
أخبار ليبيا 24
- النويري يرفض تدخل السفارة الأمريكية في القرارات المالية الوطنية
- ترتيبات مالية مفروضة تخرق سيادة الدولة وتفاقم أزمة الاقتصاد
- المصرف المركزي بين الحياد المالي والضغوط الدبلوماسية الخارجية
- الانقسامات السياسية تهدد الاقتصاد الليبي وتضعف قيمة الدينار
التدخلات الخارجية: تهديد للسيادة أم واقع سياسي جديد؟
في في بيان صادر عن النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، تحصلت “أخبار ليبيا 24” على نسخة منه، تتجلى معركة جديدة في قلب الأزمة الليبية المعقدة. البيان يتناول موضوعًا حساسًا يتعلق بالتدخلات الخارجية، تحديدًا تدخلات سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الترتيبات المالية للدولة الليبية. في هذه الكلمات الصارمة، يعبر النويري عن استغرابه ورفضه المطلق لأي تدخل خارجي يخص الشؤون المالية لبلاده، معتبرًا هذا التدخل انتهاكًا صارخًا لمبادئ السيادة الوطنية وخطوة قد تجر الاقتصاد الليبي نحو المزيد من الانقسام والضعف.
منذ اندلاع الأزمة الليبية في عام 2011، كانت البلاد مسرحًا للتدخلات الدولية التي تنوعت في أهدافها وأساليبها. فبينما تمثلت بعض التدخلات في دعم أطراف سياسية معينة أو فرض عقوبات، بدأت التدخلات المالية تأخذ منحى جديدًا في السنوات الأخيرة، مما يجعل السيطرة على موارد الدولة موضوعًا في غاية الأهمية. ويرى النويري أن التدخل الأمريكي الأخير يندرج تحت هذا السياق، حيث تسعى السفارة الأمريكية لفرض ترتيبات مالية على ليبيا، وهو ما يعتبره “خرقًا للقوانين” و”إخلالاً بمبدأ عدم التدخل” الذي يعد من أسس السيادة.
تتمثل قوة البيان في وضوح الرسالة: الميزانية العامة والترتيبات المالية يجب أن تكون منبثقة من داخل ليبيا، تحددها السلطة التشريعية وفق القوانين المحلية لتحقيق العدالة بين جميع الليبيين. ويؤكد النويري أن إقرار أي ميزانية يجب أن يتم عبر السلطة التشريعية المعترف بها، وأي محاولة لتجاوز هذا النظام تعني تعزيز الانقسام الداخلي الذي تعاني منه البلاد بالفعل. ويضيف أن التدخلات الخارجية، لا سيما تلك التي تتعلق بالشؤون الاقتصادية، تؤدي إلى تعميق هذه الانقسامات، حيث تسعى بعض القوى الخارجية إلى فرض ترتيبات تخدم مصالحها على حساب مصالح الشعب الليبي.
المصرف المركزي: مؤسسة فنية أم رهينة للتأثيرات الخارجية؟
من القضايا المحورية التي تناولها بيان النويري هو دور المصرف المركزي الليبي في هذه المعركة الاقتصادية والدبلوماسية. يشدد النويري على أن المصرف المركزي هو مؤسسة فنية تعمل على إدارة السياسة النقدية للدولة، وليست مؤسسة سياسية تخضع لتوجيهات أو تأثيرات خارجية. ويعرب عن استغرابه من اللقاءات التي تعقدها قيادة المصرف مع السفراء الأجانب، محذرًا من أن هذه الاجتماعات قد تؤدي إلى تسييس المؤسسة وإخراجها عن مسارها المهني.
إن الدور الذي يلعبه المصرف المركزي في الحفاظ على استقرار الدينار الليبي وإدارة السياسات النقدية هو دور حساس يتطلب الحياد التام. وفقًا للنويري، فإن أي تغيير في سعر الصرف أو أي ترتيبات مالية تفرض من الخارج قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على الاقتصاد الليبي. فالدينار الليبي، الذي يواجه ضغوطًا كبيرة بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، قد يتعرض لمزيد من الانخفاض في قيمته إذا لم تحافظ الدولة على سيادتها المالية.

تحذيرات من المخاطر الاقتصادية
من أخطر التحديات التي تواجه ليبيا في هذه المرحلة هو تأثير التدخلات الخارجية على الاقتصاد الوطني. يحذر النويري من أن فكرة الترتيبات المالية المفروضة من الخارج تهدد استقرار الاقتصاد الليبي بشكل عام وقيمة الدينار الليبي بشكل خاص. في ظل حالة الانقسام السياسي المستمر، فإن أي تدخل خارجي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، حيث تواجه البلاد تراجعًا في قيمة العملة المحلية وزيادة في معدلات التضخم.
يعبر النويري عن قلقه إزاء هذه التطورات، مشددًا على أن البلاد لا يمكنها أن تتحمل المزيد من التدهور الاقتصادي. ويحذر من أن الانخراط في مسارات مالية مشبوهة قد يؤدي إلى انهيار شامل للاقتصاد، وهو أمر لا يمكن لليبيا تحمله في ظل الأوضاع الراهنة.
رسالة للشعب والمسؤولين
يختتم النويري بيانه برسالة واضحة لأبناء الشعب الليبي ومن يتولى المناصب السيادية في الدولة. يدعو الجميع إلى الالتزام بالمسار الوطني وعدم الانجرار خلف التدخلات الخارجية التي تهدد مستقبل البلاد. يؤكد النويري أن سيادة الدولة الليبية يجب أن تكون فوق أي اعتبار، وأن أي محاولة لتجاوز هذه السيادة ستؤدي إلى مزيد من الانقسام والفوضى.
في نهاية البيان، يوجه النويري تحذيرًا مباشرًا إلى محافظ المصرف المركزي ونائبه، مطالبًا إياهم بالابتعاد عن أي تأثيرات خارجية، والتركيز على أداء مهامهم المالية وفق القوانين الليبية. يشدد على أن المصرف المركزي يجب أن يبقى مؤسسة فنية محايدة، بعيدة عن التجاذبات السياسية والدبلوماسية، حفاظًا على استقرار الاقتصاد الليبي.
في الختام: معركة بين السيادة والتدخل
إن بيان النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي، فوزي النويري، يعكس القلق المتزايد في الأوساط السياسية الليبية بشأن التدخلات الخارجية في الشؤون المالية للبلاد. في هذه اللحظة الحرجة، يبدو أن ليبيا تقف على مفترق طرق بين الحفاظ على سيادتها المالية والسياسية، أو الانجراف نحو مزيد من الانقسام تحت تأثير القوى الخارجية.
وبينما تتزايد المخاوف بشأن الاقتصاد الليبي ومستقبل الدينار، يبقى السؤال: هل ستتمكن ليبيا من الحفاظ على استقلالية قرارها المالي؟ أم أن التدخلات الخارجية ستفرض واقعًا جديدًا على الأرض؟ في كلتا الحالتين، يبدو أن المعركة القادمة لن تكون مجرد صراع سياسي، بل معركة من أجل الحفاظ على سيادة دولة تواجه تحديات لا مثيل لها في تاريخها الحديث.