أخبار ليبيا 24
-
زيارة السفير الجزائري إلى نالوت تُكرّس الانقسام الليبي
-
جبريل أوحيدة: ليبيا موحدة ولن تقبل بالخيانة
-
اتهامات للجزائر بالسعي لاستدامة الأزمة الليبية لمصالح خاصة
-
لقاء شنين بعمداء الأمازيغ في جبل نفوسة يثير جدلاً
في مشهد يكرّس الانقسام السياسي ويثير أسئلة عن دور الجوار الإقليمي في تعميق الأزمة الليبية، وصف عضو مجلس النواب، جبريل أوحيدة، زيارة السفير الجزائري سليمان شنين إلى مدينة نالوت بأنها “تدخل سافر في الشأن الليبي”. هذه الزيارة التي استهدفت لقاء عمداء وأعيان البلديات الأمازيغية، أثارت موجة من الانتقادات الحادة، وكشفت مرة أخرى هشاشة الوضع السياسي في ليبيا وغياب سلطة الدولة المركزية.
تدخلات الجزائر: استثمار في الأزمة؟
تصريحات أوحيدة لم تأتِ من فراغ، بل استندت إلى مخاوف متزايدة من أن الجزائر، شأنها شأن دول أخرى، قد وجدت في الأزمة الليبية فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي. زيارة شنين إلى نالوت، التي جاءت تحت ذريعة بحث قضايا تتعلق بالشريط الحدودي واستقرار المنطقة، تزامنت مع تصعيد سياسي في البلاد، مما جعل هذه الزيارة تبدو أقرب إلى محاولة فرض أجندة سياسية على حساب السيادة الليبية.
أوحيدة، في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” لم يتوانَ عن وصف التحركات الجزائرية بأنها تهدف إلى استدامة الأزمة، أكد أن مثل هذه التدخلات ليست فقط غير مرحب بها، بل إنها تمثل خيانة عظمى وفق القوانين الليبية.
غياب الدولة: الحاضر الغائب في المشهد الليبي
منذ 2011، عانت ليبيا من انقسامات سياسية ومؤسساتية جعلت السلطة المركزية أشبه بالكيان الشبح. هذه الفوضى سمحت لدول إقليمية، مثل الجزائر، بالتدخل تحت ذرائع مختلفة. زيارة شنين ليست سوى نموذج آخر للتدخلات التي تغذي الانقسامات، خاصة في منطقة حساسة كجبل نفوسة ذات الخصوصية الثقافية والإثنية.
أوحيدة شدد في تصريحاته على أن ليبيا ليست كيانًا يقوم على أسس إثنية أو جهوية، وأن أي محاولات لاستغلال هذه الخصوصيات تهدد استقرار البلاد ووحدتها. هذا الطرح يعكس بوضوح حالة التململ من التدخلات الخارجية التي ترى فيها بعض الأطراف محاولة لتأبيد الفوضى خدمة لأجندات خارجية.
حكومة الدبيبة: الفشل في مواجهة التدخلات
إذا كانت تصريحات أوحيدة تستهدف التدخل الجزائري، فإنها تسلط الضوء أيضًا على فشل حكومة عبد الحميد الدبيبة في التعامل مع هذه التدخلات. الحكومة، التي يفترض أنها تقود البلاد نحو الاستقرار، تبدو عاجزة عن فرض سيادتها على كامل التراب الليبي. زيارة السفير الجزائري إلى نالوت دون تنسيق واضح مع الحكومة المركزية تؤكد هذا العجز، وتُظهر إلى أي مدى أصبحت ليبيا ساحة مفتوحة لتدخلات الجوار.
الدبيبة، الذي تولى رئاسة الحكومة في ظل وعود كبيرة بإعادة توحيد المؤسسات، بات اليوم رمزًا للفشل في تحقيق هذه الأهداف. تصريحاته المتكررة عن ضرورة التوافق الوطني والسيادة لا تجد طريقها إلى الواقع، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام تدخلات خارجية كهذه.
الانقسام السياسي: بيئة خصبة للتدخلات
ما يحدث في ليبيا اليوم هو نتاج طبيعي للانقسامات التي لم تفلح أي من الحكومات المتعاقبة في معالجتها. حكومة الدبيبة ليست استثناءً، بل ربما تكون الأكثر إسهامًا في تأبيد الأزمة من خلال سياساتها المرتبكة وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة. الانقسامات بين الشرق والغرب، وبين المكونات الثقافية والإثنية، جعلت البلاد أشبه بكيان هش يمكن لأي قوة خارجية التلاعب به.
أوحيدة كان واضحًا في تشخيصه لهذه المشكلة، مؤكدًا أن التجاوب مع هذه التدخلات يُعد خيانة عظمى. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: من المسؤول عن توفير هذه البيئة التي تسمح للتدخلات الخارجية بالازدهار؟
استدامة الأزمة: من المستفيد؟
اتهامات أوحيدة للجزائر بالسعي لاستدامة الأزمة الليبية ليست مجرد مزاعم. فالتاريخ الحديث للتدخلات الإقليمية في ليبيا يشير إلى أن دول الجوار، بما في ذلك الجزائر، قد وجدت في الأزمة فرصة لتعزيز نفوذها، سواء من خلال دعم أطراف معينة أو عبر التدخلات المباشرة تحت مسميات مختلفة.
الجزائر، التي تحاول تقديم نفسها كوسيط في الأزمة الليبية، تجد في عدم الاستقرار فرصة لضمان مصالحها الأمنية والاقتصادية على الحدود. لكن هذه السياسة قصيرة النظر قد تؤدي إلى عواقب وخيمة، ليس فقط على ليبيا، بل على المنطقة ككل.
إلى أين تتجه ليبيا؟
مع استمرار التدخلات الخارجية وغياب رؤية وطنية شاملة، تبدو ليبيا عالقة في حلقة مفرغة من الأزمات. التصريحات الحادة لأوحيدة تعكس إحباطًا شعبيًا وسياسيًا متزايدًا من الوضع الراهن، لكنها في الوقت نفسه تطرح تساؤلات عن مدى قدرة الطبقة السياسية الحالية على مواجهة هذه التحديات.
حكومة الدبيبة، التي كان يُفترض أن تقود البلاد نحو انتخابات شاملة، أصبحت اليوم عبئًا إضافيًا على الأزمة. عجزها عن فرض سيادتها والتصدي للتدخلات الخارجية يجعلها شريكًا غير مباشر في تأبيد الأزمة.
خاتمة: درس في السيادة الوطنية
زيارة السفير الجزائري إلى نالوت ليست مجرد حدث عابر، بل هي تذكير جديد بأن السيادة الليبية ما زالت رهينة الانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية. تصريحات أوحيدة، رغم قسوتها، تحمل رسالة واضحة: ليبيا بحاجة إلى قيادة قادرة على فرض سيادتها وحماية وحدة أراضيها من الأطماع الخارجية.
إن استعادة السيادة الوطنية تتطلب تجاوز المصالح الضيقة وبناء رؤية وطنية شاملة. وإلى أن يتحقق ذلك، ستظل ليبيا ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، على حساب الشعب الليبي واستقراره.