أخبار ليبيا 24
- الزبيدي: مجلس النواب تحفظ على بعض مواد اتفاق الصخيرات ولم يُدستر الاتفاق
- الحكومة والرئاسي فشلا في تنفيذ اتفاق جنيف وتجاوزا اختصاصاتهما
- إنشاء لجنة انتخابات بديلة: تجاوز للإعلان الدستوري وتحدٍ للبرلمان
- إرادة شعبية مطلوبة لتغيير الواقع الليبي في ظل غياب الاعتراف الدولي
الزبيدي: اتفاق الصخيرات صنع العلاقة بين البرلمان والرئاسي لكنه لم يُدستر
في خضم الصراع السياسي المتواصل في ليبيا، تتجلى تعقيدات المشهد من خلال التحليلات القانونية التي يقدمها الخبراء، والتي تكشف عن الجوانب الخفية للعلاقة بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي. محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولي، يسلط الضوء على أهمية اتفاق الصخيرات 2015 الذي كان حجر الزاوية في تأسيس العلاقة بين البرلمان والمجلس الرئاسي. ومع ذلك، يشير الزبيدي إلى أن مجلس النواب لم “يدستر” هذا الاتفاق، مما أدى إلى استمرار حالة من الغموض وعدم الاستقرار.
وأوضح الزبيدي في تصريحات صحفية رصدتها “أخبار ليبيا 24” أن مجلس النواب، عند توقيع اتفاق الصخيرات، تحفظ على بعض مواده، ولم يتم إدراجها في الدستور الليبي. هذا التحفظ كان ينبع من الشكوك حول قدرة الحكومة التي كان يقودها فايز السراج على إجراء الانتخابات وإدارة المرحلة الانتقالية. هذه الشكوك لم تكن بلا أساس، فقد أثبتت الأحداث اللاحقة أن الحكومة والمجلس الرئاسي فشلا في تنفيذ ما نص عليه “اتفاق جنيف”، وتجاوزا اختصاصاتهما بشكل واضح.
مجلس النواب تحفظ على بعض مواد اتفاق الصخيرات ولم يُدستر الاتفاق
يؤكد الزبيدي أن مجلس النواب كان حذرًا عند توقيع اتفاق الصخيرات، حيث أبدى تحفظاته على بعض المواد التي اعتبرها غامضة أو قد تُستخدم لتقويض سلطته. هذا التحفظ دفع البرلمان إلى عدم دسترة الاتفاق، مما جعله اتفاقًا غير مكتمل وغير ملزم من الناحية الدستورية. الزبيدي يرى أن هذا القرار كان حكيمًا في ضوء ما حدث لاحقًا من تجاوزات ارتكبها المجلس الرئاسي والحكومة.
مجلس النواب، باعتباره الجهة التشريعية الوحيدة المنتخبة في ليبيا، كان يدرك أن الالتزام الكامل بالاتفاق دون معالجة التحفظات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة. ولهذا السبب، اختار عدم إدراج بعض المواد في الدستور، مما أدى إلى استمرار حالة من الصراع القانوني والسياسي بين البرلمان والمجلس الرئاسي.
محمد الزبيدي: اتفاق الصخيرات لم يُدستر بسبب تحفظات البرلمان. الرئاسي والحكومة تجاوزا اختصاصاتهما، والاعتراف الدولي بقرارات البرلمان لن يغير الواقع الليبي.
الحكومة والرئاسي فشلا في تنفيذ اتفاق جنيف وتجاوزا اختصاصاتهما
من جانبه، يرى الزبيدي أن فشل المجلس الرئاسي والحكومة في تنفيذ ما نص عليه “اتفاق جنيف” كان نتيجة مباشرة لعدم قدرتهم على التعامل مع التعقيدات السياسية والاجتماعية في ليبيا. فالاتفاق الذي كان يهدف إلى تنظيم الانتخابات وإجراء المصالحة الليبية لم يحقق أهدافه، بل على العكس، شهدنا تجاوزات واضحة للاختصاصات، خاصة فيما يتعلق بإنشاء لجنة انتخابات بديلة للمفوضية العليا للانتخابات.
الزبيدي يشير إلى أن هذا التجاوز كان بمثابة تحدٍ صريح للبرلمان، الذي يعتبر المفوضية العليا للانتخابات الجهة الشرعية الوحيدة المعنية بتنظيم الانتخابات في البلاد. هذا الصراع على الصلاحيات أدى إلى مزيد من التعقيد في المشهد السياسي الليبي، وزاد من حدة الانقسامات بين مختلف الأطراف.
إنشاء لجنة انتخابات بديلة: تجاوز للإعلان الدستوري وتحدٍ للبرلمان
في هذا السياق، يوضح الزبيدي أن إنشاء لجنة انتخابات بديلة للمفوضية العليا للانتخابات يمثل تجاوزًا للإعلان الدستوري الذي ينظم عمل المؤسسات الليبية. هذا التجاوز لم يكن مجرد خطأ إداري، بل يعكس محاولة واضحة من المجلس الرئاسي والحكومة لفرض رؤيتهما على البرلمان وتهميش دوره.
الزبيدي يرى أن هذه الخطوة كانت بمثابة تحدٍ مباشر لسلطة البرلمان، الذي يعتبر الجهة الشرعية الوحيدة المعترف بها دوليًا لتنظيم الانتخابات. هذا الصراع على السلطة بين البرلمان والمجلس الرئاسي يعكس عمق الأزمة في ليبيا، ويؤكد على ضرورة وجود حلول جذرية تضمن إعادة توزيع الصلاحيات بشكل عادل وواضح.
إرادة شعبية مطلوبة لتغيير الواقع الليبي في ظل غياب الاعتراف الدولي
في ظل هذا الصراع المتواصل، يشير الزبيدي إلى أن الاعتراف الدولي بقرارات البرلمان من عدمه لن يغير الواقع الليبي. فالبرلمان، كما يوضح، هو الجسم الشرعي الوحيد المنتخب في ليبيا، ويجب أن يكون له الدور الرئيسي في حل الأزمة. ومع ذلك، يرى الزبيدي أن الرهان على الموقف الدولي ليس كافيًا لتحقيق التغيير المطلوب.
الزبيدي يؤكد أن الحل الحقيقي يكمن في إرادة الشعب الليبي نفسه. فبدون دعم شعبي قوي، لن يكون لأي قرارات أو اتفاقيات تأثير حقيقي على الأرض. هذا الدعم الشعبي يجب أن يترجم إلى ضغوط على الأطراف المتصارعة للتوصل إلى حلول توافقية تضمن الاستقرار والأمن في البلاد.
ويضيف الزبيدي أن الكثير من البرلمانات العربية لم يعترف بها المجتمع الدولي، ورغم ذلك تمكنت من تحقيق أهدافها بناءً على إرادة شعبية قوية. هذا الدرس، حسب الزبيدي، يجب أن يكون مرجعًا لليبيين، الذين باتوا بحاجة ماسة إلى إرادة جماعية للخروج من أزمتهم الحالية.
ختامًا، يعتبر محمد الزبيدي أن الأزمة الليبية الحالية هي نتيجة لتراكمات طويلة من الصراعات والتدخلات الخارجية. اتفاق الصخيرات، الذي كان من المفترض أن يكون حلاً للأزمة، لم يتم تفعيله بشكل كامل بسبب تحفظات البرلمان وعدم دسترته. هذا الفشل في التنفيذ، إلى جانب التجاوزات التي ارتكبها المجلس الرئاسي والحكومة، زاد من تعقيد الوضع وأدى إلى حالة من الانقسام والجمود. ومع ذلك، يرى الزبيدي أن الحل لا يزال ممكنًا إذا ما توافرت الإرادة الشعبية اللازمة لدعم البرلمان والضغط من أجل تنفيذ حلول توافقية. الاعتراف الدولي بقرارات البرلمان قد يكون عاملًا مساعدًا، ولكنه لن يكون حاسمًا ما لم يكن هناك دعم حقيقي من الشعب الليبي نفسه.