
أخبار ليبيا 24
تحت شمس ليبيا الحارقة وبين رمال صحرائها الواسعة، تتبدد الأحلام وتتقلب الأقدار. هناك، في قلب هذا البلد الذي يعاني من الانقسامات والصراعات، تتجدد المخاوف بشأن تدفق المهاجرين غير الشرعيين والهاربين من الأحكام الجنائية. يتحدث الخبراء عن تحول ليبيا إلى “ملاذ آمن” لهؤلاء المهاجرين، في ظل سياسات الاتحاد الأوروبي التي تدفع بهم للبقاء في دول العبور.
تشير التقارير إلى أن ليبيا، بساحلها الممتد ومساحتها الشاسعة، أصبحت محطة عبور رئيسية ومأوى للهاربين من الحروب والأحكام في بلدانهم. آلاف المهاجرين يتكدسون في المدن الليبية دون أي وثائق شخصية، ما يجعلهم عرضة للاستغلال والانتهاكات.
خبراء يحذرون: ليبيا قد تتحول إلى ملاذ آمن للمهاجرين غير الشرعيين والهاربين من الأحكام الجنائية
يرى الخبراء أن هذا الوضع يهدد بتحويل ليبيا إلى مركز لتجارة البشر، حيث يُستغل المهاجرون من قبل شبكات إجرامية تسعى للربح غير المشروع.
لم يقتصر الأمر على سياسة الاتحاد الأوروبي، إذ تشير بعض التقارير إلى قيام دول مجاورة بترحيل المهاجرين إلى ليبيا، مما يزيد من تعقيد الأزمة. وفي ظل تصاعد القوى اليمينية المتطرفة في أوروبا، والتي تسعى لفرض سياسات صارمة لمنع وصول المهاجرين، تزداد الضغوط على ليبيا لاستيعاب هؤلاء الهاربين.
على السواحل الليبية، تجري عمليات إنقاذ للمهاجرين العالقين في البحر المتوسط، حيث تتدخل فرق حفر السواحل الدولية لإنقاذ هؤلاء المهاجرين الذين يخاطرون بحياتهم للوصول إلى أوروبا. لكن بعد إنقاذهم، يتجهون إلى مراكز احتجاز مزدحمة وظروف قاسية، حيث يتعرضون للابتزاز والتعذيب وحتى القتل، وفق تقارير حقوقية.
تفاقم أزمة المهاجرين في ليبيا: سياسة الاتحاد الأوروبي تحت المجهر
ويؤكد الخبراء في مجال حقوق الإنسان أن سياسات الاتحاد الأوروبي التي تعتمد على نقل مسؤولية الهجرة إلى دول أخرى مقابل تقديم مساعدات، تؤدي إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويضيفون أن هذه السياسات تخفق في معالجة الأسباب الجذرية للهجرة، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمة في ليبيا، حيث يتزايد عدد الأشخاص الذين يستغلون المهاجرين لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
تشير التقارير إلى أن الوضع الإنساني في ليبيا يتدهور بشكل كبير بسبب زيادة أعداد المهاجرين، مما يترتب عليه زيادة الانتهاكات لحقوق الإنسان، فضلاً عن المخاوف من تحول البلاد إلى محطة عبور أو ملاذ آمن للمهاجرين، سواء كانوا طالبي اللجوء أو هاربين من أحكام قضائية في بلدانهم.
وتشير الإحصاءات إلى اعتقال المئات من المهاجرين وترحيلهم إلى ليبيا في منتصف العام الماضي. وبحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن هؤلاء المهاجرين يتعرضون لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك التعذيب والعمل القسري. وفي ظل غياب ردود فعل رسمية من الجانب الليبي، يبقى الوضع غامضاً ومقلقاً.
ويرى الخبراء أن استعادة السيادة والهيبة للدولة الليبية عبر توحيد المؤسسات العسكرية تحت قيادة واحدة هو السبيل الوحيد لمواجهة هذه التحديات. إن إعادة بناء الدولة الليبية يجب أن تتم بعيداً عن التدخلات الأجنبية التي تزيد من تعقيد الوضع وتدفع البلاد إلى مزيد من الفوضى.
انتهاكات جسيمة وبيع مهاجرين: الوجه المظلم لتدفق اللاجئين في ليبيا
ويشير الخبراء إلى أن الدولة تواجه مخاطر كبيرة في ظل الانقسام الدولي حول الوضع في ليبيا. ويؤكدون أن المهاجرين يتدفقون بأعداد كبيرة على المدن الليبية، مما يسبب أزمات اجتماعية واقتصادية، خصوصاً في ظل وجود الكثير من المواليد دون وثائق رسمية.
إن رفض الشعب الليبي لتوطين الأجانب قد يبدو غير واضح، نظراً لأن الشارع الليبي اعتاد وجود الأجانب منذ عقود. لكن الخبراء يحذرون من أن التهديد الحالي يكمن في الأعداد الكبيرة والمتزايدة للمهاجرين، والتي قد تسبب أزمة كبرى في المستقبل.
وفي السنوات الأخيرة، وثقت تقارير صحفية عدة عمليات بيع المهاجرين داخل الأراضي الليبية، مما يعكس عمق الأزمة وتورط بعض المسؤولين في شبكات الاتجار بالبشر. إن هذه الممارسات تعكس مدى الفساد والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في ليبيا، حيث يصبحون ضحايا لجشع البعض.
وتعاني ليبيا منذ سنوات من انقسامات حادة وأزمات متلاحقة، تحول دون وجود سلطة مركزية قادرة على إدارة البلاد. إن الفوضى السياسية والأمنية التي تعصف بليبيا منذ عام 2011، تجعل من الصعب على البلاد التصدي لأزمة المهاجرين.
في النهاية، تبقى ليبيا بحاجة ماسة إلى دعم دولي حقيقي ومخلص، يهدف إلى إعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار. إن مساعدة ليبيا في تحقيق هذا الهدف لن يسهم فقط في حل أزمة المهاجرين، بل سيحقق أيضاً الاستقرار والأمان في منطقة تعاني من الفوضى وعدم الاستقرار. يبقى الأمل معقوداً على وجود إرادة دولية صادقة تقود ليبيا إلى مستقبل أفضل، حيث يمكن للمهاجرين والمواطنين على حد سواء أن يعيشوا بكرامة وأمان.