أخبار ليبيا 24
-
إنفاق فلكي بفندق بلازا هوتيل: 100 ألف دولار لإقامة المسؤولين.
-
قنصلية وهمية في هيوستن تستهلك نصف مليون دولار بلا نتيجة.
-
توسع غير رشيد في الإنفاق على البعثات الدبلوماسية الليبية.
-
مرتبات السفارات الليبية: 1.5 مليار دينار لآلاف الموظفين.
الأجنحة الفاخرة وثروات الفقراء: وجه آخر للفساد الليبي
في أحد أرقى فنادق نيويورك، بينما تتلألأ أضواء المدينة ويُرفرف العلم الليبي أمام البعثة الأممية، يكشف تقرير ديوان المحاسبة لعام 2023 عن كواليس صادمة: إقامة فاخرة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية و21 مرافقًا بتكلفة تتجاوز 100 ألف دولار. في بلد يئن مواطنوه تحت وطأة الفقر، تُهدر الأموال العامة على رفاهية المسؤولين دون حساب أو ضمير.
بذخ بلا حدود: “البعثات الدبلوماسية” كنز مسلوب
التقرير الصادر حديثًا عن ديوان المحاسبة يلقي الضوء على نفقات البعثات الليبية بالخارج، حيث بلغت مرتبات العاملين 1.5 مليار دينار سنويًا لـ3478 شخصًا، بينهم دبلوماسيون وموظفون محليون. وفي الوقت ذاته، تُدار بعض السفارات بفوضى عارمة، من إبرام عقود عمل دون موافقات رسمية إلى تعيين أشخاص بلغوا سن التقاعد.
إحدى أكثر الوقائع استفزازًا هي استحداث قنصلية في هيوستن، بتكلفة نصف مليون دولار، انتهى مصيرها بالطرد الفوري للمكلف بالتأسيس، دون أن ترى النور أو تحقق جدوى.
فنادق فارهة.. ووطن منسي
فندق بلازا هوتيل الفخم في نيويورك كان وجهة رئيس حكومة الدبيبة منتهية الولاية ووفده المرافق، حيث بلغت تكلفة الليلة الواحدة لأجنحتهم 1750 دولارًا. لم يكن هذا الإسراف مجرد حادثة معزولة؛ إذ شهدت الفترة ذاتها إقامة وفود رسمية في أجنحة ملكية تصل تكاليفها إلى 10 آلاف دولار لليلة واحدة، رغم وجود بيت ضيافة مجهز يمكنه استيعاب تلك الوفود بتكلفة رمزية.
قرارات إيفاد مشبوهة: باب خلفي للفساد
ما كشفه التقرير أيضًا هو قرارات الإيفاد التي تتسم بالعبثية؛ تعيينات خارجة عن الملاك الوظيفي، وتوظيف أفراد غير مؤهلين، أبرزها تكليف شخص بوظيفة مساعد أمن في السفارة الليبية بدمشق دون أي سند قانوني. يبدو أن سياسة الإيفاد تحولت من وسيلة لتعزيز التمثيل الدبلوماسي إلى قناة لتوزيع الامتيازات على المحظوظين.
من يدفع الثمن؟
بينما تُنفق الملايين على الفنادق والوفود، يكافح المواطن الليبي لتأمين قوت يومه. الكهرباء تنقطع لساعات طويلة، المستشفيات تعاني نقص المعدات الأساسية، والطرقات تتحول إلى مصائد للموت بسبب الإهمال. كيف لدولة تعيش على ثروات نفطية هائلة أن تعجز عن توفير حياة كريمة لشعبها؟
الإجابة تكمن في شبكة فساد معقدة، تبدأ من القمة وتمتد إلى كل زاوية من زوايا الإدارة العامة.
الإفلات من المحاسبة: دائرة مغلقة
يُظهر التقرير أن المبالغة في تخصيص الودائع وسوء إدارة الأموال أصبحا قاعدة لا استثناء. المشكلة ليست فقط في الأرقام المخيفة، بل في غياب المحاسبة. يبدو أن المسؤولين الذين استمتعوا بإقاماتهم الفارهة يدركون أن الحساب لن يطالهم.
هل هناك أمل؟
ما يحتاجه الشعب الليبي اليوم هو نظام رقابي قوي، وقضاء مستقل يعيد الثقة في الدولة. الأموال التي أُهدرت على القنصليات الفارغة والأجنحة الملكية يمكن أن تبني مدارس، وتوفر مستشفيات، وتفتح آفاقًا جديدة للأجيال القادمة.
لكن، هل يمتلك النظام السياسي في ليبيا الإرادة الحقيقية لمحاربة الفساد؟ أم أن هذه التقارير ستظل مجرد وثائق أخرى تُضاف إلى أرشيف الإهمال؟
الختام
بينما تُضاء الشوارع الفاخرة في نيويورك بإضاءة لا تنطفئ، تعيش مدن ليبيا في ظلام دامس. وفي حين يستمتع البعض بأجنحة فاخرة، يكافح آخرون للبقاء. إذا كان هناك من يستحق تلك الأموال، فهو الشعب الليبي، لا نخبته الفاسدة.