مقالاتالأخبار

المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة

بقلم/ ياسين عبد القادر الزوي

أخبار ليبيا 24
بقلم/ ياسين عبد القادر الزوي

بقلم/ ياسين عبد القادر الزوي
بقلم/ ياسين عبد القادر الزوي

 

 

 

 

 

كُلّفت السيدة ستيفاني خوري بطريقة غير مباشرة من الأمين العام للأمم المتحدة، عوضًا عن مجلس الأمن الدولي، لتسيير مهام البعثة الأممية خلفًا للمبعوث الأممي والدبلوماسي السنغالي العتيد عبد الله باثيلي.

أثار تكليف السيدة خوري كثيرًا من الأصداء والتعليقات بين بعض الدول التي رفضت هذا السلوك واعتبرته محاباة للطرف الأمريكي من قبل الأمين العام. أطراف أخرى شكّكت في نوايا هذا التكليف وطالبت الأمين العام بالإسراع في ترشيح مبعوث جديد وعرضه على مجلس الأمن. وصل الأمر إلى أن تمديد الولاية القانونية للبعثة الأممية بات قضية معقدة في مجلس الأمن، تحتاج إلى تسويات خلف الكواليس، مما يبرز حجم التعقيد وتداخل المصالح في أهم المؤسسات الدولية، كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة
المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة

سبق أن كتبت مقالًا عن المبعوث الأممي السابق عبد الله باثيلي بعد تكليفه بأسابيع قليلة، وصفت فيه مهمته بأنها الأصعب في حياته. بدأ الرجل متحمسًا للغاية لتنفيذ هذه المهمة الدولية، وكان ملمًّا بكل تفاصيل الأزمة الليبية وتعقيداتها. قدّم بعض الأفكار والمبادرات لتجاوز الوضع القائم.

في فبراير 2023، خلال اجتماعات مجموعة 3+2+2 في واشنطن، سمع باثيلي من أحد الأطراف الإقليمية المهمة كلامًا مباشرًا بأنّ ما يطرحه غير مقبول، بل سمع لغةً أقرب إلى التهديد. لم يكن أمامه خيار سوى الشكوى للطرف الأمريكي الذي ردّ عليه بكثير من الدبلوماسية، طالبًا منه المرونة وزيادة التواصل مع أطراف مهمة تتقاطع معها المصالح. أدرك باثيلي الرسالة، وعلم أن التقدم المأمول ليس ضمن أولويات الأطراف الدولية. بعد ذلك، دخل الرجل في حالة من السكون إلى أن استقال تاركًا مبادرته لجمع الأطراف الرئيسية حبيسة أدراج البعثة الأممية.

أردت الاستدلال بهذه الحادثة لتوضيح التعقيدات التي تواجه من يتولى مثل هذه المهام.

قابلت السيدة خوري مصادفةً في يونيو الماضي في تونس. بعد أن تأكدت من شخصيتها، رحّبت بها وباركت لها المهمة الجديدة وثقة الأمين العام. عرّفتها بنفسي، ودار بيننا حديث مقتضب استمر قرابة نصف ساعة، أظهرت خلاله ذكاءً وثقة بالنفس. أبلغتها أنني كتبت مقالًا عن زميلها السابق، وسأكتب عنها مقالًا، فرحّبت بالفكرة.

ظلّت فكرة كتابة مقال عنها تراودني، لكنني أردت مراقبة المشهد أولًا. لا شك أن الأشهر الماضية شهدت تطورات كثيرة، أبرزها حالة الجمود السياسي التي لم تعد محتملة. غياب رؤية دولية واضحة يدعمها المجتمع الدولي لإنهاء الجمود السياسي يفرض الحاجة إلى تحركات جادة لحلحلة الأزمة.

المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة
المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة

اتهامات متبادلة ومزايدات داخل مجلس الأمن خلال جلسات الإحاطة عكست صورة سلبية عن المؤسسة الدولية. في الوقت ذاته، عجزت الأطراف الداخلية عن تقديم رؤية متفق عليها، مما أدى إلى تصاعد المناكفات بينها.

برزت أزمة مصرف ليبيا المركزي كمؤشر على تعمق التباينات بين الأطراف الليبية، مسّت الأزمة أهم مؤسسة مالية وطنية، وجعلت تدخل البعثة الأممية أمرًا ضروريًا لتحقيق توافق. أظهرت السيدة خوري إدارة ناجحة لهذه الأزمة، ما أضاف إلى رصيدها نقاطًا إيجابية.

السعي لتحقيق اختراق في العملية السياسية وسط تضارب مصالح الدول الكبرى ليس بالأمر الهيّن، خاصة فيما يتعلق بالسلطة التنفيذية، النفط، ومستقبل البلاد في ظل التقاطعات الإقليمية والدولية.

المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة
المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة

إنّ بقاء الوضع الحالي، وفشل معظم المبادرات الداخلية، خصوصًا مسار مجلسي النواب، والدولة، جعل البحث عن إطار لتفعيل العملية السياسية أولوية للدول الغربية. منذ نوفمبر الماضي، عُقدت لقاءات عديدة، ووضعت تصورات وأفكار لتحقيق تقدم قد يشمل السلطة التنفيذية ومشروع الانتخابات التوافقية.

المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة
المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري في مهمة غير مستحيلة

بدأت السيدة خوري خطوات متسارعة لتنفيذ أجندتها، ولا يتبقى أمامها سوى أيام قليلة لإعلان مشروعها بشكل واضح. إذا تحقق هذا الاختراق كما هو مخطط له، فسيعيد رسم التوازنات السياسية ويفتح صفحة جديدة مع مطلع العام المقبل.

فهل تنجح خوري فيما فشل فيه سلفها باثيلي؟ الأيام القادمة ستجيب عن هذا السؤال. وغدًا لناظره قريب!

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى