أخبار ليبيا 24 – خاص
في زاوية معزولة من مركز طبرق الطبي، داخل غرفة العناية المركزة، تجتمع قصص أربعة مهاجرين مصريين نجوا من رحلة الموت التي نسجتها أحلامهم ونسفها تجار البشر المهربين. هؤلاء المهربون، الذين يجنون المال مقابل أوهام غير حقيقية، يسحبون أرواح المهاجرين إلى نهايات مأسوية تتراوح بين القفار الجافة ومخازن الهجرة الخالية من الطعام والشراب، حيث التعذيب والإهانة هما السمة البارزة.
تابع مراسل وكالة “أخبار ليبيا 24” في طبرق حادثة انقلاب سيارة مهاجرين كانت تحمل 18 مهاجراً مصرياً، وسائق ليبي ومعاونه. أربعة فقط نجوا، ليحكوا للوكالة تفاصيل رحلتهم المروعة، ويعضوا أصابع الندم على قرار خوض تلك المخاطر.
المهاجر الأول.. علي من الفيوم – مصر
علي، ابن الثانية والعشرين، يعاني من ظروف معيشية صعبة في محافظته الفيوم. مثله مثل شباب كثيرين في منطقته، تأثر بقصص الهجرة التي توهم الثراء السريع، فأصبح يرى فيها حلاً لمشاكل أسرته المالية. دفع علي مبلغ 15 ألف جنيه مصري، جمع جزءاً منه بالاستدانة والباقي بمساعدة عائلته، وسلمه للمهرب برغبة وأمل.
بدأت رحلته من الفيوم إلى السلوم، حيث تسلمهم مهرب آخر يجيد التنقل عبر الصحراء. ساروا على الأقدام عبر الحدود الليبية، بدون طعام أو شراب، حتى وصلوا إلى مخزن الهجرة المكتظ بالمهاجرين من مختلف الجنسيات. انتقلوا من مكان إلى آخر، حتى تم حشرهم في سيارة يقودها شاب ليبي ومعه مساعده، وفي الطريق الصحراوي بين التميمي والخروبة انقلبت السيارة، ومات ثمانية من بينهم السائق الليبي.
المهاجر الثاني.. بسام من أسيوط – مصر
بسام، ابن السادسة والعشرين، مر بتجربة مشابهة لعلي. دفع هو الآخر 15 ألف جنيه مصري، وعبر الصحراء والدروب الوعرة ليصل إلى الحدود الليبية. وجد نفسه في مخزن للهجرة، حيث تلقى الضرب والإهانات من المهربين الذين لا يعرفون الرحمة. بسام، الحرفي الزجاجي، كان يطمح للسفر إلى بنغازي. ولكنه وجد نفسه في نفس السيارة مع علي، ليشهد نفس الحادث المروع.
المهاجر الثالث.. آدم من أسيوط
آدم، البالغ من العمر 24 عاماً، دفع مبلغ 20 ألف جنيه مصري جمعها بشق الأنفس. كان يبحث عن حياة كريمة في ليبيا، لكنه وقع في فخ مهربي البشر، وانتهى به المطاف في غرفة العناية المركزة بمركز طبرق الطبي، حيث حظي باهتمام كبير من الطواقم الطبية ورجال الأمن.
المهاجر الرابع.. عبد الله من سوهاج
عبد الله، الشاب الطموح، حلم بالهجرة إلى ليبيا للعمل بجد وتوفير حياة كريمة له ولأسرته. دفع ما طلبه المهرب من مال، ولكن انتهت أحلامه عندما انقلبت السيارة، ليجد نفسه طريح الفراش في غرفة العناية المركزة بمركز طبرق الطبي.
انتهت رحلة الموت، وأسدل الستار على أوهام الهجرة بين الحياة والموت في مركز طبرق الطبي. قدمت مديرية أمن طبرق ونقطة الشرطة داخل المركز والعاملين به خدماتهم من أجل توفير الراحة والطمأنينة للمهاجرين الناجين. هذه القصة قد تكون درساً لبقية المهاجرين الذين يحلمون بهجرة آمنة ومال وفير، لتأمين حياة هانئة لهم ولأسرهم.
