أخبار ليبيا 24
-
تحركات جزائرية تونسية في ليبيا: مصالح متشابكة لا حلول سريعة
-
قمة طرابلس المرتقبة: هل تتجاوز الشعارات نحو خطوات ملموسة؟
-
مشاريع مشتركة أم حسابات سياسية؟ القمة الثلاثية على المحك
-
التحالفات الإقليمية في ليبيا: تقارب تكتيكي لمصالح اقتصادية
قمة طرابلس الثلاثية: المصالح الإقليمية في ظل الأزمة الليبية
في الوقت الذي تستعد فيه طرابلس لاستضافة قمة ثلاثية تجمع قادة الجزائر وتونس وليبيا، يبدو أن هذه القمة لن تكون إلا انعكاسًا لتشابك المصالح الإقليمية التي تُلقي بظلالها على المشهد الليبي. فالحديث عن “التعاون الثلاثي” و”الأهداف المشتركة” لا يمكن أن يخفي حقيقة أن كلا من الجزائر وتونس يسعيان في المقام الأول إلى تحقيق مصالحهما الخاصة، فيما تظل ليبيا مجرد ساحة للصراع على النفوذ.
التحركات الجزائرية التونسية: وراء الشعارات
تأتي هذه القمة في سياق يشهد فيه البلدان الجاران تحديات داخلية وخارجية. الجزائر، التي تواجه ضغوطًا اقتصادية وتحديات على حدودها الجنوبية، تسعى إلى تعزيز نفوذها الإقليمي في ليبيا التي تعد سوقًا واعدة واستراتيجية. وبالنسبة لتونس، التي تعاني من أزمات اقتصادية خانقة، فإن ليبيا تمثل فرصة لإنعاش اقتصادها، خاصة من خلال استعادة علاقات تجارية قوية.
ومع كل هذا، تبقى الشعارات الداعية إلى “استقرار ليبيا” و”انتخابات حرة ونزيهة” مجرد أدوات دبلوماسية تُستخدم في العلن، بينما تستمر المناورات في الخفاء لتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية على حساب الأزمة الليبية المستمرة.
قمة طرابلس: حسابات أكثر من حلول
لا شك أن التحضير للقمة الثلاثية يأتي في وقت حساس بالنسبة إلى ليبيا، التي ما زالت تعيش انقسامات سياسية حادة. ولكن ما يثير التساؤل هو مدى قدرة هذه القمة على تقديم حلول فعلية للوضع الليبي، أم أنها ستكون مجرد لقاء آخر لتعزيز التحالفات الإقليمية وتبادل المصالح بين الجزائر وتونس، مع وضع ليبيا في الخلفية؟
التجارب السابقة أظهرت أن مثل هذه القمم غالبًا ما تخرج بتوصيات وبيانات رسمية لا تُترجم إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع. فعلى الرغم من التصريحات حول “التعاون الاقتصادي” و”المشاريع المشتركة”، يبدو أن كل طرف في هذه القمة يبحث عن تعزيز موقعه في المشهد الليبي أكثر من اهتمامه بحل الأزمة.
ليبيا: ساحة للمنافسة الاقتصادية
في هذا السياق، تبدو ليبيا وكأنها ساحة تنافس بين الجزائر وتونس، حيث يسعى كل منهما للاستفادة من الفراغ السياسي في البلاد لتعزيز نفوذه الاقتصادي. فالجزائر ترى في ليبيا فرصة لتوسيع صادراتها من الطاقة والمشاركة في إعادة الإعمار، بينما تسعى تونس إلى استغلال موقعها الجغرافي لاستعادة سوقها التجاري مع ليبيا، التي كانت تمثل مصدرًا رئيسيًا للعمالة والدخل قبل اندلاع الحرب الأهلية.
من جانب آخر، يمكن لهذه القمة أن تكون نقطة تحول في إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية في شمال إفريقيا. فالحديث عن “مشاريع تنموية مشتركة” و”تكامل استراتيجي” يخفي وراءه تنافسًا على الوصول إلى الموارد الليبية، وخاصة النفط والغاز، حيث تتسابق الدول المجاورة للاستفادة من هذه الثروات التي ما زالت غير مستغلة بالكامل نتيجة للوضع السياسي المتأزم.
الاستقرار الليبي: وسيلة لتحقيق الغايات
من اللافت أن القمة الثلاثية ترتكز بشكل أساسي على الأزمة الليبية، لكن من المهم الإشارة إلى أن اهتمام الجزائر وتونس بليبيا لا ينبع بالضرورة من الرغبة في تحقيق الاستقرار فيها، بل يرتبط بشكل أساسي بحماية مصالحهما الاستراتيجية. فالجزائر، التي تحرص على الحفاظ على استقرار حدودها الجنوبية، تنظر إلى استقرار ليبيا كوسيلة لحماية أمنها الداخلي ومنع انتشار الفوضى إلى أراضيها.
وبالنسبة لتونس، فإن أي اضطراب في ليبيا قد يؤثر سلبًا على اقتصادها الهش، وهو ما يدفعها إلى السعي لاستقرار الجار الشرقي، ليس بدافع التضامن الأخوي، بل للحفاظ على منافعها الاقتصادية المباشرة.
تحديات القمة المرتقبة: شعارات قديمة وحسابات جديدة
على الرغم من أن القمة الثلاثية المرتقبة تثير الكثير من الاهتمام الإعلامي، إلا أن التحديات التي تواجهها تجعل من الصعب توقع تحقيق نتائج ملموسة. فالوضع في ليبيا معقد للغاية، والحلول لن تأتي من الخارج بسهولة. وبينما تتصاعد التوترات بين الفصائل الليبية المتناحرة، تستغل دول الجوار هذه الفوضى لتعزيز مواقعها ومصالحها.
ما يزيد من صعوبة تحقيق تقدم فعلي هو أن الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالملف الليبي تتداخل مصالحها وتتناقض في أحيان كثيرة. فالجزائر وتونس ليستا الوحيدتين اللتين تسعيان لتحقيق مكاسب من الأزمة الليبية، بل هناك أيضًا دول أخرى مثل مصر وتركيا وفرنسا التي لها أجنداتها الخاصة في البلاد.
النهاية المحتملة: الاستفادة من الفوضى؟
في نهاية المطاف، قد تنتهي هذه القمة كما انتهت القمم السابقة، ببيانات دبلوماسية وشعارات عن “التعاون” و”التكامل”، دون تحقيق أي خطوات فعلية نحو حل الأزمة الليبية. وربما يكون الهدف الرئيسي للقمة ليس دعم ليبيا، بل استغلال الوضع الراهن لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية لكل من الجزائر وتونس.
فالجزائر تسعى إلى ترسيخ نفوذها في ليبيا لحماية مصالحها على الحدود الجنوبية وضمان حصتها من المشاريع الاقتصادية المقبلة في إعادة إعمار البلاد. وتونس، من جانبها، تأمل في أن تفتح هذه القمة الأبواب أمام تدفق الاستثمارات الليبية إلى اقتصادها المتعثر.
ليبيا: أزمة مستمرة واستغلال إقليمي
في ضوء هذه المعطيات، يبقى مستقبل ليبيا مرهونًا بمصالح الأطراف الإقليمية التي ترى في استقرار البلاد فرصة لتحقيق مكاسب اقتصادية أو سياسية. وبينما تستمر المعاناة الليبية، تظل الحلول الحقيقية بعيدة المنال في ظل تداخل الأجندات والمصالح المتنافسة.
في النهاية، تمثل قمة طرابلس الثلاثية خطوة أخرى في سلسلة من المحاولات الدبلوماسية التي قد لا تأتي بجديد. ويبقى السؤال الرئيسي: هل يمكن للجزائر وتونس أن تقدما حلولاً حقيقية، أم أن ليبيا ستظل ساحة للتنافس الإقليمي والدولي على حساب استقرارها وتنميتها؟