
أخبار ليبيا 24
-
هطولات مطرية غزيرة تُغرق شوارع طرابلس وسط تحذيرات رسمية
-
مؤسسة رؤية: ذروة المنخفض الجوي تضرب الساحل الليبي الغربي
-
الأرصاد الجوية: الأمطار تفوق معدلاتها الطبيعية بكثير في طرابلس
-
مليارات مهدرة ومشاريع متعثرة: غرق العاصمة يثير تساؤلات الشعب
طرابلس تغرق تحت الأمطار.. مليارات مهدورة وأزمة البنية التحتية
المقدمة
في ليلة غابت عنها النجوم وأثقلتها السحب الداكنة، استيقظت طرابلس على مشهد لم تعتده: شوارع غارقة، سيارات عالقة، وأصوات استغاثة تتردد بين جنبات العاصمة. الأمطار الغزيرة التي ضربت طرابلس والمناطق الساحلية المجاورة، الخميس، كشفت هشاشة البنية التحتية وتراكمات الفساد في تنفيذ مشاريع التنمية التي كان يُفترض أن تحمي المدينة من هذه الكوارث.
ذروة المنخفض الجوي: بداية الأزمة
بحسب مؤسسة رؤية لعلوم الفضاء، وصل المنخفض الجوي إلى ذروته مساء الخميس، متسببًا بهطولات مطرية تجاوزت المعدلات الطبيعية بكثير. توقعات الأرصاد الجوية أشارت إلى انتقال تأثير المنخفض تدريجيًا نحو المناطق الشرقية والجنوبية يوم الجمعة، إلا أن غرب ليبيا كان الأكثر تضررًا.
الناطق باسم مركز الأرصاد الجوية، محيي الدين رمضان، أوضح أن تأثير المنخفض شمل “غرب طرابلس بتركيز غير مسبوق”، محذرًا المواطنين من الاقتراب من المناطق المنخفضة ومجاري الأودية.
طرابلس والزاوية تحت الماء: البنية التحتية في قفص الاتهام
مناطق عدة في طرابلس، بما في ذلك طريق عين زارة والطريق السريع قرب كوبري 11 يوليو، تحولت إلى مستنقعات بفعل الأمطار. السيارات غمرت المياه، والعائلات واجهت صعوبة في العودة إلى منازلها.
وفي الزاوية، تكرر المشهد نفسه. طريق الساحلي بمنطقة جوددائم غمرته المياه، وفرق الإنقاذ التابعة للهلال الأحمر وشركة المياه والصرف الصحي تدخلت لإخراج السيارات العالقة.
الأهالي بين الغضب والمعاناة
بين أصوات المطر ونداءات الاستغاثة، ارتفعت أصوات المواطنين مستنكرةً ضعف البنية التحتية التي أنفقت عليها مليارات الدنانير. “أين ذهبت مشاريع عودة الحياة؟” تساءل أحد سكان طرابلس الذي وجد نفسه عالقًا لساعات داخل سيارته.
الأرقام لا تكذب: أكثر من 127 مليار دينار صُرفت على بند التنمية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وفق التقارير المالية. ومع ذلك، لا تزال طرابلس تواجه سيناريوهات أشبه بالكوارث الطبيعية، رغم تحذيرات متكررة من خبراء الطقس.
فرق الإنقاذ تعمل في ظل ظروف صعبة
مركز طب الطوارئ والدعم نشر فرق الإنقاذ في مواقع متعددة بالعاصمة. قوات من جهاز الشرطة القضائية وجهاز الردع سارعت للتدخل وإنقاذ العائلات والسيارات العالقة. الصور المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت حجم الجهود المبذولة، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن كارثة أكبر: غياب التخطيط المستدام.
أمطار الغد: هل تستعد طرابلس للجولة القادمة؟
مع استمرار توقعات الأمطار يوم الجمعة، يتساءل الخبراء والمواطنون عن قدرة طرابلس على مواجهة الكوارث المتكررة. مؤسسة رؤية لعلوم الفضاء حذرت من أن الأمطار قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع، لا سيما مع ارتفاع منسوب المياه في مجاري السيول.
الناطق باسم مؤسسة رؤية، في بيان رسمي، شدد على “ضرورة اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر”، مطالبًا المواطنين بتجنب المناطق المنخفضة ومجاري الأودية.
التحليل: غرق طرابلس بين الفساد وسوء الإدارة
من الصعب تجاهل الحقائق التي تبرزها الأمطار الغزيرة: سوء إدارة الموارد العامة وضعف تنفيذ المشاريع الحكومية. على الرغم من صرف 700 مليار دينار منذ عام 2011، منها 500 مليار في السنوات الثلاث الأخيرة، لم تتمكن مشاريع البنية التحتية من الصمود أمام أول اختبار حقيقي.
الأمطار كشفت فسادًا عميقًا وفشلًا في التخطيط والإدارة. في حين أن الكوارث الطبيعية لا يمكن التنبؤ بها بدقة، إلا أن الكارثة الأكبر تكمن في الاستعداد الضعيف الذي يعكس إهمالًا مزمنًا.
الخاتمة
في الوقت الذي تتلاشى فيه تأثيرات المنخفض الجوي، يبقى السؤال: هل ستتعلم طرابلس درس الأمطار الغزيرة؟ أم ستغرق المدينة مجددًا في دائرة الإهمال والفساد؟ الإجابة قد تكون واضحة، لكنها تحتاج إلى إرادة سياسية وشعبية لكسر حلقة الأزمات التي تعصف بالعاصمة الليبية منذ سنوات.