الأخبارتقاريرليبيا

فساد المؤسسات المالية.. نزيف الثروات في غياب المحاسبة

تقرير يكشف تجاوزات مالية تهدد استثمارات البلاد

أخبار ليبيا 24

  • فساد وتجاوزات مالية بـ2.3 مليون دولار خارج ميزانية الاستثمار.
  • خسائر المحفظة طويلة المدى تجاوزت 462 مليون دولار.
  • إنفاق مبالغ غير مبررة على ورش عمل خارج البلاد.
  • إهمال الاستقطاعات القانونية في المكافآت يفاقم الفساد.

فساد المؤسسات المالية.. ملايين تُصرف بلا رقابة

في زوايا المؤسسات الاقتصادية الليبية، يبرز تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023 كمرآة عاكسة لجراح عميقة تعاني منها البلاد. تقرير يعري تجاوزات مالية جسيمة، وصرفًا غير مدروس لموارد شعب يعيش تحت وطأة الفقر وانعدام الخدمات الأساسية. كيف يمكن لدولة تمتلك موارد نفطية هائلة أن تصل إلى هذه الحالة؟ الجواب، بلا شك، يكمن في شبكة الفساد والتبذير التي تعصف بمؤسساتها.

تجاوزات مالية بلا حسيب ولا رقيب

يبدأ التقرير بتسليط الضوء على مؤسسة الاستثمار الليبية، حيث تم تسجيل تجاوزات مالية تقدر بـ2.3 مليون دولار على بنود لم تُدرج ضمن الميزانية التقديرية. تشمل هذه البنود مصاريف غير مبررة مثل الاتصالات والإيجارات والنظافة، وحتى تكاليف مقهى، وكأن موارد الدولة أصبحت ملكية شخصية للعبث والاستهلاك.

ليس هذا فحسب، فقد تم إنفاق مبالغ طائلة بقيمة 375.9 ألف دولار على أنشطة لم تجد لها أي مكان في الخطط المالية المعتمدة، بما في ذلك “مصاريف عمومية أخرى”. أما التدريب في الخارج، الذي يفترض أن يكون استثمارًا في بناء الكفاءات، فقد تحوّل إلى أداة لاستنزاف الموارد، حيث بلغت تكاليفه نحو 913.3 ألف دولار، في وقت تتآكل فيه ميزانية الدولة.

نزيف المحفظة الاستثمارية طويلة المدى

إذا كانت التجاوزات في المصروفات تُظهر الإهمال، فإن الخسائر التي تكبدتها المحفظة الاستثمارية طويلة المدى تكشف سوء الإدارة الفادح. بلغت هذه الخسائر في عام 2022 أكثر من 462 مليون دولار، وهو مبلغ كافٍ لتغيير مصير مئات الآلاف من الليبيين.

المفارقة تكمن في أن إدارة المحفظة، بدلًا من محاولة تقليص الخسائر، عمدت إلى الإنفاق بسخاء على أنشطة مشبوهة مثل ورشة عمل في تونس لعرض الهيكل التنظيمي، بكلفة بلغت 40 ألف دولار.

الفساد المؤسسي: من القوانين إلى الممارسات

واحدة من أبرز المؤشرات على الفساد المؤسسي في مؤسسة الاستثمار هو عدم الالتزام بالقوانين المالية الأساسية. كشف التقرير عن عدم خصم الاستقطاعات القانونية من المكافآت الشهرية، مما يمثل خرقًا واضحًا للتشريعات ويضعف منظومة الامتثال المالي.

الشعب يدفع الثمن

بينما تُهدر الملايين، يعاني المواطن الليبي من انقطاع الكهرباء، وشح الوقود، وتدهور النظام الصحي. أبناء هذا الشعب، الذين من المفترض أن يكونوا المستفيد الأول من ثروات بلادهم، يجدون أنفسهم مهمشين أمام منظومة فساد لا تأبه لأوضاعهم.

إصلاح أم مواجهة؟

إن ما كشفه تقرير ديوان المحاسبة لا يمكن أن يمر دون محاسبة. يحتاج الشعب الليبي إلى تحرك حاسم من الجهات الرقابية والقضائية لإعادة الأموال المنهوبة ومحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات.

ولكن السؤال الكبير: هل تمتلك ليبيا الإرادة السياسية الكافية للتصدي لهذه المنظومة الفاسدة؟ أم أن هذه التقارير ستظل مجرد أوراق تُضاف إلى أرشيف الإهمال؟

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى