إقتصادالأخبار

ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل

إنتاج مصانع الإسمنت لا يلبي الطلب المتزايد في ليبيا

أخبار ليبيا 24

  • ارتفاع أسعار الإسمنت يثير قلق السوق العقاري الليبي
  • مصانع الإسمنت تعاني من اضطرابات الإنتاج وتواجه تحديات كبرى
  • الاعتماد على الواردات يعمّق أزمة مواد البناء في ليبيا
  • مضاربات السوق: العامل الخفي وراء قفزات أسعار الإسمنت

ارتفاع أسعار الإسمنت.. أزمة تؤرق السوق العقاري

تشهد السوق الليبية منذ فترة موجة غير مسبوقة من ارتفاع أسعار مواد البناء، وعلى رأسها الإسمنت. فمع قفزة سعر القنطار إلى 90 دينارًا ليبيًا، أصبح قطاع البناء في مواجهة صعوبات متعددة، تضاف إلى التحديات السياسية والاقتصادية التي ترهق البلاد. تضاعف أسعار الإسمنت، الذي ارتفع بنسبة 54% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، يعيد إلى الواجهة مشكلات متجذرة تعكس اختلالات في الإنتاج المحلي والاعتماد الكبير على الواردات. هذه الظاهرة تثير قلق المستثمرين والمواطنين على حد سواء، خاصة في ظل عجز البلاد عن سد الطلب المتزايد على مواد البناء.

ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل
ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل

مصانع الإسمنت.. إنتاج محدود وطلب هائل

يعد مصنع البرج للإسمنت في زليتن واحدًا من أكبر المصانع المنتجة في ليبيا، حيث يقدر إنتاجه بنحو 1.5 مليون طن سنويًا، إلا أن هذا الرقم لا يلبي حتى نصف الاحتياجات المحلية. تشير تقديرات السوق إلى أن الطلب على الإسمنت يصل إلى سبعة ملايين طن سنويًا، وهو ما يجعل السوق المحلي يعاني من نقص حاد، الأمر الذي دفع بالأسعار إلى الارتفاع الجنوني.

  • ليبيا تواجه أزمة ارتفاع أسعار الإسمنت بنسبة 54% بسبب المضاربات ونقص الإنتاج، مما يهدد قطاع البناء ويزيد اعتمادها على الواردات من دول مجاورة.

ورغم أن مصنع البرج استأنف إنتاجه مؤخرًا بعد فترات توقف نتيجة الصراعات المسلحة، إلا أن الاضطرابات المستمرة في الإنتاج تعيق تحقيق استقرار في الأسعار. يقول عبد السلام التاجوري، أحد كبار المقاولين في طرابلس: “المشكلة ليست في الإنتاج فقط، بل في المضاربات التي تستغل هذا النقص لرفع الأسعار بشكل غير مبرر”. ما يفاقم الوضع هو أن استقرار الإنتاج في المصانع لا يزال هدفًا بعيد المنال، ما يتيح للمضاربين التحكم في السوق.

 

ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل
ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل

 

مضاربات السوق والاعتماد على الواردات: أزمات متراكمة

الاعتماد على الواردات، سواء من تونس أو مصر أو تركيا، أصبح خيارًا لا مفر منه لسد الفجوة في الإنتاج المحلي. إلا أن هذا الاعتماد المفرط أدى إلى تأثيرات سلبية أخرى. يشير المحلل الاقتصادي طارق الصرماني إلى أن “الاستيراد يفتح المجال للمضاربات في السوق، فكلما زادت الحاجة إلى الإسمنت المستورد، زادت هوامش الربح غير المشروعة”. السوق الليبي يعيش حالة من عدم الاستقرار نتيجة لهذا الوضع، حيث أصبحت كميات الإسمنت المستوردة في أيدي قلة قليلة تتحكم في السعر.

ومن هذا المنطلق، تبرز مطالبات عديدة للسلطات الليبية بفرض تسعيرة جبرية للحد من هذه المضاربات، وهو ما قد يسهم في كبح جماح الأسعار. وزارة الاقتصاد الليبية تلقت دعوات متعددة للتحرك بجدية في هذا الإطار، لا سيما في ظل الأزمة المتفاقمة في قطاع البناء. فارتفاع أسعار الإسمنت ليس مجرد مشكلة اقتصادية، بل أزمة تؤثر على حياة مئات الآلاف من الليبيين الذين يبحثون عن مسكن مناسب وسط تضاعف الأسعار.

نقص الوحدات السكنية: تأثير مباشر على المواطنين

إلى جانب ارتفاع أسعار الإسمنت، يعاني المواطنون الليبيون من نقص شديد في الوحدات السكنية، حيث يقدر العجز بنحو نصف مليون وحدة سكنية. هذا النقص الحاد يدفع بالأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، ويعوق بشدة جهود الحكومة في توفير سكن ميسر للمواطنين. عبد الله كشاكة، مواطن من زليتن، يروي تجربته: “انتظرت تسلم شحنة من الإسمنت لمدة تزيد عن عام، لكن دون جدوى. الوضع سيء للغاية، ولا يبدو أن هناك حلاً في الأفق”.

 

ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل
ارتفاع أسعار الإسمنت في ليبيا يهدد قطاع البناء بالكامل

ورغم أن مصرف ليبيا المركزي أشار في بياناته إلى أن الاعتمادات المستندية لشراء مواد البناء بلغت 220 مليون دولار في النصف الأول من العام الجاري، إلا أن هذه الأموال لم تتمكن من تحقيق استقرار في السوق. هذه الفجوة بين الأرقام والإجراءات الفعلية تزيد من صعوبة الوضع، وتجعل المواطنين يعيشون حالة من الترقب والخوف من المستقبل.

خطط حكومية لإنعاش الإنتاج المحلي: هل تكفي؟

في ظل هذه التحديات، أعلنت حكومة الدبيبة منتهية الولاية عن خطط جديدة لدعم قطاع الإسمنت. أبرز هذه التحركات هو الاتفاق الذي توصل إليه النائب العام، المستشار الصديق الصور، لاستئناف العمل في مصنع البرج. هذا التطور الإيجابي قد يسهم في تحسين الوضع إلى حد ما، إلا أن المشكلة الأساسية تكمن في أن إنتاج سبعة مصانع إسمنت تعمل حاليًا في ليبيا لا يتجاوز 58% من قدرتها التصميمية، والتي تصل إلى عشرة ملايين طن.هذه النسبة المتدنية من الإنتاج تفتح الباب أمام استمرار الاعتماد على الواردات، وهو ما يعيدنا إلى المربع الأول من حيث تأثيرات المضاربات وعدم استقرار السوق. الحلول الحكومية وحدها قد لا تكون كافية، ما لم تتضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص لتأمين استقرار مستدام في السوق.

أمل ضئيل في حلول سريعة

الوضع في ليبيا لا يبدو أنه سيشهد انفراجًا قريبًا فيما يتعلق بأسعار الإسمنت. على الرغم من الجهود المبذولة لإعادة تشغيل المصانع وتحسين الأداء، إلا أن الأزمة تبدو أكبر من أن تُحل في المدى القريب. السوق العقاري في ليبيا، الذي يعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية، يحتاج إلى تدخلات شاملة من قبل الحكومة، بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص لضمان استقرار الأسعار وتوفير مواد البناء بأسعار مناسبة. إلى أن تتحقق هذه التدخلات، يبقى المواطن الليبي في مواجهة مباشرة مع ارتفاع تكاليف الحياة وصعوبة الحصول على مسكن يليق بأحلامه.

المزيد من الأخبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى