أخبار ليبيا 24
-
816 ألف دينار على النظافة.. أرقام بلا تفاصيل
-
صيانة سيارات شخصية بميزانية التعليم العالي
-
عقود مشبوهة لإنتاج برامج إعلامية غير ضرورية
-
أموال مهدورة على الإعاشة والإقامة لشركات خاصة
فساد مالي يهدم قطاع التعليم ويستنزف أموال الشعب
لطالما كان التعليم في ليبيا أداة لتحقيق نهضة مجتمعية وحلقة أساسية في بناء مستقبل البلاد. ومع ذلك، يبدو أن هذا القطاع تحت إدارة حكومة الدبيبة منتهية الولاية، الذي يُفترض أن يكون منيعًا ضد الفساد، قد أصبح ضحية أخرى لسوء الإدارة والتلاعب بالمال العام. يكشف تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023 عن أرقام صادمة تسلط الضوء على حجم الهدر المالي الذي يُثقل كاهل الدولة الليبية على حساب مستقبل الأجيال.
أموال النظافة: 816 ألف دينار بلا محاسبة
أبرز ما جاء في التقرير هو صرف وزارة التربية والتعليم مبلغًا ضخمًا قدره 816.2 ألف دينار مقابل خدمات النظافة فقط. هذه المبالغ تُطرح بشأنها تساؤلات حول معايير اختيار الشركات وكيفية تحديد التكلفة، إذ لم يقدم التقرير أي تفاصيل عن الشفافية أو آليات التعاقد، مما يفتح الباب أمام احتمالات الفساد.
سيارات خاصة تُصان على حساب التعليم
ومن بين أبرز مظاهر التجاوز، تشير الوثائق إلى قيام وزارة التعليم العالي بصيانة 19 سيارة بقيمة إجمالية بلغت 74.5 ألف دينار، رغم أن هذه السيارات غير مملوكة للوزارة وإنما تعود للموظفين. هذه الممارسة ليست فقط مخالفة للقوانين، بل هي صفعة في وجه الشعب الذي يعاني من نقص الخدمات الأساسية.
عقود توريد مشبوهة: رأس مال ضئيل وملايين مهدورة
تمثل العقود المبرمة مع شركة “الضياء الدولية للتجهيزات العامة” مثالًا صارخًا على العبث بالمال العام. كيف يمكن لشركة برأس مال مدفوع لا يتجاوز 30 ألف دينار أن تحصل على عقد بقيمة 860 ألف دينار لتوريد تجهيزات تعليمية؟ المحاضر غير المؤرخة والغياب الواضح للرقابة يثير الشكوك حول هذا الإنفاق.
إنتاج برامج مرئية: بين الإهدار والاستغناء
رغم وجود مكتب إعلام مجهز بالكامل وموظفين متخصصين، لجأت وزارة التعليم العالي إلى إنتاج 18 حلقة مرئية بتكلفة 35.15 ألف دينار عبر التعاقد مع جهة خارجية. هذا القرار يكشف عن ازدواجية في العمل وهدر متعمد للأموال، حيث كان بالإمكان توفير هذه التكاليف باستخدام الموارد الداخلية.
الإعاشة والإقامة: أموال تنزف بلا حدود
وفي مشهد آخر من العبث المالي، أُنفق 234.1 ألف دينار على بند الإعاشة والإقامة لصالح شركات متعددة، بما في ذلك 30 ألف دينار لإقامة ضيوف بفندق التاج. السؤال الذي يطرح نفسه: من هم هؤلاء الضيوف، وما الجدوى من إنفاق هذه المبالغ في ظل أزمة اقتصادية خانقة؟
ميزانية التعليم: طوق النجاة المفقود
بين صيانة سيارات خاصة، وعقود توريد مشبوهة، وإنفاق على برامج إعلامية بلا حاجة، يبرز السؤال المحوري: أين تذهب أموال التعليم؟ المواطن الليبي الذي يعاني من انهيار الخدمات العامة وانقطاع الكهرباء وارتفاع تكلفة المعيشة، يقف عاجزًا أمام مشهد يُظهر أن أموال البلاد تُهدر على مشاريع لا تخدم مصالحه.
الشعب الليبي: بين فقر الحال وغنى الفاسدين
لا يخفى على أحد أن الأوضاع الاقتصادية في ليبيا وصلت إلى مستويات كارثية، حيث يعاني المواطن من غياب أدنى مقومات الحياة الكريمة. ومع ذلك، يستمر المسؤولون في إهدار الأموال العامة على بنود ثانوية وشركات مشبوهة، دون أن يلتفتوا إلى الأزمات التي تثقل كاهل الشعب.
الحاجة إلى مساءلة عاجلة
يضع تقرير ديوان المحاسبة صورة واضحة عن أزمة التعليم في ليبيا، لكنها ليست أزمة موارد بل أزمة إدارة وشفافية. إصلاح هذا القطاع يبدأ من مساءلة المسؤولين عن هذه التجاوزات وضمان عدم تكرارها. كما أن بناء نظام رقابي صارم يمثل خطوة أساسية لإعادة الأمل لهذا القطاع الحيوي.
خاتمة: مستقبل مظلم أم بارقة أمل؟
بينما يُهدر المال العام على بنود مشبوهة، يقف قطاع التعليم في ليبيا على حافة الانهيار. إن لم تُتخذ إجراءات جذرية لمحاسبة الفاسدين وإعادة هيكلة النظام التعليمي، فإن الأجيال القادمة ستدفع الثمن. الأمل الوحيد يكمن في وعي شعبي وضغط مجتمعي يطالب بالإصلاح ويحاسب الفاسدين، لأن التعليم هو الحصن الأخير لأي أمة تسعى للنهوض.