إقتصادالأخبارتقارير

الدفع الإلكتروني في ليبيا.. تحديات البنية وثقافة النقد

وسائل الدفع الإلكتروني تواجه عقبات البنية والثقافة

أخبار ليبيا 24

  • أزمة السيولة تُرسخ التعاملات النقدية التقليدية
  • ضعف البنية التحتية يحد من الشمول المالي
  • مصرف ليبيا المركزي يعزز خدمات الدفع الإلكتروني
  • الضغوط التضخمية تُعيق مبادرات الشمول المالي

التحديات البنيوية تُعيق انتشار البطاقات المصرفية

رغم التقدم التكنولوجي الملحوظ الذي يشهده العالم في مجال الخدمات المصرفية الرقمية، تعاني ليبيا من تحديات متشابكة تحول دون تحقيق الاستفادة الكاملة من وسائل الدفع الإلكتروني. ففي ظل استمرار أزمة السيولة النقدية التي ألقت بظلالها على الحياة اليومية للمواطنين، تبقى التعاملات النقدية هي الوسيلة المهيمنة، ما يعكس مشكلة عميقة تتجاوز حدود التقنية لتشمل البنية التحتية والثقافة المجتمعية.

أزمة السيولة تكرس التعامل النقدي

في ضواحي طرابلس، حيث تتركز معظم الأنشطة التجارية، يتبين أن الاعتماد على النقد لا يزال راسخاً. تُظهر شهادات ميدانية أن شراء السلع الأساسية كالمواد الغذائية والوقود يُنفذ في أغلبه عبر النقد الورقي. وعلى الرغم من أن البطاقات المصرفية باتت متاحة نسبياً، فإن استخدامها يظل مقتصراً على بعض القطاعات في المدن الكبرى، بينما تكاد تكون غائبة تماماً عن الجنوب والمناطق الريفية.

البنية التحتية والتحديات التقنية

لا يمكن الحديث عن الدفع الإلكتروني دون التطرق إلى مشاكل البنية التحتية. ضعف شبكات الاتصالات ونقص أجهزة نقاط البيع من أبرز العقبات التي تعترض طريق التحول الرقمي في القطاع المصرفي. فالجنوب، على سبيل المثال، يواجه صعوبات مضاعفة بسبب نقص الموارد التقنية، ما يجعل الاعتماد على الحلول التقليدية أمراً حتمياً.

تطلعات مصرف ليبيا المركزي

رغم كل هذه التحديات، يُظهر مصرف ليبيا المركزي بوادر إيجابية في تبني حلول مبتكرة للدفع الإلكتروني. إذ بلغ عدد مستخدمي خدمة “لي باي” 835 ألف مستخدم، مع معاملات تجاوزت 47 مليون دينار ليبي. كما أعلن المصرف عن تخفيض العمولات على القطاعات الأساسية إلى 1% لتشجيع الإقبال على هذه الخدمات.

الضغوط التضخمية وتأثيراتها

الواقع الاقتصادي يزيد من تعقيد الأزمة. فالسياسات المالية التي تعتمد على ضخ كميات كبيرة من السيولة النقدية دون غطاء إنتاجي كافٍ ترفع معدلات التضخم، ما يجعل الاعتماد على الدفع الإلكتروني أقل جاذبية، خصوصاً في ظل ضعف القوة الشرائية للمواطنين.

نحو رؤية مستقبلية شاملة

يرى محللون أن تحقيق الشمول المالي لا يقتصر على تحديث البنية التحتية، بل يتطلب معالجة جذرية تشمل إعادة هيكلة السياسات الاقتصادية. إذ ينبغي تحقيق توازن بين عرض النقود ومتطلبات الاقتصاد الحقيقي، مع التركيز على التوعية المجتمعية بأهمية الانتقال إلى المعاملات الرقمية.

ثقافة الدفع الإلكتروني والتغيير المجتمعي

لا يمكن إغفال البعد الثقافي في تفسير محدودية الإقبال على الدفع الإلكتروني. فالتقاليد الاجتماعية الراسخة التي تفضل التعامل النقدي تمثل تحدياً إضافياً أمام انتشار التكنولوجيا المالية. لذا، فإن نجاح أي مبادرة يعتمد بشكل أساسي على تغيير سلوكيات المواطنين عبر حملات توعوية مكثفة.

التفاؤل والحلول الممكنة

ورغم الصورة القاتمة، يظل الأمل قائماً في إمكانية تحقيق تغيير تدريجي. إذا تمكن مصرف ليبيا المركزي من مواصلة جهوده لتحسين البنية التحتية، والتخفيف من الضغوط التضخمية، وتحفيز الثقة في النظام المصرفي، فقد يشهد القطاع تحولاً جذرياً نحو الشمول المالي الكامل.

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى