أخبار ليبيا 24
- البعثة الأممية تستضيف محادثات منفصلة بين مجلسي النواب ولدولة والرئاسي.
- مفاوضات استمرت لساعات طويلة حققت تقارباً في وجهات النظر.
- الاتفاق على رفع التفاهمات إلى المجلسين للتشاور واستكمال المحادثات.
- خطوات حاسمة نحو توقيع اتفاق نهائي لإنهاء أزمة المصرف المركزي.
في صباح يوم الاثنين الموافق الثاني من سبتمبر، تجددت الآمال في الأوساط السياسية الليبية مع انطلاق محادثات هامة في مقر البعثة الأممية بالعاصمة طرابلس. وعلى مدى ساعات طويلة، احتضنت البعثة الأممية ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من جهة، وعن المجلس الرئاسي من جهة أخرى، في محاولة جادة للوصول إلى حل للأزمة المستمرة التي تحيط بمصرف ليبيا المركزي.
تجمع الأطراف الليبية المتفاوضة في مقر البعثة الأممية وسط إجراءات أمنية مشددة. وفي الأجواء، كانت التوقعات متباينة بين تفاؤل حذر وإحساس بخيبة الأمل، خاصة مع تعثر الجهود السابقة التي بذلت لحل الأزمة المالية التي ألقت بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الليبي والمواطنين على حد سواء.
منذ بداية المحادثات، حرصت بعثة الأمم المتحدة للدعم على تهيئة الأجواء الإيجابية التي تشجع على الحوار الصريح والبناء. فقد شددت على أهمية التوصل إلى تفاهمات حقيقية تضع مصلحة ليبيا فوق كل اعتبار، وتعيد الثقة إلى مؤسسة مصرف ليبيا المركزي باعتبارها الركيزة الأساسية للنظام المالي والاقتصادي في البلاد.
البعثة الأممية تستضيف محادثات بين الأطراف الليبية لحل أزمة المصرف المركزي. تفاهمات هامة تُحقق، واتفاق على استكمال المحادثات للتوقيع النهائي.
وقد كانت المشاورات، التي امتدت من الصباح حتى ساعة متأخرة من الليل، فرصة للأطراف المتفاوضة للتعبير عن مواقفها بوضوح ومناقشة السبل الممكنة لتجاوز الخلافات التي تحول دون إعادة تفعيل المصرف المركزي بكامل طاقته. وكانت الصراحة هي العنوان الأبرز لهذه الجلسات، حيث لم يتردد المشاركون في طرح القضايا الشائكة على الطاولة، بما في ذلك توزيع الموارد المالية وإعادة هيكلة المصرف بما يضمن الشفافية والنزاهة.
ومع مرور الساعات، بدأت ملامح التفاهم تظهر تدريجياً، خاصة بعدما أدرك الجميع أن استمرار الأزمة المالية سيؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وسيعمق من حدة الانقسامات بين الأطراف المختلفة. ولعل هذا الإدراك هو الذي دفع بالمفاوضين إلى إبداء مرونة غير معهودة في مواقفهم، مما أسفر عن تحقيق تقارب في وجهات النظر حول عدد من النقاط الأساسية التي كانت محل خلاف.
الاتفاق على رفع التفاهمات للمجلسين للتشاور
في نهاية الجلسة، وبعد نقاشات مطولة استمرت حتى ساعة متأخرة من الليل، توصل ممثلو مجلسي النواب والأعلى للدولة إلى اتفاق مبدئي على عدد من التفاهمات التي تم تحقيقها خلال المشاورات. وقد اتفق الجانبان على رفع هذه التفاهمات إلى المجلسين للتشاور واستكمال المناقشات في جلسات لاحقة. وقد عبر الطرفان عن أملهما في أن تسفر هذه المشاورات عن اتفاق نهائي يعيد الاستقرار إلى مصرف ليبيا المركزي ويمهد الطريق لإصلاحات اقتصادية شاملة تعيد الحياة إلى شرايين الاقتصاد الليبي المتعطش للاستقرار والتنمية.
وفي بيان مقتضب، أكدت البعثة الأممية أن المشاورات التي استضافتها البعثة شهدت “صراحة مطلقة وحرصاً مشتركاً من جميع الأطراف على التوصل إلى حل للأزمة المالية”. وأضاف أن “التفاهمات التي تم التوصل إليها تمثل خطوة مهمة على طريق إعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف، وستساهم بشكل كبير في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي في ليبيا”.
خطوات حاسمة نحو توقيع اتفاق نهائي
ومع انتهاء الجولة الأولى من المشاورات، تتجه الأنظار الآن إلى الجلسة المقبلة التي من المقرر أن تعقد في اليوم التالي، حيث من المتوقع أن تستكمل الأطراف مناقشاتها بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي. ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً ومليئاً بالتحديات، إلا أن التفاهمات التي تحققت حتى الآن تبعث برسائل إيجابية إلى الشعب الليبي وإلى الشركاء الدوليين الذين يراقبون الأوضاع في ليبيا عن كثب.
إن الأزمة المالية التي تعصف بليبيا منذ سنوات ليست مجرد مسألة داخلية، بل هي قضية ذات أبعاد إقليمية ودولية، حيث يعتمد الاقتصاد الليبي بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، وبالتالي فإن استقرار المصرف المركزي يعني استقرار قطاع النفط والغاز، الذي يعتبر الشريان الحيوي للاقتصاد الليبي.
وفي هذا السياق، شددت البعثة الأممية على ضرورة أن تتحلى جميع الأطراف بالمسؤولية والجدية في التعامل مع الأزمة المالية، وأن تضع مصلحة ليبيا وشعبها فوق كل اعتبار. وقد أكدت في بيانها أن “التحديات التي تواجه ليبيا في هذه المرحلة تتطلب تكاتف الجهود والعمل بروح الفريق الواحد من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الذي ينشده الليبيون”.
أمل جديد في الأفق
ومع استمرار المحادثات، يبدو أن هناك أمل جديد يلوح في الأفق لإنهاء الأزمة المالية التي أثقلت كاهل الليبيين على مدار السنوات الماضية. فالتفاهمات التي تم تحقيقها خلال الجلسة الأولى تمثل خطوة إيجابية على طريق بناء الثقة بين مختلف الأطراف، وتمهد الطريق لإجراء إصلاحات جذرية في القطاع المالي.
قرَّاء “أخبار ليبيا 24”: البعثة الأممية بين فشل التغيير وتعقيد الأزمة الليبية
وقد أشار عدد من المراقبين إلى أن الحلول التي تم التوصل إليها خلال هذه المحادثات لا تعني نهاية الأزمة، لكنها بالتأكيد تمثل بداية لمسار جديد يعيد الأمل إلى الليبيين في إمكانية تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. كما أن نجاح هذه المحادثات قد يفتح الباب أمام مبادرات أخرى تهدف إلى معالجة قضايا أخرى ذات طابع سياسي واجتماعي وأمني.
في النهاية، يبقى الأمل معلقاً على الجلسة المقبلة من المحادثات، حيث يتطلع الليبيون إلى أن يتمكن ممثلوهم من التوصل إلى اتفاق نهائي يضع حداً للأزمة المالية التي أرهقتهم، ويعيد الحياة إلى شرايين الاقتصاد الليبي. وفي ظل هذه التحديات، يبقى السؤال الأهم: هل ستكون الأطراف الليبية على قدر المسؤولية والتحدي؟ وهل ستنجح في التوصل إلى حلول جذرية تعيد الأمل إلى ليبيا وشعبها؟