درناوي يصفُ تفاصيل الفاجعة ويقول: دانيال حول درنة إلى أثرٍ بعد عين “3”
شهادات الناجين من عاصفة دانيال: قصص تقشعر لها الأبدان

أخبار ليبيا 24
-
عاصفة دانيال تضرب درنة بقوة وتدمر الأحياء.
-
الناجون يروون لحظات الرعب والهروب من الموت.
-
المستشفى يتحول إلى مركز طوارئ مزدحم بالمصابين والقتلى.
-
عاشور يصف كيف جرفته المياه لمسافات طويلة ونجا بأعجوبة.
-
النجاة كانت تحديًا كبيرًا، والمدينة تحولت إلى خراب.
الساعات الأولى من الكارثة.. لحظات الرعب والذعر
في الثالث من سبتمبر 2023، لم يكن أحدٌ في مدينة درنة يتوقع أن تكون الليلة التي ستغير كل شيء. كانت المدينة تعيش حالة من الهدوء المشوب بالحذر، مع ترقب وصول عاصفة دانيال التي كانت تتقدم نحو الشواطئ الليبية بسرعة مخيفة. الأهالي، الذين عاشوا سنوات من الاضطرابات والصراعات، لم يكونوا على استعداد لمواجهة كارثة طبيعية بهذا الحجم.
بينما كان الأهالي يتبادلون الأخبار عن العاصفة المقبلة، بدأت الرياح تعصف بأزقة المدينة القديمة، محملةً بالغبار والأمطار الغزيرة التي بدأت تزداد كثافتها. في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف ليلًا، كان فارس عاشور، أحد سكان درنة، يستمتع بأجواء عائلية دافئة في منزله الكائن في حيٍّ قديم من أحياء المدينة. يقول فارس: “كان السكون يسيطر على المكان، لكن شعرتُ أن هناك شيئًا غير طبيعي في الجو.”
ومع اقتراب الساعة من الثالثة فجرًا، استيقظ فارس على صوت صراخٍ مرعب لزوجته، التي أيقظته وهي تصرخ: “المياه في المنزل!” في لحظات تحول منزل فارس إلى بركة من المياه البنية الممزوجة بالطين والحجارة. يتذكر فارس تلك اللحظة كأنها مشهد من كابوسٍ مرعب: “كان السيل يدخل بقوة، يُحطم كل شيء في طريقه.”
درناوي يصفُ تفاصيل الفاجعة ويقول: دانيال حول درنة إلى أثرٍ بعد عين | الجزء الأول
عاشور “الناجي” : ‘ظننتُ أني سأفقد حياتي في السيل’
عاشور، أحد الناجين من الكارثة، يروي كيف أن المياه جرفته لمسافات طويلة، مع السيارات والأشجار التي اقتلعتها العاصفة من جذورها. “لم أكن أعتقد أنني سأعيش لأروي ما حدث”، يقول عاشور، وهو يصف كيف أن المياه جرفته بعيدًا عن منزله: “كان السيل من المفترض أن يأخذني إلى البحر مباشرة، ولكن، بقدرة الله، حملني إلى الجانب الأيمن.”
في تلك اللحظات المروعة، يروي عاشور كيف أن جيرانه اعتقدوا أنه مات مع والدته، ولكنهم تفاجأوا بنجاته. “كانت الأسطح متلاصقة، والقفز من سطحٍ إلى آخر كان الخيار الوحيد للنجاة”، يضيف عاشور، وهو يتحدث عن حجم الدمار الذي لحق بالمدينة والأحياء السكنية.
المستشفى يتحول لميدان معركة: جثث في كل مكان
بعدما تم إنقاذه، نُقل عاشور إلى مستشفى باب طبرق، الذي تحول إلى مركز طوارئ مكتظ بالمصابين والقتلى. “كان الوضع في المستشفى رهيبًا، المتوفيين في كل مكان مغطيين بالبطاطيين”، يقول عاشور، ويضيف: “كان كأننا في وضع حرب. كانت الإصابات خطيرة جدًا، وكنت أنزف دماء كثيرة.”
المشهد في المستشفى كان أشبه بفيلمٍ رعب، حيث كان الأطباء والممرضون يعملون بلا توقف لتقديم الإسعافات الأولية. “لم يكن هناك وقت للتفكير، الجميع كان مشغولًا بمحاولة إنقاذ الأرواح”، يقول عاشور.
النجاة من الموت: قصص البقاء والأمل في درنة
رغم الكارثة، كانت هناك لحظات من الأمل والنجاة. يقول عاشور: “كانت هناك لحظات شعرت فيها أنني سأفقد حياتي، لكنني لم أستسلم”. يروي كيف أنه تشبث بحافة سطح أحد المنازل بعدما جرفته المياه، ويضيف: “كنت مذهولًا من الوضع، وكأنني في حلم وليس في حقيقة.”
في تلك اللحظات العصيبة، كان كل شخص يعيش محنته الخاصة، وكان الجميع يحاولون مساعدة بعضهم البعض رغم الخطر. “كان الناس يقفزون من سطح إلى سطح الجيران، يحاولون الخروج من منازلهم التي غمرتها المياه”، يقول عاشور.
ومع بزوغ الفجر، بدأت تتكشف حجم الكارثة التي حلت بالمدينة. الشوارع كانت مليئة بالطين والمياه والحطام، والمباني كانت مدمرة بشكلٍ شبه كامل. “كانت الفاجعة أكبر مما تصورنا”، يقول عاشور، وهو يتذكر تلك اللحظات المرعبة.
الآن، بعد مرور أشهر على الكارثة، يحاول سكان درنة التعافي وإعادة بناء حياتهم. لكن الذاكرة تبقى مثقلة بتلك اللحظات العصيبة. “لن ننسى أبدًا ما حدث، لكننا نحاول أن نمضي قدمًا”، يقول عاشور، ويضيف: “الحياة تستمر، ونحن سنبقى.”
درناوي يصفُ تفاصيل الفاجعة ويقول: دانيال حول درنة إلى أثرٍ بعد عين | الجزء الثاني
الحياة بعد العاصفة: تحديات إعادة الإعمار والأمل بالمستقبل
اليوم، وبعد مرور أشهر على كارثة دانيال، بدأت درنة تعود تدريجيًا إلى الحياة. الشوارع التي غمرتها المياه والطين تم تنظيفها، وبدأت جهود إعادة الإعمار. يقول عاشور: “رغم كل شيء، نحن نحاول أن نبني مدينتنا من جديد. الروح الإنسانية لا تُهزم.”
الجهود المبذولة من قِبل السلطات المحلية والمنظمات الدولية كانت عظيمة، لكن الطريق لا يزال طويلًا. “المنازل تحتاج إلى إعادة بناء، والناس بحاجة إلى الدعم النفسي للتغلب على الصدمة”، يقول عاشور، وهو ينظر إلى المستقبل بأمل.
خاتمة: درسٌ في الصمود والإصرار
رغم الدمار الذي لحق بالمدينة والخسائر البشرية الكبيرة، فإن درنة تظلّ شاهدة على قوة وصمود أهلها. “نحن هنا لنعيش، ولن ننسى من فقدناهم، لكننا سنستمر في الحياة”، يختم عاشور، وهو يعبر عن أمله في مستقبلٍ أفضل.
الكارثة التي حلت بدرنة لم تكن نهاية، بل كانت بداية جديدة، وأهل المدينة مصممون على المضي قدمًا، متحدين كل الصعاب، ومستعدين لمواجهة كل تحديات المستقبل.