أخبار ليبيا 24
-
رئيس المخابرات التركية إبراهيم قالن يزور طرابلس للاجتماع مع الدبيبة.
-
التركيز على الحفاظ على وحدة ليبيا واستقرارها.
-
زيارة قالن تأتي بعد توترات حول إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي.
-
تركيا أرسلت قوات إلى ليبيا لدعم حكومة الدبيبة.
-
اللقاءات ركزت على تعزيز التعاون الأمني والسياسي بين ليبيا وتركيا.
زيارة رئيس المخابرات التركية إلى ليبيا.. بين دعم الاستقرار وتفاقم الأزمات
في ظل حالة التوتر السياسي التي تشهدها ليبيا في الوقت الراهن، وصل إبراهيم قالن، رئيس جهاز المخابرات الوطني التركي، إلى العاصمة طرابلس في زيارة لم تكن مفاجئة بقدر ما كانت متوقعة. تأتي هذه الزيارة في وقت حرج، حيث تعاني ليبيا من انقسام سياسي حاد بين الشرق والغرب، تتخللهما صراعات متعددة الأطراف، تتركز أساسًا حول الموارد الاقتصادية والسياسية.
يهدف قالن من خلال زيارته إلى إجراء محادثات مع المسؤولين الليبيين، وعلى رأسهم عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، لمناقشة سبل الحفاظ على الاستقرار الهش في البلاد. هذا الاستقرار الذي طالما كانت تركيا طرفًا رئيسيًا فيه، عبر دعمها العسكري لحكومة الدبيبة. ففي عام 2020، أرسلت تركيا قوات ومعدات عسكرية إلى طرابلس بناءً على اتفاقيات أمنية تم توقيعها مع حكومة الوفاق السابقة.
دور أنقرة في الأزمة الليبية.. دعم الاستقرار أم تعميق الصراع؟
لكن الزيارة الحالية تأتي في سياق مختلف تمامًا. ليبيا تشهد تصعيدًا سياسيًا خطيرًا، بعد إقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، الذي كان يمثل محورًا رئيسيًا في إدارة الموارد المالية للبلاد. هذه الخطوة أدت إلى موجة من التوترات، بلغت ذروتها بإعلان الحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد عن إيقاف إنتاج النفط، وهو ما يهدد بنسف أربع سنوات من الاستقرار النسبي الذي حققته البلاد.
النفط الليبي، الذي يمثل الشريان الحيوي للاقتصاد الوطني، أصبح اليوم رهينة للصراع السياسي. وأي اضطراب في إنتاجه وتصديره سيؤدي بلا شك إلى تداعيات كارثية على الاقتصاد الليبي وعلى الشعب الليبي الذي عانى طويلاً من ويلات الحرب.
تركيا، التي كانت ترى في ليبيا ساحة استراتيجية لتوسيع نفوذها في شمال أفريقيا وشرق المتوسط، تجد نفسها الآن في موقف لا تُحسد عليه. فعلى الرغم من دعمها المستمر لحكومة الدبيبة، إلا أن وجودها في ليبيا أصبح مصدر توتر ليس فقط مع الفصائل الليبية المتنافسة، بل ومع المجتمع الدولي أيضًا، الذي يطالب بخروج القوات الأجنبية من ليبيا.
من جهة أخرى، يتزامن توقيت زيارة قالن مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا، والتي بحث فيها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الملف الليبي. مصر تسعى هي الأخرى لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، لكنه حل يتعارض في جوانب كثيرة مع الرؤية التركية.
اللافي والكوني بحثان مع رئيس المخابرات التركية دور تركيا في الملف الليبي
إبراهيم قالن والدبيبة: نقاشات حول وحدة ليبيا واستقرارها
تركيا، وعلى الرغم من دعمها اللامحدود لحكومة الدبيبة، تجد نفسها مضطرة للتعامل بحذر ودبلوماسية مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى المتورطة في الشأن الليبي. فأنقرة تدرك أن استمرار وجودها في ليبيا يتطلب منها تقديم تنازلات وتجنب التصعيد الذي قد يؤدي إلى مواجهات دبلوماسية أو حتى عسكرية لا تُحمد عقباها.
وفي خضم هذا المشهد المتشابك، يبقى السؤال الرئيسي: هل تستطيع تركيا تحقيق توازن بين دعمها لحكومة الدبيبة وبين المحافظة على علاقاتها الإقليمية والدولية؟ الإجابة على هذا السؤال تتوقف على مدى قدرة أنقرة على استخدام نفوذها السياسي والعسكري بشكل يتجنب المزيد من التعقيد في الأزمة الليبية.
في النهاية، يمكن القول إن زيارة رئيس المخابرات التركية إلى طرابلس قد تكون خطوة نحو تعزيز التعاون الأمني والسياسي بين البلدين، لكنها أيضًا تمثل محاولة لأنقرة لإعادة ترتيب أوراقها في ليبيا، في مواجهة تحديات داخلية وخارجية لا يمكن التنبؤ بتداعياتها على المدى القريب.
تستمر المباحثات والمفاوضات في ليبيا، ولكنها تظل محكومة بالعديد من العوامل المتغيرة، سواء كانت تلك العوامل داخلية متعلقة بالصراعات السياسية الليبية، أو خارجية مرتبطة بتدخلات القوى الإقليمية والدولية. وفي كلتا الحالتين، فإن المستقبل القريب سيكشف مدى قدرة الأطراف المختلفة على الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تحافظ على وحدة ليبيا واستقرارها، وتجنبها المزيد من التدهور.
الوضع الليبي بين التوافقات الممكنة والتحديات المستقبلية
ليبيا، الدولة التي تمثل واحدة من أهم نقاط الصراع في شمال أفريقيا، تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم. فبعد سنوات من الحرب والانقسامات، تجد البلاد نفسها في مواجهة أزمة جديدة قد تكون الأكثر تعقيدًا منذ عام 2011.
من جهة، نجد أن الشرق الليبي، بداية من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، يسيطر على موارد النفط. ومن جهة أخرى، الغرب الليبي، الذي يتخذ من طرابلس مقرًا له، يحظى بدعم من عدة دول، وعلى رأسها تركيا، لكنه يعاني من تضاؤل في الدعم الشعبي والقبول الدولي بسبب انتهاء ولايته.
النفط في ميزان السياسة: كيف يؤثر الصراع على الإنتاج الليبي؟
في هذا السياق، تجد تركيا نفسها في موقف حساس. فبعد أن كانت الداعم الأكبر لحكومة الوفاق ومن ثم حكومة الدبيبة منتهية الولاية، تواجه الآن ضغوطًا كبيرة سواء من المجتمع الدولي أو من الداخل الليبي الذي بدأ يرى في التواجد التركي تهديدًا لوحدة البلاد واستقلالها. هذا التواجد الذي كان يُبرر سابقًا على أنه دعم لاستقرار البلاد، بات اليوم موضع تساؤل، في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بليبيا.
ويبقى التساؤل الأكبر حول دور تركيا المستقبلي في ليبيا: هل ستستمر في دعمها لحكومة الدبيبة، أم ستبحث عن مخرج يحفظ لها مصالحها الاستراتيجية دون أن يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب؟ وكيف ستتعامل مع المطالبات الدولية المتزايدة بسحب قواتها وإنهاء وجود المرتزقة على الأراضي الليبية؟
في خضم هذه التحولات، تبقى ليبيا في حاجة ماسة إلى توافق وطني شامل، يضمن لها الخروج من دوامة الصراع والبدء في بناء دولة مستقرة وديمقراطية، تستطيع فيها جميع الأطراف أن تشارك في تحديد مستقبل البلاد دون إقصاء أو تهميش.
ليبيا بين المطرقة والسندان
لا شك أن الأزمة الليبية تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم. فالبلاد، التي عانت من انقسامات وحروب داخلية لسنوات، تواجه اليوم تحديات جديدة قد تكون أصعب من كل ما واجهته من قبل. بين مطرقة الصراعات الداخلية وسندان التدخلات الخارجية، تبقى ليبيا في حاجة إلى حل سياسي شامل يضمن لها الاستقرار والازدهار.
في النهاية، يعتمد مستقبل ليبيا على قدرة الأطراف المختلفة على التوصل إلى حلول توافقية، تحترم إرادة الشعب الليبي وتضمن وحدة البلاد واستقلالها. تركيا، التي تلعب دورًا محوريًا في هذا الصراع، تجد نفسها أمام خيارين: إما أن تستمر في دعم طرف على حساب الآخر، أو أن تسعى إلى حل يضمن لها الحفاظ على مصالحها دون أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع. وفي كل الأحوال، فإن الأيام القادمة ستكشف عن المسار الذي ستسلكه ليبيا في ظل هذه التحولات.