أخبار ليبيا 24
في ظل سماء ملبدة بالغيوم ورائحة البارود التي تملأ الأجواء، تجد مدينة الزاوية نفسها مجددًا في قلب العاصفة، حيث تشتعل الاشتباكات المسلحة بين الجماعات المتناحرة. هذه الأحداث المأساوية تضع المدينة تحت وطأة الصراع، بينما تتجاهل حكومة الدبيبة منتهية الولاية في طرابلس نداءات الاستغاثة، ويقف المواطنون العالقون في مرمى النيران يتساءلون: إلى متى سيظل هذا الكابوس يطاردهم؟
الوضع الراهن في الزاوية
وسط هذا المشهد القاتم، يبرز صوت عماد عمار، عضو مجلس أعيان وحكماء الزاوية، ليؤكد أن “لا وفيات في صفوف المدنيين جراء الاشتباكات.” ورغم هذا التصريح المطمئن نسبيًا، يعبر عمار عن استيائه من رد الفعل السلبي لـ حكومة الدبيبة منتهية الولاية، تجاه ما حدث في الزاوية، مشيرًا إلى أن الوضع أصبح أفضل مما كان عليه في ساعات الصباح الأولى، لكنه يلفت الانتباه إلى أن الخلافات بين الجهات الأمنية والعسكرية أصبحت متكررة ومزعجة.
يتعقد المشهد أكثر حين يكشف علي أبوزريبة، عضو مجلس النواب، عن جذور النزاع الأخير، موضحًا أن الاشتباكات المسلحة التي شهدتها الزاوية سببها القبض على متهم في جريمة قتل. ويضيف أبوزريبة أن الشخص المتهم تم إطلاق سراحه من قبل مشايخ محسوبين على قوة الإسناد، مما أدى إلى تصاعد التوترات والاعتداء على منطقة أبوصرة من ثلاث محاور، تعكس حجم الفوضى والانقسام الذي تعيشه المدينة.
دعوات لوقف العنف
مع استمرار العنف، يوجه جاب الله الشيباني، عضو مجلس النواب، نداءً إلى عبد الله اللافي، نائب رئيس المجلس الرئاسي والمكلف بملف المصالحة الوطنية، للتدخل الفوري لوقف النزاع. ويشدد الشيباني على ضرورة تواجد اللافي في الزاوية لنزع مسببات الخلاف من جذورها قبل التعاطي مع ملف المصالحة الوطنية الذي يراه متشعبًا ومعقدًا.
الزاوية وردود فعل المنظمات الحقوقية
في هذا السياق، تدين المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا بشدة الاشتباكات المسلحة في الزاوية، وتعتبرها فشلاً ذريعًا لحكومة الدبيبة منتهية الولاية. وتطالب المؤسسة في بيانها “بفتح تحقيق عاجل وشامل في أسباب العنف، وضمان محاسبة المسؤولين عنها.” كما تدعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤوليته القانونية والإنسانية، مشيرة إلى أن الاشتباكات حولت الأحياء السكنية إلى ساحات حرب، ما أدى إلى وقوع عدد من الضحايا والمصابين.
تأثير الاشتباكات على البنية التحتية
من بين الأضرار البارزة، تأتي الأضرار التي لحقت بالشبكة الكهربائية. فقد أعلنت الشركة العامة للكهرباء عن تضرر مكونات الشبكة، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة. ورغم الجهود المستمرة للفرق الفنية لإصلاح الأعطال، إلا أن استمرار الاشتباكات يعرقل عمليات الصيانة وإعادة التيار الكهربائي إلى المناطق المتضررة.
جهود المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية
في ظل هذه الأوقات العصيبة، يعمل مجلس أعيان الزاوية بلا كلل لتهدئة الوضع. يؤكد الهاشمي دخيل، عضو مجلس الأعيان، أن المجلس “في تواصل مستمر مع الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار.” كما أن الهلال الأحمر يسعى جاهدًا لإحداث هدنة وتقديم المساعدات الإنسانية للعائلات العالقة في مناطق الاشتباكات. في الوقت ذاته، تعمل فرق الصيانة بالتعاون مع شركة الكهرباء على معاينة وإصلاح الأضرار التي لحقت بالشبكة الكهربائية لضمان عودة التيار الكهربائي إلى المناطق المتضررة.
دعوات لإنهاء الفوضى
ويرفع الناشط السياسي حسام القماطي صوته مطالبًا بحل نهائي للصراع في الزاوية. يقول بغضب: “لازم نقتنعوا أن فيه ولاد حرام عايشين بينا، لأن اللي قاعد يصير في الزاوية مستحيل يديره حد ولد بيته.” يدعو القماطي إلى إنهاء سيطرة المجرمين على المدينة، راجيًا أن “يرحموا المدنيين.”
وتعكس هذه الأحداث المأساوية في الزاوية التدهور المستمر للوضع الأمني والإنساني. تتطلب الأوضاع الراهنة تدخلًا عاجلًا وحاسمًا لإعادة الهيكلة الأمنية وتفكيك التشكيلات المسلحة غير المنضبطة. ويحتاج أهل الزاوية إلى الأمن والاستقرار، وهم يترقبون بفارغ الصبر أن ينقشع هذا الكابوس عن مدينتهم.