
أخبار ليبيا 24
- خطوة لتعزيز الشفافية: مصرف ليبيا المركزي يطلب تدقيقاً مستقلاً
- “ديلويت” والتدقيق الغائب: مخاوف من غياب الشفافية
- هل تهدد التبعية الخارجية الاستقرار المالي في ليبيا؟
- الرقابة والمخاطر: بين الالتزام بالمعايير وحماية السيادة
مصرف ليبيا المركزي: بين معايير واشنطن ومتطلبات السيادة
في مشهد يختلط فيه الاقتصاد بالسياسة، يجد مصرف ليبيا المركزي نفسه في مواجهة معادلة معقدة: كيف يستجيب لتحذيرات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي دون المساس بالسيادة الوطنية؟ الإعلان عن آلية مراجعة مستقلة للعمليات المالية بالدولار ليس مجرد إجراء إداري، بل خطوة ذات أبعاد أعمق، تعكس مدى التعقيد الذي تواجهه المؤسسات المالية الليبية في ظل تحديات محلية ودولية متشابكة.
تحذيرات أميركية وتحركات عاجلة
تأتي هذه الخطوة بعد سلسلة من التحذيرات الصادرة عن البنك الفيدرالي الأميركي، والتي حذرت من احتمالية تعليق التعاملات بالدولار مع ليبيا إذا لم يتم الامتثال للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. يُنظر إلى هذه التحذيرات على أنها إنذار صارخ ينذر بعواقب قد تطال الاقتصاد الليبي برمته، بما في ذلك تدفق إيرادات النفط المقومة بالدولار، والتي تمثل شريان الحياة للاقتصاد الليبي.
في رسالة رسمية صادرة بتاريخ 16 ديسمبر 2024، خاطب المصرف المركزي رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك للحصول على موافقته لتطبيق الآلية الجديدة. وتشمل هذه الخطوة مراجعة بيانات الموردين والمستوردين التي تُنشر شهرياً على موقع المصرف الإلكتروني.

التحديات بين الشفافية والسيادة
يرى خبراء الاقتصاد أن نجاح هذه الآلية يعتمد بشكل أساسي على مدى الشفافية التي سترافق تنفيذها. فقد سبق وأن قامت شركة “ديلويت” بتدقيق حسابات المصرف في طرابلس وبنغازي، لكن تقاريرها ظلت حبيسة الأدراج. وبهذا الصدد، يُطالب المحللون بنشر تفاصيل العقد وآليات المراجعة لضمان مصداقية العملية.
على الجانب الآخر، انتقد محللون اقتصاديون هذه الخطوة باعتبارها تأكيداً للتبعية الخارجية. يرى المحلل محمد الشيباني أن ليبيا تمتلك أجهزة رقابية قادرة على إنجاز المهمة دون الحاجة لشركة أجنبية. وأضاف في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“ أن هذا الإجراء قد يؤثر سلباً على سعر الصرف في السوق الموازية، محذراً من تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً.
تأييد مشروط ومخاوف مشروعة
في المقابل، أيد المحلل علي الرقيعي هذه الخطوة، مشدداً على أنها وسيلة حيوية لمكافحة الفساد في الاعتمادات المستندية والحوالات السريعة. لكنه دعا إلى وضع ضوابط صارمة لضمان عدم تهريب العملة إلى الخارج. ولفت الرقيعي في تصريحات صحفية رصدتها“أخبار ليبيا 24“ إلى أهمية تحقيق التوازن بين الامتثال للمعايير الدولية والحفاظ على السيادة الوطنية، مؤكداً على ضرورة نشر تقارير “ديلويت” السابقة التي لم تُعلن حتى الآن.
من جهة أخرى، أعرب المحلل المالي عبد الحكيم عامر غيث عن مخاوفه من وجود أبعاد سياسية وراء هذه الخطوة. وأشار في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24“ إلى أن الاستعانة بشركة جديدة قد تحمل في طياتها أجندات إقليمية ودولية تتجاوز مجرد التدقيق المالي.
مستقبل الاقتصاد الليبي بين الشك واليقين
يبقى التساؤل الرئيسي: هل ستنجح هذه الخطوة في تعزيز شفافية المصرف المركزي الليبي وحماية الاقتصاد من تداعيات خطيرة؟ أم أن الخلافات الداخلية والخارجية ستعرقل تنفيذها؟
بين مؤيد وناقد، تبدو هذه الخطوة كاختبار حقيقي لقدرة ليبيا على إدارة أزماتها المالية وفق المعايير الدولية، مع الحفاظ على سيادتها الوطنية. ما هو مؤكد أن الأيام القادمة ستكشف عن الكثير من الحقائق، وربما المفاجآت، حول مسار الاقتصاد الليبي ومستقبله.