أخبار ليبيا 24
-
“توافق ليبي على خارطة طريق جديدة لإدارة مصرف ليبيا المركزي”
-
“لجنة مؤقتة لإدارة مصرف ليبيا المركزي بقيادة البرعصي”
-
“مجلس النواب يعتمد تشكيلة اللجنة المؤقتة خلال ثلاثة أيام”
-
“خلال 30 يوماً: تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي”
-
“شروط صارمة لاختيار قيادة مصرف ليبيا المركزي وإعادة الثقة”
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها ليبيا، برزت أزمة قيادة مصرف ليبيا المركزي كواحدة من أبرز القضايا التي تتطلب حلاً عاجلاً وفعّالاً. منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2702 لسنة 2023، والذي حدد دور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في توحيد الترتيبات الاقتصادية للمؤسسات الليبية، بدأت الجهود الدولية تتسارع لحل أزمة القيادة في مصرف ليبيا المركزي، وهي المؤسسة التي تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الليبي.
انطلقت المشاورات بتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بهدف وضع خارطة طريق واضحة لإنهاء الوضع الراهن في مصرف ليبيا المركزي. وقد هدفت هذه المشاورات إلى إعادة بناء الثقة في هذه المؤسسة الحيوية لدى المواطنين الليبيين والمؤسسات المالية الدولية على حد سواء. وبعد مناقشات مطولة ومستفيضة بين الأطراف، تم التوصل إلى عدد من التفاهمات المهمة.
قيادة مصرف ليبيا المركزي في الفترة الانتقالية:
في خطوة أولى نحو حل الأزمة، تم الاتفاقتحت إشراف البعثة الأممية على أن يتولى نائب محافظ مصرف ليبيا المركزي، مرعي البرعصي، مهام تسيير أعمال المصرف بمساعدة شخصين من ذوي الخبرة والنزاهة. يشكل هؤلاء الثلاثة مجتمعين لجنة مؤقتة تتولى اتخاذ القرارات اللازمة لتسيير أعمال المصرف في مقره الرئيسي بمدينة طرابلس، وذلك إلى حين تعيين محافظ جديد. وتهدف هذه اللجنة المؤقتة إلى ضمان استمرارية الأعمال ومنع أي تعطيل قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني.
البعثة الأممية تستضيف محادثات هامة لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي
وقد تم تحديد معايير دقيقة لاختيار أعضاء اللجنة المؤقتة، حيث يجب أن تتشكل في غضون ثلاثة أيام من توقيع الاتفاق، مع مراعاة التمثيل والتوازن الجغرافي بين مختلف المناطق الليبية. سيتم عرض تشكيلة اللجنة المؤقتة على مجلس النواب لاعتمادها رسمياً وإصدار قرار بشأنها وفق الإجراءات السليمة المعمول بها. وبمجرد صدور قرار مجلس النواب، ستباشر اللجنة المؤقتة عملها فوراً لضمان استقرار المؤسسة المصرفية.
تعيين محافظ ومجلس إدارة جديد لمصرف ليبيا المركزي:
من أجل تعزيز الاستقرار المؤسسي في المصرف المركزي، تم الاتفاق على أن يتم خلال 30 يوماً من اعتماد مجلس النواب للجنة المؤقتة، التوصل إلى توافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي. هذا التوافق سيتم وفقاً للمادة 1.5 من الاتفاق السياسي الليبي، والذي يضع إطاراً قانونياً واضحاً لهذه العملية.
كما تم التأكيد على ضرورة وضع معايير صارمة لاختيار المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة، بحيث تتوافق مع الشروط الملحقة بالاتفاق. من بين هذه الشروط أن يكون المرشح ليبياً من أبوين ليبيين، وألا يكون حاملاً لجنسية أو جواز سفر أي بلد آخر. يجب أن يكون المرشح حاصلاً على درجة الماجستير فما فوق في الشؤون المالية أو المصرفية أو الاقتصادية، وأن تكون لديه خبرة لا تقل عن عشر سنوات في هذا المجال، ويفضل من له إسهامات علمية منشورة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون المرشح لا يقل عمره عن أربعين سنة ولا يزيد عن خمس وستين سنة، وأن يكون متمتعاً باللياقة الصحية. من المهم أيضاً أن يتقن اللغة الإنجليزية، وألا تكون له مصالح تجارية أو مالية تتعارض مع واجباته أو مقتضيات الحيادية والاستقلال، أو تؤثر على اتخاذ القرار. يجب أن يكون المرشح حسن السمعة، ولم يصدر ضده حكماً نهائياً في جنحة أو جناية مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يكون متمتعاً بالحقوق المدنية والسياسية، وألا يكون قد حكم عليه في جرائم متعلقة بالفساد وإهدار المال العام.
استعادة الثقة وإعادة بناء المؤسسات:
يعد الاتفاق على تشكيل اللجنة المؤقتة وتعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي خطوة هامة نحو إعادة بناء الثقة في المؤسسات الوطنية الليبية. إن التوصل إلى هذا الاتفاق يعكس رغبة الأطراف الليبية في تجاوز الخلافات والتعاون لتحقيق استقرار اقتصادي ينعكس إيجاباً على حياة المواطنين. كما يعكس الالتزام بتحقيق رؤية موحدة لإدارة المصرف المركزي الذي يعد من أهم المؤسسات الاقتصادية في البلاد.
إن نجاح هذه الخطوات يتوقف على قدرة الأطراف المعنية على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بروح من التعاون والشراكة. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع للعمل على بناء مستقبل مشترك ومستقر لليبيا، حيث تتكامل المؤسسات وتتعاون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
إن إعادة بناء الثقة في مصرف ليبيا المركزي ليست مجرد مسألة إدارية، بل هي خطوة حيوية لإعادة بناء الاقتصاد الليبي ككل. إن القدرة على إدارة الاقتصاد الوطني بكفاءة واستقلالية تمثل حجر الزاوية في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي. ومن هنا، تأتي أهمية هذه الجهود المبذولة لتوحيد المؤسسات المالية في ليبيا، وضمان أن تكون قراراتها متسقة مع الأهداف الوطنية العليا.
ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في التنفيذ الفعلي لما تم الاتفاق عليه، وفي القدرة على التغلب على التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيق التقدم. إن نجاح هذا الاتفاق يتطلب التزاماً حقيقياً من جميع الأطراف، واستعداداً للعمل معاً من أجل مصلحة ليبيا وشعبها.
في الختام، يمكن القول إن التوصل إلى اتفاق لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد. إن التنفيذ الناجح لهذا الاتفاق يعتمد على تعاون الأطراف المعنية والالتزام بالمعايير المحددة لتحقيق الأهداف المرجوة. نأمل أن تكون هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة من البناء والتنمية في ليبيا.