أخبار ليبيا 24
-
الدبيبة يمنح تركيا صلاحيات غير مسبوقة على الأراضي الليبية.
-
القوات التركية تتمتع بحرية استخدام الممتلكات الليبية بدون مقابل.
-
حماية تركية على حساب سيادة ليبيا: البنود الكارثية في مذكرة التفاهم.
-
تكاليف باهظة تتحملها ليبيا مقابل تواجد القوات التركية.
اتفاقية التفريط: مذكرة الدبيبة وتركيا تهدد سيادة ليبيا وتُثقل كاهلها ماليًا
في مارس الماضي، أبرمت حكومة الدبيبة منتهية الولاية مذكرة تفاهم مع الحكومة التركية أثارت موجة من الجدل في الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء. هذه المذكرة، التي تتضمن 24 مادة، تمنح القوات التركية صلاحيات واسعة وغير مسبوقة على الأراضي الليبية، وهو ما يعتبره البعض تفريطًا واضحًا في السيادة الوطنية، وخضوعًا للإملاءات الخارجية التي تهدد استقرار البلاد واستقلالها.
تعتبر مذكرة التفاهم هذه امتدادًا للسياسات التي اتبعتها حكومة الدبيبة منتهية الولاية منذ توليها السلطة، حيث اتجهت إلى تعزيز العلاقات مع تركيا، التي تعد أحد أبرز الداعمين لـ عبد الحميد الدبيبة. لكن هذه العلاقات اتخذت منحى جديدًا وخطيرًا مع توقيع مذكرة التفاهم الأخيرة، التي تمنح القوات التركية حرية مطلقة في استخدام الممتلكات الليبية، سواء كانت منقولة أو غير منقولة، بدون دفع أي مقابل أو رسوم.
الصلاحيات الممنوحة للقوات التركية
من أخطر ما تضمنته المذكرة هو حق القوات التركية في استخدام أي ممتلكات تخص الحكومة الليبية أو يتم تخصيصها لها مستقبلاً، وذلك دون الحاجة إلى إذن مسبق أو حتى دفع إيجار. وهذا يعني أن حكومة الدبيبة تفرط في حقوقها الأساسية كدولة ذات سيادة على أراضيها، وتمنح دولة أجنبية حرية التصرف في ممتلكات الشعب الليبي.
مذكرة الدبيبة وتركيا تهدد سيادة ليبيا، تمنح القوات التركية صلاحيات واسعة على حساب الليبيين، وتجعل الحكومة الليبية تتحمل تكاليف باهظة مقابل تواجدها.
إعفاءات مالية وتكاليف باهظة
لم تكتفِ المذكرة بمنح تركيا صلاحيات واسعة على الأراضي الليبية، بل حملت الحكومة الليبية تكاليف باهظة للحفاظ على هذه الامتيازات. الحكومة الليبية ملزمة بموجب هذه المذكرة بتوفير جميع المرافق والخدمات الأساسية التي تحتاجها القوات التركية، مثل صيانة البنية التحتية، وتجديد المباني المخصصة للقوات التركية، وتزويدها بالكهرباء، المياه، والصرف الصحي، وحتى توفير الوقود للمركبات التابعة للقوات التركية.
بل وتتعهد حكومة الدبيبة بعدم مطالبة القوات التركية بأي رسوم طارئة أو عرضية أو إيجارات مقابل استخدام هذه الممتلكات. وهذا يعني أن الشعب الليبي، الذي يعاني من أوضاع اقتصادية خانقة، هو من سيتحمل في النهاية تكاليف تواجد القوات التركية على أراضيه.
الأعباء اللوجستية وتجاهل للقانون الليبي
إلى جانب الأعباء المالية، تضمنت المذكرة أيضًا التزام الحكومة الليبية بتوفير الدعم اللوجستي الكامل للقوات التركية. على سبيل المثال، يتعين على الحكومة الليبية تلبية جميع الطلبات الفنية للقوات التركية لاستخدام المجال الجوي الليبي، كما تعفى جميع المواد التي تحضرها القوات التركية إلى ليبيا من المراقبة أو الضرائب والرسوم.
هذا التجاهل الصارخ للقوانين الليبية يعكس مدى الخضوع الذي أبدته حكومة الدبيبة أمام الإملاءات التركية. القوات التركية تتمتع بحرية غير مسبوقة في التصرف داخل الأراضي الليبية، وهو ما يعزز من مخاوف الشعب الليبي من فقدان السيطرة على مقدرات بلاده لصالح قوة أجنبية.
الولاية القضائية والقوانين التركية
من بين البنود الأكثر إثارة للجدل في المذكرة هو ما يتعلق بالولاية القضائية على الجرائم التي قد يرتكبها أفراد القوات التركية أثناء تواجدهم في ليبيا. بموجب هذه المذكرة، تصبح تركيا هي المسؤولة عن محاكمة أفراد قواتها على أي جرائم يرتكبونها أثناء أداء الواجب أو بسببه. وهذا يعني أن القضاء الليبي لن يكون له أي سلطة على هؤلاء الأفراد، حتى لو ارتكبوا جرائم خطيرة على الأراضي الليبية.
الأمر لا يتوقف هنا، حيث أن الجرائم التي قد يرتكبها أفراد القوات التركية خارج أوقات العمل، ورغم خضوعها للقانون الليبي، إلا أن هناك تشريعات معينة يتم الاتفاق عليها بين الطرفين لتحديد العقوبات المناسبة. هذا البند يعتبر انتهاكًا واضحًا لسيادة ليبيا على أراضيها، ويجعل من القوات التركية كيانًا منفصلًا يتمتع بحصانة خاصة تجعله فوق القانون.
التمديد التلقائي للمذكرة
مما يزيد من خطورة هذه المذكرة هو بند التمديد التلقائي لها. إذ حددت مدة صلاحية هذه المذكرة بثلاث سنوات من تاريخ دخولها حيز التنفيذ، على أن تمدد تلقائيًا لسنة إضافية ما لم يرغب أحد الطرفين في إنهائها. هذا البند يمنح تركيا فرصة غير محدودة للاستمرار في تواجدها العسكري والسياسي على الأراضي الليبية، مما يعزز من هيمنتها ويزيد من عزل ليبيا عن محيطها الإقليمي والدولي.
تحليل سياسي للوضع
إن مذكرة التفاهم هذه تعتبر تجسيدًا للعلاقة غير المتكافئة بين حكومة الدبيبة وتركيا. فبينما تعاني ليبيا من انقسامات داخلية وصراعات مستمرة، تستغل تركيا هذه الظروف لتعزيز نفوذها في البلاد وضمان مصالحها الاستراتيجية. ورغم الادعاءات التي تروج لها حكومة الدبيبة بأن هذه الاتفاقية تأتي في إطار التعاون الثنائي وتعزيز العلاقات بين البلدين، إلا أن الحقيقة تشير إلى أن تركيا تسعى لتحقيق مكاسب على حساب سيادة ليبيا واستقلالها.
ردود الفعل الداخلية والدولية
لقد أثارت مذكرة التفاهم ردود فعل غاضبة من قبل العديد من الفاعلين السياسيين الليبيين الذين اعتبروها خيانة لمبادئ الثورة الليبية وتفريطًا في سيادة البلاد. هناك دعوات متزايدة من داخل ليبيا لإلغاء هذه المذكرة ووقف تواجد القوات التركية على الأراضي الليبية. كما أن بعض القوى الإقليمية والدولية أبدت قلقها من التدخل التركي المتزايد في ليبيا، والذي قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.
التبعات المستقبلية
تضع مذكرة التفاهم هذه ليبيا أمام تحديات كبيرة على المدى الطويل. فالتبعات الاقتصادية المترتبة على التزام الحكومة الليبية بتغطية تكاليف تواجد القوات التركية، إلى جانب المخاطر الأمنية التي قد تنجم عن منح تركيا صلاحيات واسعة، تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في البلاد. على الرغم من التحديات التي تواجهها ليبيا، إلا أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في هذه الاتفاقية بما يحفظ مصالح البلاد ويضمن سيادتها على أراضيها.
تعد مذكرة التفاهم بين حكومة الدبيبة وتركيا خطوة خطيرة تهدد سيادة ليبيا وتضعف من قدرتها على اتخاذ قراراتها بشكل مستقل. هذه المذكرة ليست فقط اتفاقية تعاون عسكري، بل هي بمثابة اتفاقية خضوع تجعل من ليبيا دولة تابعة لتركيا، تتحمل فيها الحكومة الليبية تكاليف باهظة وتخضع فيها القوات التركية لقوانينها الخاصة. على الليبيين التحرك فورًا لمراجعة هذه الاتفاقية وإعادة تقييم العلاقة مع تركيا بما يحفظ حقوقهم وسيادتهم على أراضيهم.