أخبار ليبيا 24
تحت سماء بنغازي، وفي ليلة حملت في طياتها هموم الكهرباء المتأرجحة، جاء الفجر بشيء من الأمل بعد أن شارف الظلام على التسلل إلى أروقة المنازل والمستشفيات. حيث حملت الأمواج الكهربائية المتذبذبة تهديداً بقطع الأمل والضوء عن أهالي المنطقة الشرقية، لتدق ساعة العمل المستميت وتبدأ فرق الطوارئ في سباق مع الزمن.
حماد يصدر تعليمات عاجلة لحماية شبكة الكهرباء في المنطقة الشرقية
لقد كانت اللحظات الأولى للأزمة بمثابة إنذار حاد، دق جرسه في قلب رئيس الحكومة الليبية، الدكتور أسامة حماد، الذي استشعر خطورة الموقف، وأصدر أوامره فوراً إلى وزير الكهرباء والطاقات المتجددة، الدكتور عوض البدري. لم تكن تلك الأوامر مجرد كلمات في الهواء، بل كانت توجيهات حازمة، تطلبت تدخلات فورية لحماية شبكة الكهرباء في المنطقة الشرقية من الانهيار التام.
ليبيا.. العاشرة عربياً في استهلاك الكهرباء وتوقعات سكانية متزايدة
خروج وحدات توليد يؤدي إلى تذبذب التردد بمحطة شمال بنغازي
بين الجبال والهضاب، تقف محطة شمال بنغازي، كأكبر محطات التوليد في تلك البقعة الجغرافية. خروج وحدات التوليد بالجناح الغربي أدى إلى تذبذب خطير في التردد، مما دفع إدارة التحكم الجهوي إلى اتخاذ إجراءات حاسمة. بدأت المرحلة الأولى من المخطط الدفاعي، محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن لم يكن الأمر سهلاً. تعالت صيحات الطوارئ، وتعالت معها الجهود المتفانية من كل صوب وحدب.
غرفة الطوارئ بوزارة الكهرباء تعيد التيار الكهربائي لقسم الطوارئ بمركز بنغازي الطبي
في تلك اللحظات الحرجة، انبثقت شعلة من الأمل حينما تكللت جهود غرفة الطوارئ الرئيسية بوزارة الكهرباء بالنجاح. استطاعت الفرق الفنية إعادة الكهرباء إلى قسم الطوارئ بمركز بنغازي الطبي، وكأنما أنعشوا قلباً كاد أن يتوقف. امتدت ساعات العمل بلا كلل أو ملل، أربعة عشر ساعة من العطاء المتواصل، أعادت خلالها الكهرباء لبعض أجزاء المركز الطبي، بعد أن كانت الظلمة هي السيد.
صيانة عاجلة تنقذ محطة بنغازي من الإظلام التام
مشهد آخر كان يحدث في ذات الوقت، حينما صدرت التعليمات العاجلة من معالي الوزير إلى غرفة الطوارئ الرئيسية بالتوجه فوراً إلى مركز بنغازي الطبي. حريق في إحدى محطات 400، الساعة كانت تشير إلى الواحدة صباحاً، وكأن الوقت يتآمر مع الأزمة ليزيدها تعقيداً. لكن، وبعزيمة الرجال الأوفياء، تم إجراء الصيانة اللازمة وإرجاع المحطة للعمل، وتوصيل التيار الكهربائي إلى الأقسام الداخلية للمركز الطبي.
قراء أخبار ليبيا 24 يحملون المسؤولين فساد قطاع الكهرباء ويطالبون بحلول فورية
التنسيق والعمل الجماعي هما الأساس في مواجهة الأزمات
هذه الأزمة، التي بدأت بتذبذب في التردد، أظهرت أن التنسيق والعمل الجماعي هما الأساس في مواجهة الأزمات. لم يكن الأمر مجرد أزمة كهرباء، بل كان اختباراً لقدرة الإنسان على التكيف والتحمل والعمل تحت الضغط. خرجت وحدات التوليد من الخدمة، ولكن لم يخرج الأمل من قلوب من كانوا يعملون ليل نهار لحل المشكلة.
أصوات الشكر والتقدير تخرج من قلوب أهالي بنغازي
في الجانب الآخر، كانت هناك أصوات الشكر والتقدير تخرج من قلوب أهالي بنغازي، الذين شهدوا بعينهم عودة النور إلى حياتهم. كان النور أكثر من مجرد ضوء؛ كان وعداً بأن هناك دائماً من يسهر على راحتهم وأمانهم. كان التحدي كبيراً، ولكن الأكبر كان القدرة على تجاوزه بتلك الروح الجماعية.
إنها قصة عن النور في قلب الظلام، عن الجهود التي لا تعرف الكلل، وعن الإنسان الذي يثبت مرة أخرى أنه قادر على مواجهة التحديات الأكبر، مهما كانت الظروف. خرجت وحدات التوليد عن الخدمة، لكن عزيمة الرجال لم تخرج، واستمر العمل حتى أعيدت الحياة إلى مسارها الطبيعي.
بنغازي، المدينة الصامدة، شهدت في تلك الليلة واحدة من معارك النور ضد الظلام، لتستمر الحياة، ويبقى الأمل مشعاً، كما هو دائماً في قلوب المؤمنين بقدرة الإنسان على الصمود والتحدي.