هاريس – ترامب.. السياسات الأمريكية بين الواقع والمصالح في الشرق الأوسط
أميركا والمنطقة.. خيارات بين السيئ والأسوأ
أخبار ليبيا 24
-
هاريس – ترامب السياسة الأمركية في المنطقة بين المصالح والعقوبات
-
إرث الحروب الأميركية وتأثيره على الشرق الأوسط
-
ديموقراطية الوعود أم واقع الانحياز.. موقف أميركا تجاه المنطقة
-
ما وراء الخطاب الأميركي: سياسات ثابتة وقناعات عميقة
هاريس أم ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي؟
الولايات المتحدة الأمريكية، بنظامها الديمقراطي الذي يعقب كل أربع سنوات انتخابات رئاسية، تعيش انقسامًا داخليًا بين رؤى الحزبين الرئيسيين: الديمقراطي والجمهوري. يتجه كلاهما إلى المنطقة العربية بخطابٍ يختلف شكلاً ويشترك في المضمون الذي يخدم المصالح الأميريكية والإسرائيلية، وهو ما أثار التساؤل: من بين كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب، أيهما يمكن أن يكون أقل ضررًا للعالم العربي؟
إرث الحروب والوجود العسكري الأميركي
منذ منتصف القرن العشرين، شهدت المنطقة العربية موجات من التدخلات الأميركية، بدءًا من حرب الخليج الأولى وحتى غزو العراق. تحت إدارة رؤساء جمهوريين وديمقراطيين على السواء، لعبت الولايات المتحدة دورًا محوريًا في توجيه السياسات والصراعات في الشرق الأوسط، غالبًا بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها، وأبرزهم إسرائيل. تجلت هذه التدخلات، سواء بالوجود العسكري المباشر كما في حرب العراق، أو بالدعم العسكري والتنسيق الاستخباراتي، كما كان في ليبيا وسوريا. لكن، هل تختلف سياسات ترامب عن هاريس في هذا السياق؟
السياسات الاقتصادية والعقوبات الدولية
تعتبر العقوبات الاقتصادية إحدى الأدوات الأساسية في السياسة الخارجية الأميركية، والتي تلعب دورًا محوريًا في صياغة العلاقة مع دول المنطقة. بينما تبنت هاريس خلال منصبها كنائبة للرئيس الحالي جو بايدن نهجًا يعتمد على تصعيد الضغوط الاقتصادية على إيران، بما يشمل تقليص فرصها الاقتصادية واستهداف صناعاتها النفطية، كانت إدارة ترامب قد اعتمدت على العقوبات لفرض ما يُعرف بسياسة “أقصى الضغوط” على طهران، مؤكدًا سعيه إلى تحجيم النفوذ الإيراني، خاصةً في الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان.
الدعم الأميركي لإسرائيل: ثبات لا يتغير
أيضًا، يُعد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل عنصرًا جوهريًا في السياسة الأميركية تجاه المنطقة. ومع اختلاف الأساليب بين هاريس وترامب، فإن العلاقة مع إسرائيل لا تتبدل. ففي عهد ترامب، شهدت العلاقات الأميركية-الإسرائيلية تطورًا ملحوظًا، حيث قاد “صفقة القرن” التي وصفت بأنها تهدف لإحلال السلام، غير أنها واجهت رفضًا واسعًا من الفلسطينيين ومناصريهم. بينما يسعى الديمقراطيون، عبر هاريس، إلى استئناف المفاوضات لكن مع إبداء مواقف متحفظة تجاه توسيع المستوطنات، دون فرض أي عقوبات فعلية أو ضغط حقيقي، مما يجعل الدعم الأميركي لإسرائيل ثابتًا في عمق الاستراتيجية السياسية.
السياسات المتعلقة بحقوق الإنسان: توازن مفقود
من جانب آخر، تُظهر إدارات الديمقراطيين اهتمامًا بالحقوق المدنية والديمقراطية، وفق ما تعلنه، مقارنةً بدونالد ترامب الذي اختار بناء علاقاته مع قادة الشرق الأوسط على أساس صفقات اقتصادية وحماية الأنظمة الحليفة له. إلا أن هذا الاهتمام من قبل الديمقراطيين غالبًا ما يفتقر إلى الدعم العملي، خاصةً عندما يتعارض مع المصالح الاستراتيجية الأميركية، مما يجعل الشعارات عن الديمقراطية وحقوق الإنسان مجرد وسيلة ضغط غير فعالة.
الدبلوماسية الأميركية: الوسائل والسياسات المتبعة
يتعامل كلا الحزبين مع المنطقة على أنها ساحة للتنافس الجيوسياسي، وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية حدوث تغيير حقيقي في نهج الولايات المتحدة. تحت إدارة ترامب، أبدت السياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط واقعية براغماتية، حيث عرض ترامب حماية بعض الدول مقابل الدفع المالي. في المقابل، تحاول هاريس أن تروج لسياسة دبلوماسية تتعلق بحلول توافقية، رغم أن السياسة الأميركية ليست خاضعة لشخصية الرئيس بقدر ارتباطها بمصالح مؤسساتية.
بين السيئ والأسوأ: أي الخيارات أفضل؟
للعرب، قد يبدو الاختيار بين ترامب وهاريس كمن يختار بين “السيئ والأسوأ”. ترامب براغماتي واقعي، لا يرى في المنطقة إلا سوقًا لمبيعات السلاح وصفقات تجارية، بينما هاريس قد تحمل دبلوماسية مرنة لكنها مشبعة بقيم تخدم إسرائيل وحلفاءها.
في النهاية، تبدو المصالح الثابتة لأميركا غير قابلة للتغير، سواء أكانت في عهد ترامب أو هاريس، ويبقى السؤال حول قدرة الدول العربية على بناء سياسات تنطلق من واقعها الخاص.