
أخبار ليبيا 24
في عمق البحر الأبيض المتوسط، تتلاطم الأمواج العاتية بأحلام آلاف المهاجرين الفارين من جحيم الفقر والحروب والاضطهاد. تلك القوارب الهشة التي تحملهم، تحولت إلى نعوش عائمة، تشهد على مأساة إنسانية تتكرر بلا رحمة. إنها قصة أمل يتبدد في عرض البحر، وحياة تنتهي قبل أن تبدأ. بين هؤلاء المهاجرين، برزت قصة محمد وصيام، شابين بنغاليين جمعهما القدر على متن قارب هجرة يئن تحت وطأة المهاجرين.
ليبيا.. بوابة العبور إلى أوروبا
محمد وصيام، الشابان البنغاليان، انطلقا من بنغلادش، آملين في حياة أفضل. انتقلا إلى ليبيا عبر الإمارات، بدفع آلاف الدولارات التي جمعتها عائلتاهما ببيع منازلهما. محمد، الذي تعهد بإعالة أسرته بعد وفاة والده، وصيام، الذي حلم بتحقيق مستقبل مشرق لعائلته، وجدا نفسيهما في كابوس لا ينتهي في ليبيا. هناك، عاشا كوابيس لا تُنسى من تعذيب وابتزاز على يد تجار البشر. محمد تعرض للضرب والتهديد بقلع أظافره، بينما صيام حُرم من راتبه وتعرض للصفع عند مطالبته بحقوقه. كان عليهما الهروب من هذا الجحيم بأي ثمن.
على متن القارب، تحديا الأمواج العاتية والجوع والعطش، يخاطران بحياتهما مع كل لحظة. الأمواج لا ترحم، والرياح تعصف بأحلامهما، فيما تتلاشى الحدود بين الحياة والموت. يتذكر محمد كيف جلسا معًا في القسم السفلي المتآكل من القارب، حيث شعرا بالبرد الشديد واستحمّا بالمياه المالحة، فيما طغت رائحة الوقود في الجو. استُخدم كل شيء من القوارير إلى الإسفنج والملابس لإنقاذ القارب، ولكن في النهاية، وجدوا أنفسهم عاجزين أمام قوة البحر.
البحر الأبيض المتوسط.. طريق الأمل المفقود بدايته ليبيا
بفضل هاتف محمول، تمكن المهاجرون من إطلاق نداءات استغاثة عبر الخط الساخن المخصص للمهاجرين. عند قرابة الساعة الرابعة صباحاً، لاحظت سفينة أوشن فايكينغ التي تشغّلها منظمة إنقاذ المهاجرين “إس أو إس ميديتيرانيه” القارب الصغير الذي يستغيث وبدأت الاقتراب. محمد، الذي شكّ في البداية أنهم قراصنة، تساءل: “ما الذي يمكن أن يأخذوه منا؟ لم يبقَ لدينا أي شيء”. أخيرًا، انتُشِل محمد وصيام والمهاجرون الآخرون من البحر، إذ بدوا غير قادرين على الوقوف ومرهقين تماماً.
الآن، بعد أن نُقِلا إلى إيطاليا، يحلمان ببداية جديدة، بعيداً عن كل ما خلفوه وراءهم. طلبات اللجوء تواجه تحديات كبيرة، خاصة مع السياسات المتشددة تجاه المهاجرين. لكن بالنسبة لمحمد وصيام، كل يوم جديد هو ولادة جديدة، فرصة للبدء من جديد، بعيدًا عن كوابيس الماضي وجحيم البحر.
قصة محمد وصيام هي مثال حي لمأساة إنسانية تتجدد مع كل موجة وكل نسمة ريح. علينا كمجتمع دولي أن نبحث عن حلول جذرية، لنحيل هذه القوارب من نعوش عائمة إلى قوارب أمل، تنقل البشر إلى حياة كريمة ومستقبل مشرق.