مستقبل مشرق يهدف إلى إنهاء الانقسامات السياسية وإعادة بناء الدولة. بدايةً، كان الأمل يحدو الليبيين في حكومة تَعد بتوحيد المؤسسات، تحسين الخدمات العامة، ومكافحة الفساد. لكن مع مرور الوقت، تحولت حكومة الوحدة الوطنية إلى كابوس سياسي، حيث سيطر المقربون على المناصب السيادية، وأصبحت القرارات تُدار تحت ضغط الميليشيات التي كانت تفرض سطوتها على الدولة.
إقالات واستقالات: هيكل حكومي متداعٍ
شهدت حكومة الدبيبة موجة من الإقالات والاستقالات التي انعكست على حالة الفوضى وعدم الاستقرار في الحكومة. من أبرز هذه الإقالات كانت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، التي أُقيلت بعد لقائها بنظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، ما أثار ردود فعل غاضبة على المستويين الشعبي والدولي. كما شهدت وزارة الداخلية تقلبات غير مسبوقة، حيث أُقيل الوزير خالد التيجاني مازن بعد تصاعد الاشتباكات بين الميليشيات في طرابلس، ليحل محله بدر الدين التومي، الذي تم استبداله لاحقًا باللواء عماد الطرابلسي. أما وزير الثقافة مبروكة توغي، فقد تم إعادتها إلى منصبها بعد فضيحة فساد كبرى تضمنت تزوير المستندات وصرف الأموال في غير محلها.
كما شهدت الحكومة استقالات أخرى من بينها وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، سلامة إبراهيم الغويل، الذي أعلن استقالته احتجاجًا على سياسات الحكومة التهميشية، موجهًا انتقادات لاذعة من خلال قوله: “لا يشرفني تاريخيًا أن أبقى في وزارة لا أستطيع خدمة مدينتي وباقي مدن ليبيا بالتساوي.”
الميليشيات: الحاكم الفعلي
مع تفاقم الصراعات الداخلية، أصبحت الميليشيات المسلحة القوة الفعلية التي تدير شؤون الأمن في طرابلس. الاشتباكات المتكررة والتي امتدت إلى مناطق عدة، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا. هكذا تحولت الحكومة من مشروعٍ للسلام إلى مجرد أداة للميليشيات لتحقيق مصالحهم الخاصة.
الفساد: الوجه الآخر للحكومة
لم تقتصر أزمات الحكومة على الإقالات والصراعات الميليشياوية، بل تجاوزتها إلى فضائح فساد من العيار الثقيل. على سبيل المثال، تم إقالة وزير النفط محمد عون رغم حكم قضائي بعودته، واستقال وزير الدولة للشؤون الاقتصادية، سلامة الغويل، احتجاجًا على سياسات التهميش والفساد المستشري.
حكومة العائلة: هل بقي شيء للوطن؟
ومع استمرار عبد الحميد الدبيبة في إدارة الحكومة بطرق استبدادية بحسب ما يرى المحللون، بدأت الحكومة تُوصف بـ”حكومة العائلة”، حيث كانت القرارات تُتخذ لصالح أفراد من عائلة الدبيبة والمقربين منه. وهو ما أدى إلى فقدان الحكومة لشرعيتها الشعبية وتفشي الفساد والمحسوبية، مما جعلها تبتعد أكثر عن تحقيق تطلعات الشعب الليبي.
فقدان الشرعية السياسية
ومع مرور الوقت، بدأ مجلس النواب في سحب الدعم السياسي من حكومة الدبيبة. تزايدت الانتقادات من أعضاء البرلمان حول تراجع الحكومة عن تعهداتها وتعاملها الأحادي مع قضايا سيادية، مثل تعيينات الوزراء، مشاريع الإنفاق، وتغييرات التشكيلة الوزارية. كما أن بعض النواب اعتبروا أن الحكومة خرجت عن المسار الذي مُنحت على أساسه الثقة، مما أدى إلى فقدانها شرعيتها السياسية.
القرارات الأحادية وفقدان الثقة
اتخذت حكومة الدبيبة العديد من القرارات المؤثرة في مجالات الاقتصاد والبنية التحتية دون الرجوع إلى البرلمان أو الحصول على موافقته. مثل هذه التصرفات فاقمت من الأزمات السياسية وزادت من ضعف الثقة بين الحكومة ومؤسسات الدولة. كما أن التغييرات المستمرة في تشكيل الحكومة دون موافقة البرلمان كانت خطوة أحادية اعتُبرت غير دستورية، ما أعطى انطباعًا بعدم احترام القانون.
الآثار على الأوضاع العامة
إن تداعيات الخلافات بين البرلمان والحكومة كانت واضحة في مختلف جوانب الحياة في ليبيا. فقد تأثر الاقتصاد الليبي بشكل كبير نتيجة للصراعات السياسية، مما أدى إلى تدهور قيمة الدينار الليبي وارتفاع معدلات التضخم. كما تأثرت الأوضاع الأمنية، حيث مكنت الفوضى السياسية الجماعات المسلحة من توسيع نفوذها، في حين تفاقمت أزمات الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء والصحة.
الموقف الدولي والإقليمي
تباينت ردود الفعل الدولية تجاه الحكومة منتهية الولاية. في حين دعمت بعض الدول مسار الحوار بين الأطراف الليبية، رأت دول أخرى أن الحكومة الحالية لا تمثل إرادة الشعب الليبي وأنها خرجت عن إطار الشرعية.
إن حكومة عبد الحميد الدبيبة التي بدأت بتطلعات شعبية لإنهاء الانقسام، انتهت بحسب مايرى الكثيرون إلى كيان يتسم بالفساد، والتطبيع، وسيطرة الميليشيات. ليبيا بحاجة إلى قيادة حقيقية تأخذ على عاتقها مهمة إنقاذ البلاد من هذا المأزق التاريخي، وتعيد بناء الثقة بين المؤسسات السياسية لضمان استقرار مستقبلها.