مهرجان درنة الزاهرة ينطلق بمشاركات مسرحية ليبية وعربية
درنة تستقبل مهرجانها المسرحي بإشادة بتراث أنور الطرابلسي

أخبار ليبيا 24
-
مهرجان درنة الزاهرة: يكرّم أنور الطرابلسي ويشهد عروضًا من مصر وتونس وليبيا.
-
فعاليات تدريبية: ورش لكتابة النصوص والسينوغرافيا مخصصة للمهتمين بالمسرح.
-
مشاركات دولية: عروض مسرحية متنوعة لتعزيز التعاون المسرحي العربي.
-
تقدير الجهود: تكريم مجموعة من الفنانين تقديرًا لعطاءاتهم الفنية.
مهرجان “درنة الزاهرة” المسرحي: حين يلتقي التراث بالحداثة
في مدينة درنة، يعود “مهرجان درنة الزاهرة المسرحي” بدورته السادسة ليجمع عشاق المسرح من أقطار عربية متنوعة، وذلك في تظاهرة ثقافية تحمل اسم الفنان الراحل أنور الطرابلسي، أحد أبرز رواد المسرح الليبي. ومنذ انطلاقته في منتصف نوفمبر، يحمل المهرجان شعار “درنة تعود.. درنة الأمل”، تعبيرًا عن طموح المدينة لاستعادة مكانتها الثقافية، وإلقاء الضوء على دور الفن في تجاوز التحديات التي عاشتها.

تنوع العروض والاحتفاء بالفن المسرحي
تستمر فعاليات المهرجان على مدى سبعة أيام، بمشاركة عروض مسرحية من دول عربية، على رأسها مصر وتونس، إلى جانب الفرق الليبية، حيث تستعرض تجارب فنية مميزة تعكس التنوع والتفاعل الثقافي بين الشعوب. تفتتح العروض بمسرحية “أصوات” التي تُعرض في جامعة درنة، وهي من إنتاج “فرقة مسرح هون”، حيث تقدم حكاية تعكس القضايا الإنسانية والاجتماعية بلمسة درامية حساسة.
مهرجان “درنة الزاهرة” المسرحي يعود بدورته السادسة لتكريم أنور الطرابلسي، ويستضيف عروضًا من مصر وتونس وليبيا، مع فعاليات تدريبية وورش عمل وتكريمات خاصة.
تتوالى العروض بعد ذلك بمسرحية “مشاحنات” القادمة من مصر، ثم “عرض مسرحي للبيع” من إنتاج “فرقة المسرح الوطني” في مدينة الخمس الليبية، وأعمال أخرى مثل “صاحب الخطوة” من شحات، و”وجه آخر” من البيضاء، وصولاً إلى “البوابة 52” من تونس. هذه الأعمال، برؤاها المتنوعة وأساليبها الفنية المختلفة، تسلط الضوء على إبداع الكتاب والمخرجين وتضيف غنىً إلى الفعالية المسرحية.

ورش العمل: بناء جيل جديد من المسرحيين
يحرص منظمو المهرجان على استثمار الجانب التدريبي من خلال توفير ورش عمل مخصصة للمهتمين بفن المسرح، بهدف صقل مواهبهم وتطويرها. تشمل هذه الورش مجال كتابة النص المسرحي، التي يقدمها الكاتب الليبي عبدالعزيز الزني، و”مدرسة السينوغرافيا” بقيادة الأكاديمي العراقي د. علي محمود السوداني. تتيح هذه الورش للمشاركين فرصة للتعرف على أساسيات كتابة النصوص والتكوين السينوغرافي، ما يسهم في خلق جيل واعٍ قادر على إبداع نصوص فنية تعبر عن تطلعات المجتمع وتضيف للتجربة المسرحية.
محاضرات فكرية تلقي الضوء على قضايا المسرح
ينظم المهرجان كذلك ثلاث محاضرات فكرية تهدف إلى تناول موضوعات محورية في المسرح، تبدأ بمحاضرة حول “حضور المرأة في المسرح الليبي” التي تلقيها الفنانة مهيبة نجيب، لتسلط الضوء على تجارب المرأة وأدوارها في بناء الحركة المسرحية. تليها محاضرة ثانية تركز على “دلالات وجماليات الأزياء في المسرح” للفنان الصادق قصيعة، التي تناقش دور الأزياء في تعزيز النصوص وجعلها جزءًا من السرد البصري. المحاضرة الأخيرة، التي يقدمها الأكاديمي نجيب الحصادي، تأتي بعنوان “المشترك بين ضعف الأداء البحثي والأداء الفني في بلادنا”، لتتناول القضايا التي تؤثر على جودة الإنتاج الفني المسرحي وتحديات البحث الأكاديمي في المجال.
تكريم المبدعين وروح التعاون الفني العربي
يشهد المهرجان تكريم عدد من الفنانين من ليبيا والأردن تقديرًا لعطاءاتهم وإسهاماتهم في المسرح، مثل الفنانة الأردنية عبير عيسى، والليبيين هدى عبداللطيف وعبدالعزيز ونيس وعبدالسيد آدم، ما يعكس الروح التكريمية لهذه الفعالية ويعزز قيمة الفنانين في الحياة الثقافية الليبية والعربية.
كما أن مشاركة العديد من الدول العربية في المهرجان تعزز من التعاون الفني والتبادل الثقافي بين الفرق المشاركة، ما يثري الحركة المسرحية ويتيح الفرصة للفنانين لتبادل الأفكار والخبرات، وينقل رسالة تضامن ومحبة عبر الأعمال الفنية.
تحديات مهرجان درنة الزاهرة
برغم الجهود المبذولة لإنجاح المهرجان، لا تخلو هذه الدورة من تحديات تتعلق بالاستدامة المالية، وضمان استمرارية الفعاليات بجودة عالية، حيث يسعى المنظمون إلى تجاوز الصعوبات التي واجهتها الدورة السابقة، التي حُجبت فيها الجوائز بسبب ضعف النصوص والعروض المقدمة. هذه التجربة دفعت اللجنة التنظيمية إلى التركيز على جودة المشاركات وضمان استيفائها للمعايير المسرحية المطلوبة.
آفاق مستقبلية: فن يبعث الأمل
يأتي “مهرجان درنة الزاهرة” ليعكس أهمية المسرح كأداة لبناء الوعي المجتمعي، وإبراز دور الفن في نشر الأمل وتجديد الطموح، وسط تطلعات لإعادة درنة كعاصمة ثقافية. يُعيد المهرجان إلى الواجهة أهمية دعم الثقافة كركيزة أساسية في النهوض بالمجتمعات، ويسلط الضوء على الأجيال الجديدة التي تحمل على عاتقها مسؤولية الحفاظ على التراث المسرحي وتطويره.
ختامًا، يظل “مهرجان درنة الزاهرة” علامة فارقة في مسيرة الفن الليبي، وملتقى للفنانين والجمهور العاشق للثقافة. إن عودة المهرجان، بعد سنوات من التحديات، تعكس إرادة المجتمع الليبي، الذي ما زال يرى في الفن بُعدًا أعمق يُحيي الأمل ويمهد الطريق نحو غد أفضل.