هل ستنجح تشاد في الوصول للانتخابات الرئاسية؟

شبح تأجيل الانتخابات يلاحق دول القارة السمراء فبعد ليبيا التي تسعى للوصول لانتخابات رئاسية منذ سقوط النظام السابق عام 2011 وكانت على بعد خطوات من ذلك في عام 2021 إلا أن التدخل الخارجي أدى إلى فشل الانتخابات. وفي السودان تشهد البلاد حربا أهلية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بسبب التدخل الخارجي لمنع إجراء الانتخابات، واليوم يبدو أن تشاد تتجه نحو الطريق نفسه.
أعلنت الوكالة الوطنية لإدارة الانتخابات التشادية أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى في 6 مايو المقبل بدلاً عن 10 أكتوبر وسيفتح باب الترشح للانتخابات، بداية من يوم 6 وحتى 15 مارس المقبل، إلا أن هذا الخبر تلاه اندلاع اشتباكات مسلحة وسط العاصمة التشادية إنجمينا.
ففي مساء إعلان موعد الانتخابات الرئاسية تم الهجوم على جهاز الأمن الوطني والذي أسفر عن سقوط عدد من الضحايا وفقاً لما جاء على لسان الحكومة التشادية التي اتهمت “الحزب الاشتراكي بلا حدود” والذي يقوده يحي ديلو، بتهمة التحريض على مهاجمة المقر ومحاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا في البلاد.
ورداً على هذه الاتهامات، نفى يحي ديلو في تسجيل صوتي علاقته بمحاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا وعلاقته بأي هجمات أو محاولات للانقلاب على المسار السياسي في البلاد. تسجيل صوتي جاء وسط تساؤلات محلية عن ما إذا كان ديلو لا يزال على قيد الحياة ليتبين أن ديلو قد قُتل بالفعل.
فوفقا لمصادر رسمية، أعلن مدعي الجمهورية بوفاة رئيس الحزب الاشتراكي بلا حدود يحي ديلو بيتشي متأثرا بجراحه التي أصيب بها خلال مواجهة بينه وبين السلطات الأمنية بمقر حزبه صباح 28 فبراير 2024.
على صعيدٍ آخر، أعرب رئيس الوزراء والمرشح الرئاسي ورئيس حزب “المحولون”، سيكسيه ماسرا، على حسابه الرسمي على موقع “أكس” عن حزنه وأسفه على دماء ضحايا الاشتباكات المسلحة وأعرب عن دعمه الكامل وغير المشروط لرئيس الدولة التشادية وضرورة ضبط النفس والعبور بالبلاد إلى بر الأمان.
هذا المنشور دفع العديد للتساؤل أسباب غياب رئيس الوزراء في ظل ما تشهده البلاد، ليتبين أنه متواجد في الولايات المتحدة ولقاءه ممثلي غرفة التجارة وشركة “بانكروفت” الأمريكية ذات الطابع المشبوه في عدد من دول القارة السمراء لما تقوم به من إشعال الفتن والانقلابات والانتفاضات الشعبية.
لقاء ماسرا مع رئيس شركة “بانكروفت” يدل على أن هنالك أيدي خفية تسعى لإحداث فوضى سياسية وأمنية في تشاد كما هو الحال في دول الجوار التشادي، ولطالما كانت علاقة رئيس الوزراء التشادي بواشنطن موضع شك.
الخبراء في الشأن الداخلي التشادي يرجحون أن واشنطن هي الراعي الغير معلن عنه للاتفاقية التي تمت عام 2023 وسمحت لماسرا العودة للبلاد والوصول إلى منصب رئيس الوزراء استعدادًا للمرحلة القادمة وهي تعيينه كرئيس للبلاد.
ويظل السؤال الأهم في الوقت الراهن هل سيستطيع الشعب التشادي تجاوز هذه التحديات والتدخلات الخارجية لإجراء الانتخابات الرئاسية بنجاح؟ أم ستساهم هذه التدخلات في زعزعة الاستقرار وتزيد فرص واشنطن في التمدد وزيادة نفوذها في تشاد والقارة ككل؟
-عبدالرحيم التاجوري: كاتب وباحث في العلوم السياسية والاستراتيجية