أخبار ليبيا 24
-
البنك المركزي في أزمة: شروط جديدة تعرقل تدفق العملة الأجنبية
-
الشركسي ينتقد التدخلات الأجنبية في إدارة البنك المركزي الليبي
-
احتياطات النقد الأجنبي مهددة بسبب إجراءات المجلس الرئاسي غير المدروسة
-
المستشارون الأجانب في النظام المصرفي الليبي: رفض الشركسي وتحذيراته
البنك المركزي الليبي في مأزق: رؤية أحمد الشركسي للوضع المالي
في أعقاب سلسلة من الأزمات الاقتصادية السياسية التي تضرب ليبيا، تتفاقم المخاوف بشأن قدرة البنك المركزي الليبي على الحفاظ على استقراره واستعادة مصداقيته في السوقين المحلية والعالمية. في خضم هذه التحديات، أطلق أحمد الشركسي، عضو ملتقى الحوار السياسي، تصريحات جريئة سلطت الضوء على الانقسامات العميقة في السياسة المصرفية الليبية وعلى الأزمة الحادة التي يمر بها البنك المركزي.
بدأ الشركسي ، في تدوينة له عبر صفحته الرسمية بموقع “إكس” رصدتها “أخبار ليبيا 24“، بتوجيه انتقاد حاد للمجلس الرئاسي على الإجراءات التي وصفها بـ”غير المدروسة”، والتي أدت إلى تدهور العلاقة بين البنك المركزي والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك الأجنبية الأخرى. ويشير الشركسي إلى أن هذه المؤسسات الدولية التي تُعد جزءاً من المنظومة المالية العالمية أصبحت تتردد في السماح بتدفق العملة الأجنبية إلى ليبيا إلا بعد فرض شروط صارمة. وقال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “ٱكس”: “من الطبيعي رؤية الاحتياطي الفيدرالي والبنوك الأجنبية الأخرى تفرض شروطاً على تدفق العملة الأجنبية إلى البنك المركزي في ظل الأوضاع الراهنة”.
الاحتياطي الفيدرالي وفرض الشروط المالية
هذا التحذير من الشركسي يعكس خطراً محدقاً قد يهدد الاقتصاد الليبي برمته. فالبنوك الدولية التي كانت في السابق تقدم تسهيلات للتعاملات المالية مع البنك المركزي الليبي باتت تشعر بالقلق من الاضطرابات السياسية والمصرفية داخل البلاد. ووفقًا لتصريحات الشركسي، تأتي هذه المخاوف نتيجة لفقدان البنك المركزي لسيادته المالية بسبب التدخلات السياسية، ما يضع المؤسسة أمام تحدٍ مزدوج: داخلي وخارجي.
أبرز تلك التدخلات هي الإجراءات التي اتخذها المجلس الرئاسي. فبدلاً من تعزيز الاستقرار الداخلي وضمان استقلالية البنك، كانت هذه القرارات سببًا في تعزيز الشكوك الدولية في قدرة البنك المركزي على التصرف بحرية وسلامة في إدارة الاقتصاد الليبي.
المستشارون الأجانب: حل أم مشكلة؟
في سياق محاولة إعادة استقرار البنك المركزي، برزت دعوات لطلب وجود مستشارين أجانب للمساعدة في استعادة المصداقية الدولية للمؤسسة المصرفية. ومع ذلك، رأى الشركسي أن هذا الحل ليس مناسبًا في الوقت الراهن. وقال: “اعتقد أن طلب وجود مستشارين أجانب لضمان استعادة المصداقية في المؤسسة المصرفية الليبية هو في هذا السياق غير مناسب ويصعب قبول الطلب”.
هذا الرأي يعكس رفضًا داخليًا لفكرة تدخل الأجانب في شؤون المؤسسات السيادية. يرى الشركسي أن هذه الخطوة قد تزيد من تفاقم الوضع بدلاً من تحسينه، حيث يعتبر أن تعزيز الشفافية والرقابة الداخلية هي السبيل الوحيد لاستعادة الثقة في النظام المصرفي الليبي، وليس اللجوء إلى حلول خارجية.
تحسين الوضع المالي للبنك المركزي: الشروط والتحديات
الشركسي في تغريدته أيضًا أكد أن تحسين الوضع المالي للبنك المركزي لن يتحقق إلا إذا تم تلبية بعض الشروط. ولكن هذه الشروط لا تأتي من الخارج فقط، بل تتطلب إصلاحات داخلية جذرية، قد تبدأ من إعادة النظر في السياسات الاقتصادية القائمة. وأضاف: “لا أعتقد أن الوضع المالي المتعلق بالبنك المركزي سوف يتحسن ما لم يتم تلبية طلب المستشارين”.
هذه التصريحات تكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها ليبيا، والتي يبدو أن حلها يتطلب تجاوز الانقسامات السياسية والعمل على تحقيق توافق وطني بشأن إصلاح القطاع المصرفي. فالبنك المركزي يُعتبر حجر الزاوية في الاقتصاد الليبي، وأي خلل في أدائه سينعكس سلبًا على كل مناحي الحياة الاقتصادية في البلاد.
الرهانات الدولية والمحلية
من الواضح أن مستقبل البنك المركزي الليبي سيكون رهينة التطورات السياسية الداخلية والتعامل مع الضغوط الدولية. فالدول الكبرى التي تمتلك احتياطات ضخمة من العملات الأجنبية والتي تعتبر شريكًا اقتصاديًا هامًا لليبيا، مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ستكون حذرة جدًا في التعامل مع النظام المصرفي الليبي ما لم يتم إجراء إصلاحات حقيقية وشفافة.
ومن ناحية أخرى، فإن المجلس الرئاسي يواجه تحديًا آخر يتمثل في كيفية الحفاظ على سيادة البنك المركزي وضمان استقراره دون السماح بالتدخلات الأجنبية المفرطة. هذه المعادلة الصعبة تضع ليبيا في موقف لا تحسد عليه، حيث يتطلب الأمر التوازن بين الحفاظ على السيادة الوطنية وبين التعامل مع المؤسسات المالية الدولية.
الخلاصة: مستقبل الاقتصاد الليبي في مهب الريح؟
تأتي تصريحات أحمد الشركسي في وقت حساس بالنسبة للاقتصاد الليبي، حيث تشهد البلاد ضغوطًا هائلة من الداخل والخارج. وبينما يبدو أن الأزمة المالية الراهنة قد دفعت بالبنك المركزي إلى حافة الانهيار، تظل التساؤلات حول كيفية الخروج من هذا المأزق قائمة. هل ستكون الإصلاحات الداخلية كافية لاستعادة الثقة في النظام المصرفي؟ أم أن التدخلات الأجنبية ستصبح أمرًا لا مفر منه؟
في نهاية المطاف، يبقى على القيادة الليبية أن تتخذ قرارات حاسمة لتحقيق الاستقرار في النظام المالي، لأن فشل البنك المركزي في تجاوز هذه الأزمة سيكون له تأثيرات كارثية على الاقتصاد الليبي ومستقبل البلاد بشكل عام.