أخبار ليبيا 24
-
امراجع غيث: فرض ضريبة الـ27% كان بسبب خلل في إدارة سعر الصرف.
-
نمو عرض النقود وعدم مراقبته أثر بشكل مباشر على سعر الصرف.
-
غياب الميزانية المعتمدة، أدى إلى إنفاق غير مرشد من قبل الحكومة.
-
الاحتياطيات الأجنبية الحالية غير كافية لدعم السوق المحلي.
-
الحلول تكمن في إبعاد البنك المركزي عن السياسة ومنحه استقلالية كاملة.
ضريبة الـ27% نتيجة ضعف في إدارة نمو عرض النقود بين 2021-2023
قدم امراجع غيث، عضو مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي سابقًا، رؤيته حول الوضع المالي والنقدي الراهن في ليبيا، مسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه الاقتصاد الليبي، وأهمية الدور الذي يلعبه المصرف المركزي في ضبط السياسة النقدية. استهل غيث حديثه بالإشارة إلى فرض ضريبة الـ27% التي أوصى بها المحافظ السابق لمصرف ليبيا المركزي، مشيرًا إلى أن هذا القرار كان نتيجة لخلل في إدارة سعر الصرف خلال الفترة ما بين 2021 و2023. ويرى غيث أن تلك المرحلة كانت حاسمة في تحديد مصير الاقتصاد الليبي، حيث كان من الواجب متابعة توصيات لجنة سعر الصرف، وبالأخص فيما يتعلق بمراقبة نمو عرض النقود.
يوضح غيث في منشور له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رصدته “أخبار ليبيا 24“،أن مشكلة إدارة عرض النقود تعود إلى غياب الميزانية المعتمدة من البرلمان خلال تلك الفترة، ما أدى إلى التوجه نحو ترتيبات مالية بين الحكومة والمحافظ السابق، الذي كان على علاقة وثيقة بالحكومة آنذاك. ونتيجة لهذا التحالف، تزايد الإنفاق الحكومي دون أن تكون هناك مراقبة حقيقية لتبعات هذا الإنفاق على نمو عرض النقود وسعر الصرف. ويضيف غيث بمرارة: “كان واضحًا أن الوضع يتجه نحو أزمة حقيقية، لكن لم يكن هناك اهتمام كافٍ بهذا الخطر الداهم”.
رفض البنك المركزي مقترح تقوية الدينار بنسبة 15% يفاقم أزمة سعر الصرف
استعرض غيث أيضًا جهود لجنة سعر الصرف في تخفيض عرض النقود من 142 مليار دينار ليبي في نهاية ديسمبر 2020 إلى 115 مليار دينار في أغسطس 2022. ورغم هذا الإنجاز، تقدم فريق لجنة سعر الصرف في بنغازي بمقترح لتقوية الدينار الليبي بنسبة 15%، وهو مقترح قوبل بالرفض من قبل المحافظ في طرابلس. ويقول غيث: “لقد عرضنا المقترح على مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي، وتمت الموافقة على تقوية الدينار، إلا أن المحافظ رفض تطبيق القرار”. ويستطرد قائلاً: “استمر في مجاراة الحكومة في الإنفاق غير المرشد، دون أي اعتبار لتبعات هذا الإنفاق على النمو المستمر لعرض النقود، الأمر الذي أدى إلى تضخم السوق الموازي وارتفاع الأسعار”.
ويبين غيث أن نمو عرض النقود وصل إلى 163 مليار دينار في نهاية 2023، في حين بلغت الاحتياطيات النقدية الحرة 40 مليار دولار فقط، وهو ما خلق فجوة كبيرة بين حجم عرض النقود واحتياطيات العملة الصعبة. ويرى أن هذه الفجوة كانت أحد الأسباب التي دفعت إلى فرض ضريبة على سعر الصرف، في ظل تعطل أدوات السياسة النقدية الأخرى بحكم القانون رقم 1 لسنة 2013.
العلاقة بين البنك المركزي والحكومة: بين الإنفاق غير المرشد وتفاقم التضخم
وفي حديثه عن العلاقة بين البنك المركزي والحكومة، أشار غيث إلى أن المصرف سهل بشكل مباشر إنفاق الحكومة دون أن يتخذ أي إجراءات لضبط ذلك الإنفاق، ما أدى إلى تفاقم أزمة السيولة وسعر الصرف. وعلق قائلاً: “الأمر المؤسف أن ما تركه المحافظ السابق هو تركة ثقيلة تتطلب معالجة فورية”. ويشير إلى أن عرض النقود ارتفع مجددًا إلى 175 مليار دينار في نهاية يوليو 2024، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا.
لا يخفي غيث قلقه من استمرار إغلاق الحقول النفطية، موضحًا أن ذلك له تأثير مباشر على تدفقات النقد الأجنبي، وبالتالي على الاحتياطيات النقدية والإمدادات اليومية للسوق المحلي. ويضيف: “وجود البنك المركزي بوضعه الحالي يؤثر بشكل مباشر على إيجاد حلول فعالة لمشكلة نمو السوق الموازي”.
الحلول الاقتصادية في ليبيا تحتاج إلى الاستقلالية والصدق والإخلاص
وفي ختام حديثه، شدد غيث على أن الهدف من عرضه لهذه المشاكل ليس إحباط الشعب الليبي، بل لتوضيح الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع. وأكد أن الحلول للأزمة الاقتصادية الليبية تبدأ بحل سريع لمشكلة البنك المركزي، وتجنيبه التدخلات السياسية، ومنحه استقلالية كاملة. ويرى غيث أن هذه الخطوات ستؤدي إلى تحسن ملموس في سعر الصرف والسيولة والائتمان، مما سينعكس إيجابًا على حياة المواطن الليبي.
يعتقد غيث أن الاقتصاد الليبي ليس معقدًا كما يُتصور، بل هو بسيط بموارده الطبيعية الكثيرة، ويضيف: “ليبيا ليست دولة غنية، ولكنها تمتلك مقومات الدولة الغنية متى وجدت رجالها المخلصين”. ويختتم غيث حديثه بلهجة متفائلة، مؤكدًا أن الحلول ليست بعيدة المنال، وأن الأمل في المستقبل لا يزال قائمًا، شرط أن تُتخذ الخطوات الصحيحة لإصلاح ما أفسدته السياسات السابقة.