اغتيال “البيدجا” يعيد شبح الاغتيالات السياسية إلى طرابلس
مقتل "البيدجا" يكشف عن تصاعد الصراعات في ليبيا
أخبار ليبيا 24– إنفوغرافيك
-
“البيدجا”: من تهريب البشر إلى قائمة المطلوبين دوليًا.
-
عملية اغتيال جديدة تفتح فصلًا آخر من العنف في طرابلس.
-
تصاعد التوتر بين الميليشيات في الزاوية بعد مقتل “البيدجا”.
-
الاغتيالات السياسية في طرابلس تعود إلى الواجهة.
شهدت المنطقة الغربية جريمة اغتيال جديدة أعادت إلى الأذهان أجواء الفوضى والعنف التي عرفتها في السنوات الماضية. عبد الرحمن ميلاد، المعروف باسم “البيدجا“، أحد أبرز المتورطين في قضايا تهريب البشر والوقود، لقي حتفه في عملية اغتيال مدبرة أمام الأكاديمية البحرية في جنزور. هذه العملية أثارت حالة من الذعر والتوتر في المدينة، وأعادت فتح ملف الاغتيالات السياسية في ليبيا.
“البيدجا”: من حارس سواحل إلى تاجر بشر
عبد الرحمن ميلاد، المولود في مدينة الزاوية عام 1990، لم يكن مجرد اسم عابر في المشهد الليبي. منذ بداية ظهوره، ارتبط اسمه بعمليات تهريب البشر عبر البحر المتوسط، وجرائم أخرى تتعلق بالاتجار بالمهاجرين. بدأ “البيدجا” مسيرته كضابط في خفر السواحل، لكنه سرعان ما تحول إلى واحد من أكبر المهربين في البلاد. تورط في شبكات تهريب المهاجرين والوقود عبر البحر المتوسط، وكانت الأمم المتحدة قد وضعت اسمه على قائمة العقوبات في عام 2018، متهمة إياه بتزعم شبكة إجرامية متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تعذيب المهاجرين وإغراق قواربهم في عرض البحر.
تورط في أعمال عنف وصراعات محلية
لم يتوقف نشاط “البيدجا” عند حدود التهريب. بل شارك في معارك ضد الجيش الوطني الليبي جنوبي طرابلس، وشارك في الهجوم على ميليشيات الوفاق في مدينتي صبراتة وصرمان، مما جعل منه شخصية محورية في النزاعات المسلحة في ليبيا. هذا الدور جعله هدفًا للعديد من الأطراف المتصارعة، وكان دائمًا في دائرة الضوء بسبب علاقاته المتشابكة مع مختلف الفصائل المسلحة في البلاد.
اعتقال وإفراج مثير للجدل
في 14 أكتوبر 2020، ألقي القبض على “البيدجا” بتهمة الاتجار بالبشر، لكن في 11 أبريل 2021، تم الإفراج عنه من قبل النيابة الليبية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية. اعتبر الكثيرون الإفراج عنه خطوة غير مبررة، وجاءت هذه الخطوة في وقت كانت فيه التوترات بين ميليشيات الزاوية وقوات حكومة الوفاق السابقة في تصاعد. وبالرغم من التبريرات التي قدمتها الحكومة للإفراج عنه، إلا أن العديد من الأطراف رأت في ذلك تنازلًا لمصلحة جماعات مسلحة متورطة في أعمال غير قانونية.
اغتيال أمام الأكاديمية البحرية
في 31 أكتوبر 2021، عُيّن “البيدجا” رئيسًا للجنة قبول أكاديمية الدراسات البحرية في طرابلس. وبعدها بفترة وجيزة، وفي حادثة صادمة، تعرض للاغتيال أمام بوابة الأكاديمية. تفاصيل العملية لا تزال غامضة، لكن شهود العيان أكدوا أن سيارات مصفحة قامت بإغلاق الطريق أمام سيارة “البيدجا”، قبل أن يتم إطلاق النار عليه بوابل من الرصاص. فارق الحياة بعد لحظات من نقله إلى المستشفى، وسط حالة من الذعر والقلق بين طلاب الأكاديمية البحرية والمواطنين الذين شهدوا الواقعة.
اغتيال “البيدجا” يعيد العنف إلى طرابلس ويكشف عن توترات متزايدة بين الميليشيات، وسط تساؤلات عن مستقبل الاستقرار في ليبيا.
التداعيات السياسية والاجتماعية
اغتيال “البيدجا” يطرح تساؤلات كثيرة حول هوية الجناة، والأهداف التي تقف وراء هذا الاغتيال. يرى بعض المحللين أن العملية قد تكون جزءًا من تصفية حسابات بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، خصوصًا وأن “البيدجا” كان يحظى بدعم ميليشيا قوية في الزاوية. من جهة أخرى، يشير آخرون إلى أن الاغتيال قد يكون مؤشرًا على محاولة بعض الأطراف لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار في طرابلس، بهدف تحقيق مكاسب سياسية أو فرض أمر واقع جديد.
ردود فعل دولية ومحلية
جاءت ردود الفعل على اغتيال “البيدجا” متباينة. البعض رحب بالحادثة واعتبرها “نهاية طبيعية” لشخص متورط في جرائم بشعة، بينما حذر آخرون من أن اغتياله بهذه الطريقة قد يشكل خطرًا على الاستقرار في العاصمة، وقد يؤدي إلى تصعيد جديد بين الفصائل المسلحة. على الصعيد الدولي، لم تصدر حتى الآن تعليقات رسمية من الدول الغربية أو الأمم المتحدة، لكن من المتوقع أن يتبع هذا الاغتيال ردود فعل قوية، خصوصًا وأن “البيدجا” كان مدرجًا على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي.
خاتمة: مستقبل طرابلس في مهب الريح
مع استمرار حالة عدم اليقين في ليبيا، يبقى السؤال المطروح هو: ما هو مستقبل طرابلس؟ هل سيعيد اغتيال “البيدجا” العاصمة إلى دائرة العنف والفوضى؟ أم أن الحكومة ستتمكن من احتواء الوضع وفرض سيطرتها على الأرض؟ إن حادثة اغتيال “البيدجا” تعيد إلى الأذهان فترات الفوضى والاقتتال الداخلي التي أدت إلى تفكك النسيج الاجتماعي والسياسي في ليبيا. وعلى الحكومة الحالية أن تكون على دراية بأن أي تصعيد جديد قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية ويزيد من حدة الصراع.
ختاماً، إن مقتل “البيدجا” يشكل تذكيرًا صارخًا بأن استعادة السلام والاستقرار في ليبيا يتطلب أكثر من مجرد إزاحة الأفراد المتورطين في الجرائم، بل يحتاج إلى بناء مؤسسات قوية تحمي حقوق الإنسان وتضمن العدالة للجميع، وتفتح صفحة جديدة من السلام والتنمية في هذا البلد المضطرب.